الرواية السورية الحقيقية على الشاشة

27 سبتمبر 2015
شهادات صحافيين ونواب عما يحدث في سورية (العربي الجديد)
+ الخط -
التنافس الإعلامي بين قناتين تلفزيونيتين "دي ار" DR و"تي في تو" TV2 في الدنمارك وقنوات وصحف أخرى ومنظمات المجتمع المدني حتى في أصغر الأرياف، من أجل جمع تبرعات للاجئين السوريين.
نخب المجتمع جلست للرد على اتصالات الجمهور للتبرع للسوريين داخل سورية وفي دول الجوار. مراسلون من دمشق وبيروت وعمّان وأربيل وكلس قدموا رواية السوريين عن هجرتهم، عن تشردهم عن مدنهم وقراهم وأحيائهم وعن بلدهم.
طبيبة دنماركية من أصل سوري كانت وما تزال ضمن طواقم المتطوعين تجلس في الاستوديو المختار بعناية في مطار كوبنهاغن وفي الخلفية طائرة من الأسطول الإسكندنافي، كمؤشر على الاستعداد للدعم، تروي القصة ببساطة بصوت غاضب: "لقد ترك الأسد يدمر سورية، كان يفترض أن تجري مثل هذه التحركات من زمن طويل... لكن لا بأس لأهمية كل قرش يدفع". روت القصة السورية ببساطة شديدة كإجابة عن سؤال: "لماذا يغادر هؤلاء سورية؟" فأعطت بالأرقام كطبيبة أعداد الأطباء الذين قتلوا، والمرات التي تعرضت فيها المستشفيات للقصف.

حضرت القصة الصحافية الإنسانية وغابت الأيديولوجيا، تخرج على المشاهدين رئيسة الوزراء السابقة هيلي تورنينغ شميت ورئيس الوزراء الأسبق أندرس فورغ راسموسن داخل البرلمان يوجهان نداء إلى الشعب... ثم رئيس وزراء حكومة يمين الوسط يطالب الشعب بالتبرع.

اقرأ أيضاً: المجر تحذّر اللاجئين السوريين عبر الصحافة اللبنانية


سبق للدنماركيين كشعب أن شاهد مثل هذه الحملة، آخر مرة لأفريقيا، لكن الحساسية هذه المرة حول اللاجئين أكبر، خصوصاً أن الحديث كان عن سورية. ببساطة شديدة فهم الجمهور مقصد أن توضع الخلافات جانباً، فكارثة حقيقية قدمها بأمثلة وبأنسنة "الأرقام".
عند الثامنة والربع وصل المبلغ إلى ستة ملايين كرونه (نحو مليون دولار)، ومن يدفع؟ أطفال صغار تحضروا طيلة الأسبوع بمبادرات بيع ما لديهم من أغراض في ما يشبه "سوق المستعمل"، فرحين بجمع مائة كرونه وما شابه ويروون لما فعلوا ذلك.
خلال ساعتين قفز المبلغ إلى عشرة ملايين دولار... حضر جون لينون بموسيقاه وصوته في الأستوديو، وحضر ممثلون وفنانون بوصلات أبكت جمهوراً من المفترض أنه محايد جداً.
نعم، في الرواية التي قدمها صحافيون وإعلاميون مرور على الخلافات الداخلية حول اللاجئين، لكن في المقابل أدى هذا الإعلام دوراً كان يظن بأنه غاب عن الصورة. أعيد سرد الرواية السورية بقصص واضحة لشخوص يعرفهم مجتمعهم، جاء البرلماني الدنماركي من أصول سورية ــ فلسطينية، ناصر خضر، بصوت مخنوق ليروي وسط دهشة الحاضرين كم شخصاً فقد من أهله تحت التعذيب وبالإعدام المباشر أمام منازلهم، كما في قصة ابن عمه الذي تبرع بمشفى ميداني. أثرت رواية خضر (مع الاعتراف الكامل بأن الرجل مثار جدل داخلي بين المسلمين لمواقفه السياسية) وهزت الدنماركيين الذين لم يعرفوا عنه ذلك.
ناقش الصحافيون والسياسيون دور الإعلام، ولماذا يقدم على مبادرة مثل هذه... في النقاش استخلاص واحد تمثل في أن الصحافة والإعلام ليستا آلة صماء، بل بشر رآهم شعبهم متأثرين بروايات من لبنان والأردن وسورية وتركيا ومن جزيرة لسبوس اليونانية، حيث تقول المراسلة رداً على سؤال لماذا يغادرون: "لأنهم شجعان يبحثون عن حياة لأطفالهم... لأنهم تركوا لوحدهم". ومراسل آخر من الأردن: "لم أجد لا سورياً ولا سوريّة لا يريدان العودة فوراً إلى بلدهم حين ينتهي قصفهم وتدميرهم ويخرج هذا النظام...".

اقرأ أيضاً: "مادونا بن طلحة" في ذكراها الـ18:الصورة أقوى من المجزرة