السعودية تزود خزائنها بأموال الاقتراض... تداعيات كورونا وهبوط النفط

16 ابريل 2020
تهاوي العائدات يضاعف العجز المتوقع (فرانس برس)
+ الخط -

 

تسعى المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، لإعادة تزويد خزائنها بالمال عبر الاقتراض، بعد أن تضررت مواردها جراء تهاوي أسعار النفط وخفض الإنتاج، بالتزامن مع تداعيات فيروس كورونا التي أوقفت مختلف القطاعات غير النفطية، ولا سيما السياحة الدينية.

وبدأت السعودية، الأربعاء، تسويق سندات دولارية (أدوات دين) على ثلاث شرائح بفائدة أعلى كثيراً من مستويات الفائدة على السندات الأميركية التي تستثمر فيها المملكة نحو 182.9 مليار دولار حتى نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.

ووفق وثيقة قالت وكالة رويترز، إنها اطلعت عليها، فإن السندات السعودية جاءت لأجل خمس سنوات ونصف، بفائدة 3.15 في المائة فوق الفائدة المحددة على سندات الخزانة الأميركية، وسندات لأجل عشر سنوات ونصف عند نحو 3.25 في المائة، وسندات لأجل أربعين عاماً عند نحو 5.15 في المئة.

وفي مارس/آذار الماضي، حدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات عند 0.758 في المائة، وفائدة ثلاثين عاما عند 1.4 في المائة. والسندات لأجل أربعين عاماً التي طرحتها السعودية، هي الأطول أجلا بالدولار لمقترض خليجي على الإطلاق.

ونشرت "العربي الجديد" يوم الثلاثاء الماضي تقريراً، رصدت فيه توقعات مسؤول بارز في أحد أكبر بنوك الاستثمار الإقليمية بإقدام السعودية على الاقتراض بشكل غير مسبوق خلال الفترة المقبلة في ظل الأضرار البالغة التي يخلفها فيروس كورونا وتهاوي عائدات النفط.

ورفعت الرياض سقف الدين إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من مستوى سابق عند 30 في المائة في مارس/ آذار، بينما كان بنهاية ديسمبر/كانون الأول من العام 2019 عند 24.1 في المائة.

وتتصاعد نسبة الدين من الناتج المحلي بمستويات قياسية منذ عام 2015، لتبلغ بنهاية العام الماضي 24.1 في المائة، بينما لم تتجاوز 1.6 في المائة في 2014.

وكانت وزارة المالية، قد أعلنت في يناير/ كانون الثاني الماضي، إصدار سندات دولية بقيمة خمسة مليارات دولار، كأول طرح خلال 2020 لسد العجز المتوقع في الميزانية العامة.

وكشفت السعودية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن موازنة 2020 بإنفاق 272 مليار دولار (أقل من عام 2019)، مقابل إيرادات بـ222 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 50 مليار دولار، لكن محللين ماليين يتوقعون تضاعف العجز في ظل كورونا وتهاوي النفط.

وأسعار النفط الرخيصة في السوق العالمية، تعمل على جر البلدان المنتجة للخام، ولا سيما في منطقة الخليج العربي إلى الانهيار، والتي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على صادراته.

وتشير بيانات حديثة صادرة عن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية إلى أن السعودية صاحبة الوزن الثقيل في أوبك، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل لتحقيق نقطة تعادل في الأرباح والخسائر، بينما أسعار خام برنت حاليا بعد التوصل لاتفاق خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً لا تتجاوز 30 دولاراً للبرميل، حيث استقرت تقريبا عند نفس مستويات ما قبل الإعلان عن الاتفاق، الأحد الماضي.

وشككت مؤسسات مالية عالمية ومحللون في قطاع الطاقة في جدوى الاتفاق. وتوقع بنك غولدمان ساكس العالمي، الاثنين الماضي، أن تواصل أسعار النفط الهبوط في الأسابيع المقبلة إلى 20 دولاراً للبرميل. وخسر خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي، ما يزيد عن نصف قيمتيهما منذ بداية العام الجاري.

ووفق مسؤول، في واحد من أكبر بنوك الاستثمار الإقليمية، فإن السعودية ستدفع الثمن الأكبر من بقاء أسعار النفط عند مستوياتها المتدنية.

وتظهر حركة السحب من الاحتياطي على مدار السنوات الماضية، أن المملكة قد تخسر ما جنته من أموال في خزائنها تماماً بنهاية عام 2037، وقد تصبح مدينة بمئات مليارات الدولارات في ذات العام، إذا ما استمرت وتيرة الاقتراض على متوسطاتها الحالية، وفق توقعات المسؤول.

لكن توقعات صندوق النقد الدولي، بدت أكثر تشاؤماً، إذ حذر في تقرير له في مارس/آذار الماضي من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج التي توقع أن تندثر أيضا ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024، ثم سلطنة عُمان في 2029، والكويت في 2052.

وأظهرت البيانات الرسمية التي اطلعت عليها "العربي الجديد" أن المملكة خسرت نحو 118.9 مليار دولار من الأصول الاحتياطية منذ 2015، كما قفزت الديون الحكومية إلى أكثر من 180.8 مليار دولار.

المساهمون