السراج يسعى لنقل ملف توحيد الجيش الليبي من القاهرة إلى الأمم المتحدة

03 نوفمبر 2018
نجاح السراج بنقل الملف سيمثل نجاحاً له (Getty)
+ الخط -

كشف مصدر دبلوماسي ليبي رفيع المستوى، عن قلق مصري إزاء مساعٍ ليبية لنقل ملف توحيد الجيش والمؤسسة العسكرية إلى الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنّ القاهرة ترغب في الاحتفاظ بالملف، لدعم حلفائها في ليبيا.

وقال المصدر، وهو دبلوماسي بالسفارة الليبية في روما لــ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ مسعى نقل الملف، جاء بعد طلب من حكومة الوفاق بطرابلس برئاسة فايز السراج، من الحكومة الإيطالية بضرورة أن يكون أحد البنود الرئيسية في مؤتمر باليرمو المرتقب في 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، كاشفاً أنّ الطلب لقي استحساناً كبيراً من قبل المسؤولين الإيطاليين.

وترعى القاهرة من خلال اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، لقاءات بين الضباط الليبيين الممثلين لمعسكر الجنرال المتقاعد خليفة حفتر شرقي البلاد، وآخرين ممثلين لحكومة الوفاق منذ مطلع عام 2017، بهدف توحيد المؤسسة العسكرية، كان آخرها منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دون أن تفضي هذه اللقاءات إلى نتيجة، حتى الآن.

وأوضح المصدر أنّ "السراج يشعر بأنّ القاهرة تطرّفت في الآونة الأخيرة في دعمها لتولّي حفتر منصب القائد العام للجيش الليبي، وأنّها تمارس ضغوطاً لقبول الضباط الممثلين للحكومة، في هذا البند".

وقال إنّ "إعلان معسكر حفتر، قبل أسبوعين، عن اتفاق على تأسيس ثلاث مجالس تمثل المؤسسة العسكرية كان حقيقياً، وتم بالفعل بموافقة من بعض ضباط الحكومة، لكن ضباطاً آخرين أبلغوا السراج بامتعاضهم وعدم قبولهم بهذا الطرح، وهو ما يتوافق مع آراء السراج الذي أعلن سريعاً، في بيان رسمي، نفيه وجود مثل هذا الاتفاق".

واعتبر أنّ "نقل ملف توحيد المؤسسة العسكرية إلى رعاية أممية، هو إجراء ناتج عن حنكة ودبلوماسية من السراج، ولن تجرؤ القاهرة على معارضته".

وبحسب تقدير الدبلوماسي، فإنّ "القاهرة وحلفاءها يرون في حفتر رجلاً متعصّباً لآرائه، ولن يلين في مواقفه المصرّة على تولّيه رئاسة الجيش بأي شكل"، مشيراً إلى أنّ "القاهرة تحاول في الوقت عينه، إنقاذ وضعه المتدهور، باعتباره ومقاتليه يمثلون أهمية كبيرة للأمن المصري".

وقال المصدر صراحة إنّ "القاهرة غير مكترثة بشكل كبير لسيطرة حفتر على الجانب الغربي والجنوبي في ليبيا، بقدر ما هي مهتمة بتأمين الجاانب الشرقي المتاخم لها، فضلاً عن تأمين سيطرته على مواقع وموانئ النفط وسط البلاد".

وتابع أنّ "القاهرة لا تدعم حفتر في رغباته التوسعية أكثر من هذا الحد، ولذلك تسعى للموازنة بين وجود حفتر كرجل مؤثر في المؤسسة العسكرية، ورغبتها في التقارب سياسياً مع حكومة الوفاق في طرابلس".

وأضاف الدبلوماسي أنّ "القاهرة شعرت بتخلّي دول جوار ليبيا وهي تونس والجزائر، عن دعم رؤيتها، بعد تأجيل لقاء وزاري لدول الجوار الليبي، كان من المقرر عقده، الأسبوع الماضي، في القاهرة، إلى ما بعد مؤتمر باليرمو".

 وقال إنّ "القاهرة لا تملك من مفاتيح معالجة الأزمة الليبية سوى ملف توحيد الجيش، وبالتالي طلب الجزائر وتونس تأجيل اللقاء الوزاري المقرر عقده في القاهرة، بهدف توحيد رؤى الدول الثلاث، أشعر القاهرة بعدم رضا الدولتين عن طريقة معالجتها للملف، وتخلّيهما عن الشراكة معها".


واعتبر الدبلوماسي، أنّ "نجاح السراج في المقابل، بإقناع الشركاء الدوليين بنقل ملف توحيد المؤسسة العسكرية إلى الأمم المتحدة، من خلال بعثتها في ليبيا، سيمثّل نجاحاً كبيراً له، وسيخفّف من وطأة ضغوط الأطراف الإقليمية بشأن الأزمة في البلاد، من خلال إضعاف حفتر المرغم في المستقبل على القبول بحلول الأمم المتحدة، أو إحراج نفسه برفضها".

والخيار الأخير هذا لن تسمح القاهرة وحلفاؤها به، بحسب الدبلوماسي، مشيراً إلى أنّ "الخيارات أمام داعمي حفتر بدت محدودة، مؤخراً، توازياً مع تزايد الرفض الداخلي لمسلك حفتر الأمني والعسكري في شرق البلاد".

وأشار الدبلوماسي إلى أنّ "حفتر بدا يبحث عن أكثر من اتجاه؛ وآخره إعلان إدارته، الخميس، عن إرساله وفداً عسكرياً للاتحاد الأفريقي، بهدف إطلاع القادة الأفارقة على رؤيته بشأن المؤسسة العسكرية"، معتبراً أنّها "إجراءات تشير إلى ارتباك حفتر، وتخوّفه من نتائج مؤتمر باليرمو الذي يشعر أنّه سيهدّد أوضاعه، ويزيد من حدة المواقف المعاكسة لرؤيته".

المساهمون