السرطان يؤلم الأهل في مصر

04 فبراير 2019
داخل عيادة الطبيب (Getty)
+ الخط -


قبل عشرين عاماً، كانت إيمان تتابع وضع شقيقتها منى هاتفياً، للاطمئنان إلى حالتها الصحّية، بعدما كثرت شكوى الأخيرة من آلام بثديها وظهور كتل غريبة فيه. كان الحديث عن مرض السرطان آنذاك صعباً وقاسياً، نظراً لقلة التعريف والتوعية به، وصعوبة رحلة علاجه. كان المصريون يخشون ذكر اسمه ويطلقون عليه تسمية "المرض الخبيث" ليلحقوها مباشرة بدعاء "اللهم احفظنا".

كان لدى منى ابنتان وابن في مراحل دراسية مبكرة، فلم يكونوا مدركين أيّ شيء عن مرض والدتهم. وبالرغم من دعم زوجها لها، فإنّ ملاذها الوحيد كان شقيقتها الكبرى إيمان. تقول الشقيقة: "في بداية الأمر كنت أطمئنها دائماً: لا تخافي.. إن شاء الله خيراً... قليل من التعب لا أكثر وسيذهب في حاله. لكن تلك الكلمات لم تعد مجدية بعد طلب الطبيب منها الخضوع للتصوير الشعاعي للثدي للتأكد من طبيعة الأورام". تتابع إيمان: "لم أنم لمدة يومين توجساً من نتيجة الأشعة. خوفي كان يسيطر على كلّ تصرفاتي وكلماتي مع منى. لم أتخيل لحظة واحدة أن تصل النتيجة لتؤكد وجود خلايا سرطانية خبيثة. لم أفكر حتى في هذا الاحتمال، لأنه كان يعني لي أنها ستموت".

ظهرت نتيجة الأشعّة، وعلمت بها إيمان من خلال اتصال هاتفي مع زوج شقيقتها. تقول: "لشدة خوفي، لم أكن موجودة معها عندما ظهرت النتيجة". بالفعل، حدث ما كانت تخشاه، فدخلت في نوبة من الانهيار العصبي والبكاء والصراخ، على حدّ قولها، حتى تمالكت أعصابها وذهبت إلى منزل شقيقتها. تعلّق: "في تلك الأيام كان الوضع مختلفاً... السرطان كان كلمة مخيفة ومرعبة وتعني النهاية. كنت خائفة عليها وخصوصاً أنها شابّة، وأبناءها صغار".

في يوم إجراء الجراحة لاستئصال ثدي منى المصاب بالكامل، كانت إيمان تملك قوة وصلابة مُستغرَبة: "يوم العملية، كنت خائفة من نفسي. كنت خائفة من الانهيار، لكن سبحان من قوّاني، فقد بقيت طوال مدة مكوث منى في غرفة العمليات، أقرأ الأدعية والقرآن، من دون أن أبكي حتى. ربما استمرت العملية ثلاث ساعات وربما عشر ساعات، لم أشعر بالوقت".

تعافت منى بعد رحلة علاج كيميائي وإشعاعي استغرقت قرابة عامين، كانت إيمان خلالهما هي السند الحقيقي والمسؤول عن متابعة وحضور مراحل العلاج كافة، حتى التعافي.



بحسب منظمة الصحّة العالمية، ترتفع معدلات الشفاء من بعض أكثر أنواع السرطان شيوعاً، مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الفم وسرطان القولون والمستقيم، عندما يُكشف عنها في مراحل مبكّرة، وتُعالَج بالاستناد إلى أفضل الممارسات المُتبعة في هذا المجال.

بعد مرور نحو أربع سنوات على إجراء منى الجراحة الأولى، ظهرت كتل وأورام في ثديها الآخر، وكان ورماً سرطانياً أيضاً. استأصلته بالكامل في الجراحة الثانية، وخضعت لرحلة العلاج نفسها مجدداً، لكنّها هذه المرة كانت أصعب على منى وأسهل على شقيقتها إيمان. تقول: "في المرة الثانية، كنت أعلم أنّ هناك احتمالاً كبيراً أن تكون الخلايا السرطانية قد تكونت مجدداً، إذ كنت أواظب على مرافقة منى إلى الطبيب وجلسات العلاج الكيميائي والإشعاعي، وكوّنت معرفة كبيرة من ذلك"، وهكذا لم تنهر كما في المرة الأولى. تعافت منى منذ ذلك اليوم، وتواظب على تناول الدواء الذي يحدّ من تجدد الخلايا السرطانية، وتجري فحوصاً وصوراً طبّية دورية للتأكد من عدم تكوين خلايا سرطانية.

أقرّت وزارة الصحّة المصرية عام 2017، أنّ نسبة الإصابة بالسرطان في مصر تصل إلى 166.6 شخصاً في كلّ 100 ألف نسمة. عموماً، فإنّ الدول العربية تقترب نسب السرطان فيها من مصر. ويعتبر سرطان الثدي الأكثر انتشاراً من بين السرطانات بالنسبة للنساء، في معظم أنحاء العالم العربي. ويختلف الأمر بالنسبة للرجال، إذ تتباين الأمراض الأكثر شيوعاً من بلد إلى آخر، ويحتل سرطان المثانة المرتبة الأولى في مصر.



على المستوى العالمي، يعتبر سرطان الكبد الأكثر انتشاراً بين الذكور، بـ 33.63 حالة من بين كلّ 100 ألف رجل، يليه سرطان المثانة، بـ10.7 حالات من بين كلّ 100 ألف رجل. أما في الإناث، فإنّ الأكثر شيوعاً هو سرطان الثدي، بـ 32.4 حالة من بين كلّ 100 ألف امرأة، ثم سرطان الكبد، بـ 13.54 حالة من بين كلّ 100 ألف امرأة.
المساهمون