الذكرى الرابعة لسقوط الموصل... انتهاكات وجثث تحت الأنقاض

10 يونيو 2018
اتهام القوات الأمنية بـ"عدم المهنية" (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن السنوات الأربع التي مرّت على اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي للموصل ذكرى عابرة على أهلها على الأقل، فالمدينة اليوم عبارة عن أطلال تتكدس تحتها جثث اختلف المسؤولون حول أعدادها، لكنهم اتفقوا على أنها لمدنيين قتلوا خلال عمليات انتزاعها من قبضة تنظيم "داعش" قبل نحو عام من الآن.

وما زال نصف الموصل معطّلا بشكل كامل عن الحياة، ورائحة الجثث تطارد أهلها، بينما يعتقدون أن الممارسات الأمنية غير المهنية، وانتشار المليشيات في مناطق المحافظة، أمور لا تبعث على الأمل بحياة كريمة في المدينة.

وفي مثل هذا اليوم اقتحم ما بين 300 و400 مسلح مدينة الموصل بعد عبورهم الحدود العراقية قادمين من سورية، مستغلين احتجاجات العشائر العربية ضد السياسة الطائفية التي انتهجها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي طيلة سنوات حكمه للبلاد 2006 ــ 2014.

وأدى سقوط المدينة بعد يوم واحد إلى انهيار مدن شمال وغرب العراق بشكل كامل، وسيطرة التنظيم عليها بعد انكسار مازال غير مفهوم للجيش العراقي، رغم وجود اتهامات مباشرة لنوري المالكي بانه هو من أعطى أوامر له بالانسحاب.

وقال المسؤول المحلي في المحافظة، سعد الشمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموصل تخلّصت من "داعش" بعد أن قدمت خسائر وتضحيات كبيرة جدا"، مبينا: "لقد تكبدت المحافظة خسائر لا تعوض خلال السنوات الأربع التي مرت، فلا يوجد بيت إلّا وفيه قتيل أو مخطوف أو معوّق أو نازح، فآلام هذه الفترة لا تلتئم بسهولة".

وأضاف الشمري أن "الأهالي كانوا يأملون خيرا بعد التحرير، لكنهم لم يروا اهتماما حكوميا، إذ مازال نصف الموصل مشلولا، فالساحل الأيمن معطل عن الحياة، ولا ترى فيه سوى مشاهد الخراب والدمار والأنقاض والجثث التي ما زالت تحتها، بينما لا تزال الخدمات في الساحل الأيسر شبه معدومة"، مبينا أنّ "الحكومة تركت ملف إعمار الموصل، ولم تنجز حتى رفع الأنقاض، وانتشال الجثث من تحتها".

ولم تقتصر مشكلة الموصل اليوم على الخدمات المعدومة فيها ومشاهد الخراب، فالأهالي يشكون من عودة الممارسات غير المهنية من قبل الأجهزة الأمنية، ومليشيات "الحشد الشعبي" التي مازالت متواجدة في المحافظة.

وقال عضو في مجلس محافظة الموصل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما يزيد الأمر سوءا في الموصل هو عودة الممارسات الأمنية والاعتقالات غير المهنية التي تمارسها الأجهزة الأمنية و"الحشد الشعبي" على ما كانت عليه قبل الاحتلال"، مبينا أنّ "الأهالي كانوا يأملون بتغير الحال بعد تحرير المحافظة، وقد تعاونوا بشكل كبير مع القوات العراقية، في سبيل إخراج "داعش"، لكن ما يحدث اليوم من حملات اعتقال بحجة الانتماء والارتباط بـ"داعش"، والممارسات غير المقبولة من قبل تلك القوات، فضلا عن انتشار "الحشد الشعبي" في الكثير من مناطق المحافظة، والسيطرة على طرقها، أصبح مثار خوف وقلق للأهالي".

وأكد أنّ "حالة من عدم الاطمئنان تسود في المحافظة، بسبب تلك الممارسات"، مبينا: "ناشدنا الحكومة ورئيسها حيدر العبادي لإخراج "الحشد" من المحافظة، وإصدار توجيهات للقوات الأمنية بالعمل المهني وعدم استفزاز الأهالي".

وأشار إلى أنّ "الموصل اليوم ليست موصل الأمس، فكل ما فيها يبعث على القلق والحزن، والخوف من المستقبل المجهول، في ظل تنازع الأحزاب والجهات السياسية التي تتسابق على فرض أجنداتها في المحافظة المنكوبة".


وعلى الرغم من مرور عام على تحرير الموصل من قبضة "داعش" الإرهابي، إلّا أنّ حالة من اليأس باتت تسيطر على الأهالي من عودة المدينة لما كانت عليه، خاصة بعد أن فقدوا الثقة باتخاذ إجراءات لإدارتها بشكل مهني.

وقال أبو بسام، وهو أحد أهالي المحافظة، خلال حديثه مع لـ"العربي الجديد": "لقد فقدنا الثقة بعودة الحياة إلى الموصل من جديد، فالحكومة لم تحسم ملفاتها الشائكة حتى اليوم، والآلاف مازالوا في مخيمات النزوح، ومناطق بأكملها مدمرة وعبارة عن أنقاض متراكمة، بينما لايزال ملفها الأمني غير مستقر، فمناطق المحافظة تشهد أعمال عنف بين فترة وأخرى".

ومضى قائلا: "منازلنا في الساحل الأيمن مازالت مهدمة، ولا توجد أي تعويضات لنا من قبل الحكومة لإعادة ترميمها"، مؤكدا أنّ "الحكومة تريد أن يسلّم الأهالي بهذا الحال، وأن يتقبلوه على ما هو عليه، فلا توجد حتى وعود تبعث على الأمل بحياة أفضل من هذه الحياة البائسة التي يعيشها الأهالي مرغمين".

وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على ذكرى اجتياح "داعش" للموصل، إلّا أنّ المسؤولين عن هذا الاجتياح لم يحاسبوا قانونيا، فتقرير اللجنة البرلمانية الذي حمّل نوري المالكي، و35 مسؤولا كبيرا، مسؤولية تسليم المحافظة للتنظيم دون قتال، تم إهماله ولم يحرك القضاء ولا الحكومة ساكنا إزاء ذلك.