السعودية لم تكن تكذب

09 سبتمبر 2015
الرياض لم تستخدم النفط ورقة سياسية (أرشيف/Getty)
+ الخط -
أكثر من تفاعل مع عاصفة النفط التي هبّت قبل أكثر من عام، وأطاحت بنصف الأسعار، قال إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ترفض خفض إنتاجها وتتعمّد إغراق السوق العالمية ببراميل النفط، بغرض تأديب روسيا التي كانت سبباً رئيساً في بقاء نظام الأسد في سورية. 
كما لم يتورع كثيرون عن تفنيد موقف السعودية المتشدد من خفض إنتاجها، على أنه مؤامرة مع أميركا والاتحاد الأوروبي للانتقام من موسكو التي سطت في مارس/آذار 2014 على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وعكرت صفو انفراد الغرب بأوكرانيا الجديدة، فضلاً عن توجيه ضربة اقتصادية لإيران التي كانت وقتذاك تقترب من اتفاق نووي يردّ الروح إلى أسواقها.
الآن وبعد مرور نحو خمسة عشر شهرا على اندلاع أزمة النفط، اتضح أن الرياض لم تستخدم النفط ورقة سياسية، وإنما أخضعت مواردها من الذهب الأسود لحركة السوق طلباً وعرضاً، إذ بات مؤكدا أن هذا الانخفاض الكبير في أسعار النفط لا يناسب المستجدات الطارئة على المملكة، في ظل اتساع تكاليف الحرب على الحوثيين في اليمن.
إذا كانت هناك دولة حريصة على عودة أسعار النفط إلى مسارها الذي يفوق مستوى المائة دولار للبرميل، فستكون السعودية. يكفي أن نتيقظ إلى أرقام مؤسسة النقد السعودية التي أظهرت أن حساب الاحتياطي العام للسعودية، والذي يحوّل إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، فقد في النصف الأول من العام الجاري فقط نحو 27% من قيمته، وهو ما يعادل 244.2 مليار ريال (65 مليار دولار).
ووفق بيانات مؤسسة النقد العربي، فقد تراجع الاحتياطي العام من 904 مليارات ريال (241.2 مليار دولار) في بداية العام، إلى 659.8 مليار ريال (175.8 مليار دولار) بنهاية يونيو/حزيران الماضي، ليصل بذلك إلى أدنى معدل له منذ أبريل/نيسان 2010، حيث كان عند 605.8 مليارات ريال.
والسؤال الآن: هل تتراجع السعودية عن موقفها المتشدد من حصتها في سوق النفط وسط كل هذه الضغوط؟ الإجابة ببساطة "لا"، فالاستراتيجية لم تُبن من البداية على أسس سياسية، كما رجح كثيرون، وإلا لما تحملت السعودية الاستمرار في اللعبة، وبالتالي فإن الثمن الذي تدفعه السعودية حاليا هو اقتصادي بحت، ولا يقتضي التراجع عنه طالما أن السوق- السوق فقط - لم تحمل متغيرات تشجع على ذلك.

اقرأ أيضا: السعودية تفتح أسواقها أمام المصنّعين الكبار
المساهمون