13 نوفمبر 2024
الدولة الفلسطينية والجمهور الإسرائيلي
تتعدّد المؤشرات في إسرائيل التي تشفّ عن مواقف الرأي العام فيها من جهة، وعن أبرز الوجهات التي تسير نحوها من جهة أخرى. ومن جديدها يمكن التوقف على نحو سريع عند "مؤشر الصوت الإسرائيلي" الذي يشمل استطلاعاً للرأي العام، وبدأ "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" بإجرائه قبل أشهر، بمعدّل مرة كل شهر، واستبدل "مؤشر السلام" الذي أجري خلال الأعوام القليلة الفائتة.
وأظهر آخر مؤشر للصوت، أجراه المعهد في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي (أغسطس/آب)، على أعتاب الانتخابات البرلمانية العامة التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل، أن نحو نصف الجمهور اليهودي في إسرائيل (48.5%) يؤيد ضم ما تسمى مناطق ج التي تمتد على نسبة 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، بجعلها جزءاً رسمياً من حدود دولة الاحتلال. ولا يعني هذا المعطى أن نصف الجمهور الباقي يعارض ضمّاً كهذا، إذ قال 24% من هذا الجمهور إنهم لا يعرفون ماذا سيكون موقفهم في مثل هذه الحالة، في حين قال 28% فقط إنهم يعارضونه. ويوضح "المؤشر" كذلك أن تأييد الضمّ عابر لكل ألوان الطيف السياسي، وأن مؤيديه موزعون على النحو التالي: 63% منهم من مصوتي أحزاب اليمين، و34% من مصوتي أحزاب الوسط، و12% من مصوتي أحزاب "اليسار"!
ومن المُعطيات الملفتة الأخرى التي أظهرها "المؤشر" ما ورد في معرض الإجابة عن السؤال: "في حال ضم إسرائيل مناطق ج، هل ستؤيد أم ستعارض إقامة دولة فلسطينية في سائر المناطق (من أراضي الضفة الغربية والتي لن يشملها الضم)؟"، فكانت الإجابات: 37% من اليهود قالوا إنهم سيؤيدون، مقابل 40.5% قالوا إنهم سيعارضون.
لا يسمح المجال بمقارنة نتائج هذا المؤشّر بنتائج مؤشرات سابقة. ولكن فيما يتعلق بموضوع الدولة الفلسطينية تحديداً، ربما تلزم الإشارة إلى أن مؤشراً سابقاً كان موضوعه "العلاقات بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل" أجري عام 2004 أظهر أن 72% من السكان اليهود يؤيدون فكرة "دولتين لشعبين". ومن شأن المقارنة العامة به أن توضح جوهر التغيير الذي طرأ على مواقف الشارع الإسرائيلي في هذا الصدد، عقدا ونصف العقد.
ولكي لا تُبنى أوهام على هذه النسبة، وما آلت إليه من تراجع في المؤشر الراهن، ينبغي إضافة أن الفكرة السالفة بشأن "حل الدولتين" حصدت ذلك التأييد الكبير، لكونها غائمة وغير منطوية على أي ملموسيات جوهرية بالنسبة إلى تلك الغالبية. وأبلغ دليل على ذلك أنه في "مؤشر العلاقات" نفسه قال 50% من السكان اليهود إنهم يعارضون رغبة غالبية الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في يونيو/ حزيران 1967، فيما قال 15% منهم إنهم يميلون إلى معارضة ذلك، ما يعني أن 65% من السكان اليهود يعترضون على قيام دولة فلسطينية في حدود 1967.
في ضوء ذلك، يظل القاسم المشترك بين المؤشرين هو صعوبة العثور على ما يمكن اعتماده أساساً لإصدار حكم عام حول "صورة الدولة الفلسطينية" في المواقف العامة للجمهور الإسرائيلي. ويرجع أحد أهم أسباب ذلك إلى حقيقة أن أي حضور للصور العربية المختلفة في الثقافة الإسرائيلية كان ولا يزال مأسوراً بالحاجة اليهودية إلى هذا الحضور. ولذا هو يبقى، أولاً ودائماً، مغلّفاً بأحكام هي أقرب إلى البديهيات أو المفهوم ضمناً. وبالتالي، يبقى الاستثناء الوحيد من نصيب الحضور المتسلل من الشقوق التي تصيب "الإجماع" أو البديهي.
ومنذ أن رسخ مصطلح "حل الدولتين" في قاموس الصراع مع دولة الاحتلال، أمسى من الثابت في الممارسة السياسية الإسرائيلية أن حضور "فكرة الدولة الفلسطينية" يرتبط أكثر شيء لا برغبة الفلسطينيين المُشتهاة، إنما برغبة "الحفاظ على الدولة اليهودية" من ناحية، وبفكرة الانفصال عن الفلسطينيين إلى جهة تحصين أسوار الدولة اليهودية من ناحية أخرى.
ومن المُعطيات الملفتة الأخرى التي أظهرها "المؤشر" ما ورد في معرض الإجابة عن السؤال: "في حال ضم إسرائيل مناطق ج، هل ستؤيد أم ستعارض إقامة دولة فلسطينية في سائر المناطق (من أراضي الضفة الغربية والتي لن يشملها الضم)؟"، فكانت الإجابات: 37% من اليهود قالوا إنهم سيؤيدون، مقابل 40.5% قالوا إنهم سيعارضون.
لا يسمح المجال بمقارنة نتائج هذا المؤشّر بنتائج مؤشرات سابقة. ولكن فيما يتعلق بموضوع الدولة الفلسطينية تحديداً، ربما تلزم الإشارة إلى أن مؤشراً سابقاً كان موضوعه "العلاقات بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل" أجري عام 2004 أظهر أن 72% من السكان اليهود يؤيدون فكرة "دولتين لشعبين". ومن شأن المقارنة العامة به أن توضح جوهر التغيير الذي طرأ على مواقف الشارع الإسرائيلي في هذا الصدد، عقدا ونصف العقد.
ولكي لا تُبنى أوهام على هذه النسبة، وما آلت إليه من تراجع في المؤشر الراهن، ينبغي إضافة أن الفكرة السالفة بشأن "حل الدولتين" حصدت ذلك التأييد الكبير، لكونها غائمة وغير منطوية على أي ملموسيات جوهرية بالنسبة إلى تلك الغالبية. وأبلغ دليل على ذلك أنه في "مؤشر العلاقات" نفسه قال 50% من السكان اليهود إنهم يعارضون رغبة غالبية الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في يونيو/ حزيران 1967، فيما قال 15% منهم إنهم يميلون إلى معارضة ذلك، ما يعني أن 65% من السكان اليهود يعترضون على قيام دولة فلسطينية في حدود 1967.
في ضوء ذلك، يظل القاسم المشترك بين المؤشرين هو صعوبة العثور على ما يمكن اعتماده أساساً لإصدار حكم عام حول "صورة الدولة الفلسطينية" في المواقف العامة للجمهور الإسرائيلي. ويرجع أحد أهم أسباب ذلك إلى حقيقة أن أي حضور للصور العربية المختلفة في الثقافة الإسرائيلية كان ولا يزال مأسوراً بالحاجة اليهودية إلى هذا الحضور. ولذا هو يبقى، أولاً ودائماً، مغلّفاً بأحكام هي أقرب إلى البديهيات أو المفهوم ضمناً. وبالتالي، يبقى الاستثناء الوحيد من نصيب الحضور المتسلل من الشقوق التي تصيب "الإجماع" أو البديهي.
ومنذ أن رسخ مصطلح "حل الدولتين" في قاموس الصراع مع دولة الاحتلال، أمسى من الثابت في الممارسة السياسية الإسرائيلية أن حضور "فكرة الدولة الفلسطينية" يرتبط أكثر شيء لا برغبة الفلسطينيين المُشتهاة، إنما برغبة "الحفاظ على الدولة اليهودية" من ناحية، وبفكرة الانفصال عن الفلسطينيين إلى جهة تحصين أسوار الدولة اليهودية من ناحية أخرى.