الدينار الليبي يتراجع ويسحب معه قدرة المواطنين الشرائية

11 اغسطس 2016
الليبي يواجه شُح السيولة وتأخير الرواتب(محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
"لست تاجر عملة، ولكنني أتابع أسعار الدولار مقابل الدينار في السوق السوداء يومياً"، هكذا يبدأ المواطن الليبي عز الدين الزنتاني حديثه لـ"العربي الجديد". ويشرح أن "سعر الصرف يمس حياتنا اليومية. كل أسعار السلع في السوق المحلية مرتبطة بحركة العملة. المواطن ليس بيده حيلة إلا شراء بعض الحاجات الأساسية أو الاستغناء عنها، في ظل ضعف السيولة وتأخر دفع الرواتب". 
أما محمد السايح، وهو موظف في القطاع الحكومي الليبي، فيقول: "لا أفهم أي شيء في الاقتصاد، ولكن هذه الأوضاع الصعبة التي نعيشها جعلتنا نفهم علوم الاقتصاد من دون أن ندرسها، وأصبح كل منّا معنياً بالنفط والدولار وكل ما يرتبط بعمل السلطات المالية، لأن كل قرار يؤثر مباشرة على تفاصيل حياتنا".


إذ يُعتبر انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار، والتفاوت الكبير ما بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء، أزمة يومية تطاول كل بيت ليبي. وتتداخل المسؤوليات في هذا الإطار، بين السلطة النقدية والمالية وصولاً إلى تجار العملات وأصحاب المحال والمؤسسات. لتنتهي هذه الدورة لدى المواطن الذي يعاني من أزمة ضعف القدرة الشرائية منذ سنوات.

أجرت "العربي الجديد" حديثاً مع تاجر للعملة، وهو يملك محلاً للذهب. ويقول التاجر، الذي رفض ذكر اسمه: "بصراحة، من يتحكم بسعر صرف الدولار هم التجار في السوق السوداء بشكل أساسي.

والمشكلة السياسية التي حدثت في البلاد والانقسام المصرفي دفع العديد من التجار للتلاعب بسعر صرف العملة. إذ توجد ملايين الدولارات في السوق السوداء بين الباعة والشراة، ونحن نحدد السعر في غياب دور المصرف المركزي. أحياناً أشعر أن السلطة النقدية تريد استمرار هذا الواقع، كانعكاس لغياب تدخلها في السوق".

ويضيف: "إقفال الموانئ النفطية أدى لخسارة البلاد المليارات من العملة الصعبة، ما دفع مصرف ليبيا المركزي للامتناع عن فتح الاعتمادات للتجار بالدولار. كما أن الإشاعات المتزايدة تجعل الدولار يقفز إلى مستويات عالية، وتزيد حدة المضاربة، ما ينعكس على أسعار كافة السلع الموجودة في السوق الليبية".

من جهته، يقول مدير المكتب الإعلامي بمصرف ليبيا المركزي، عصام العول، لـ"العربي
الجديد": "هناك قرار من مجلس الأمن صدر عام 2014 يمنع دخول العملة الصعبة إلى ليبيا، وهذا القرار طبعاً أثر كثيراً على السيولة في المصارف الليبية، ما انعكس على السعر الرسمي لصرف العملة، وكذا في السوق السوداء. إضافة إلى الأسباب الجوهرية الأخرى، من إيقاف تصدير النفط والانقسام السياسي والانفلات الأمني الذي جعل عمليات السحب أكثر من الإيداع".

ويضيف العول: "المصرف المركزي اتخذ عدة خطوات لمعالجة هذه الأزمة، من بينها تشجيع التعامل بالبطاقات الإلكترونية بدلاً من الدفع النقدي، وكذلك فتح الاعتمادات والتوريد عن طريق المستندات برسم التحصيل وخدمة الحوالات السريعة وغيرها، لتشجيع عمليات الإيداع وضمان صرف النقد الأجنبي من دون استنزافه. وقد نجح المركزي في تنفيذ تلك العمليات عن طريق المصارف التجارية، إلا أن المشاكل الأمنية أعاقت العمل أكثر من مرة".

ويشرح أن استمرار غياب دور الأجهزة التنفيذية ساهم وسيساهم وبشكل كبير في انتشار المضاربة بأسعار السلع وتهريبها وعدم التقيّد بالأسعار المحددة. فهذا عمل مرتبط بالحكومة وأجهزتها المختلفة، كالحرس البلدي وأجهزة مكافحة التهريب والجمارك.
ويقول إن "مصرف ليبيا المركزي يناشد كافة الأجهزة الرقابية بذل الجهود المطلوبة لردع هذه الظواهر ومحاربتها، لما لها من ضرر على المستوى المعيشي للمواطن الليبي، وبسبب هدرها موارد الدولة". ويؤكد أن مصرف ليبيا على استعداد للتعاون مع الجهات التنفيذية المختصة عبر تزويدها بأسماء الشركات المستوردة ونوع البضاعة والتعهدات وأسعار البيع المحددة، حتى يتسنى لهذه الجهات المتابعة والقبض على المخالفين.