الدراما السورية في فخ التسويق

28 اغسطس 2020
يغيب العرض التلفزيوني عن الجمهور السوري (Getty)
+ الخط -

لا يبدو أنّ صناع الدراما السورية يتعلمون من أخطاء الماضي، فمع تحول الإنتاج الفني الدرامي إلى قوالب تقليدية تكشف عن ضعف خطة المنتج في تسويق عمله، تبدو الدراما في محك مفصلي لاستمرار وجودها عربياً بعد دخول منصات العرض الرقمية على خط الدراما.

هذا بدا واضحاً مطلع العام الحالي مع تحول منصة "شاهد" إلى منتِج فني وما تلاه من إعلان عن إنتاجات لصالح منصات إقليمية أخرى، مثل "جوّي" و"وياك" و"تين تايم". هذه المنصات تفرض، كما قنوات التلفزيون، توجهاً خاصاً للإنتاج مع فرض هيمنة فكرة "العمل الأصلي" الذي يقوم في غالبيته على فكرة مستوردة (فورمات) تحرم الجمهور من مشاهدة نص محلي كتب ودوّن في حارات شعبية وطرقات عامة.

ومع وقوف الإنتاج السوري على بوابة المنصات الرقمية، لا تزال عقلية المنتج تتعامل مع إنتاج المسلسل من دون التفكير مسبقاً بإمكانية تسويقه، فمسلسل "شارع شيكاغو" الذي أحدث جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، عاد وعُرض على قناة مشفرة رغم إنتاجه من قبل منصة رقمية، وأعلنت منصة "وياك" المنتجة انطلاق عرضه عبرها بعد ستة أشهر من احتكار القناة المشفرة للعمل.

في المقابل، لم تصل أعمال أنتجت من قبل المنصات إلى الجمهور المحلي، نظراً لضعف الإنترنت في سورية، وعدم إمكانية الاشتراك عبر الحسابات البنكية، ما يعني الاعتماد فقط على مشاهدة العمل عبر تسريبه على الإنترنت، وبالتالي غياب العرض التلفزيوني التقليدي الذي ما يزال يعده الجمهور السوري معياراً لانتشار العمل من عدمه.

يختلف الأمر، هنا، في الوصول عن حجب العمل الدرامي لمعارضته توجهات النظام، كما حدَث مع مسلسلي "قلم حمرة" و"غداً نلتقي"، ما دفع الجمهور السوري إلى مشاهدة العملين عبر الإنترنت بشكل كبير، أما اليوم فالجمهور أمام إجبار قسري لحضور العمل عبر الإنترنت وبشكل مسرب وبجودة غير عالية، نظراً لتسريبه بشكل غير قانوني.

آلية التسويق المتعثرة في الدراما السورية ما زالت قائمة، نظراً لتعنت النظام في فتح المجال أمام قنوات سورية خاصة، وهذا ما واجهته قناة "لنا"؛ إذ اعتقد السوريون أنها ستكون فسحة أمل لعروض درامية جديدة، تجنّب العمل الدرامي قسوة الاحتكار وتحقق وصوله إلى الجمهور المحلي، لكنّ القناة الوليدة لم تخرج من نطاق القنوات السابقة كشاشة عرض لإنتاجات رأس المال الممول للقناة، فلم تعرض من أعمال جديدة سوى إنتاجات الشركة نفسها، في حين أعادت عرض أعمال قديمة وعجزت عن منح ميزانية لشراء أعمال منافسة تصدر المحطة كشاشة عرض سورية تجذب قطاعات مختلفة من الجمهور، ليظهر المشاهد المحلي عطشا متزايدا لدراما انفصلت عن واقعه وتجرّدت من إمكانية حضورها عربياً مع فشل في بنية الصناعة الدرامية تنعكس على آليات التسويق، فلا يمكن المراهنة على مسلسل جميع نجومه من الصف الثاني كـ"بورتريه" ولن تعقد الآمال حتى على مسلسل جمع نجوم الصف الأول كـ"شارع شيكاغو" فوقع في أخطاء لا حصر لها من التنفيذ السريع والإيقاع الباهت.

فإذا كانت الدراما السورية الأثيرة لدى الشارع العربي عاجزة عن صناعة عمل منافس في جودته أو تسويقه، فهل تشيّع حضورها الإقليمي وتصبح أطلالا يتذكرها الجمهور بمطلع أغنية باب الحارة الأشهر عربياً "وردة وبحرة ولارنجي"؟

المساهمون