الدبلوماسية القطرية تحيي التفاوض الأميركي مع "طالبان"

الدوحة
أنور الخطيب
أنور الخطيب
صحافي أردني. مراسل "العربي الجديد" في قطر.
02 يونيو 2014
11A948BE-03AE-45F9-939B-899F915230AA
+ الخط -
ليس نهاية القصة وصول خمسة من قادة حركة طالبان كانوا محتجزين في معتقل غوانتانامو، إلى الدوحة، بعد نجاح وساطة قطرية قادت إلى إطلاق سراحهم، في مقابل إفراج الحركة عن الجندي الأميركي، بوي بيرغدال، الذي احتجزته منذ خمس سنوات، وإنما رأس جبل الجليد الذي نجحت الدبلوماسية القطرية في إذابته مع "طالبان" وواشنطن معاً.
وسيقيم القادة الخمسة من "طالبان" في الدوحة عاماً قبل عودتهم إلى بلدهم، وكانوا قد تولوا في أفغانستان مناصب رفيعة إبان حكم الحركة، قبل أن تطيحه الولايات المتحدة.

وكان من الممكن إنجاز صفقة التبادل هذه، صيف العام الماضي 2013، بعد افتتاح مكتب لـ"طالبان" في العاصمة القطرية، ما كان سيمهد لإطلاق مسار مفاوضات بين واشنطن والحركة الإسلامية المتشددة، بعد حواراتٍ بينهما، وراء الكواليس، جرت عبر  شخصيات غير رسمية على صلة بالطرفين منذ أعوام.

وبدأت  الحوارات  بين بعض قادة "طالبان" والولايات المتحدة، بعد إعلان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، في يونيو/حزيران من عام 2011 أن الحوار مع "طالبان" ضروري لإحلال السلام في أفغانستان، بينما أعلن زعيم الحركة، الملا محمد عمر، في خطبة عيد الأضحى في العام نفسه، استعداد الحركة للحوار عبر مكتبها السياسي، "وفق الشروط الدينية والوطنية التي تقتضي مصلحة البلاد".

وأوضح، في حينه، عدم رغبة "طالبان" في احتكار السلطة، واستبعادها تصوّر وقوع حرب أهلية، وحرصها على أمن أفغانستان والوحدة الوطنية فيها.
وقد جرت الحوارات السرية التي كانت شرطاً أساسياً للقاءات في ألمانيا وقطر عامي 2011 و2012 بين طيب آغا، السكرتير الخاص السابق لزعيم حركة طالبان الملا عمر، ومسؤولين بارزين من وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

وكانت قطر أعلنت في 20 يونيو/حزيران 2013 افتتاح مكتب سياسي لـ"طالبان"، تمهيداً لإيجاد حل للنزاع في أفغانستان. واعتُبرت هذه الخطوة القطرية حدثاً مهماً في سياق وضع حد للحرب في أفغانستان ولتحقيق المصالحة الوطنية الأفغانية.

وصدرت بشأنها آنذاك ردود فعل إقليمية ودولية، واعتبرت أوساط مراقبة أنها تساعد في بدء محادثات سلام رسمية مع "طالبان"، بأمل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الدائرة في أفغانستان.
لكن خلافات اللحظة الأخيرة على مسمَّى المكتب الدبلوماسي في الدوحة، والذي اعتبرته الحركة سفارة لإمارة طالبان، ورفضته واشنطن وحكومة الرئيس الأفغاني، حميد قرضاي، الذي اعترض على هذه المفاوضات، أو مشاركة حكومته فيها، أوقف المحادثات.
وبدا، لأشهر طويلة، أن الدبلوماسية القطرية كأنها سلمت بإخفاق اللحظات الأخيرة، غير أنها نجحت، في الأسبوع الماضي، في إدارة مفاوضات سرية بين الإدارة الأميركية وحركة طالبان في الدوحة، انتهت بصفقة الإفراج عن قادة الحركة الخمسة الذين أمضوا أكثر من اثني عشر عاماً في غوانتانامو.

وبذلك أزالت العقبة الرئيسية الأصعب التي كانت تحول، أيضاً، من دون جلوس  المفاوضين من "طالبان" مع المفاوضين الأميركيين على طاولة واحدة لبحث الانسحاب الأميركي من أفغانستان. وكان أحد شروط  الحركة الإفراج عن قادة طالبان الخمسة المحتجزين في سجن غوانتانامو، قبل الموافقة على المفاوضات.
وهو شرط رفضته واشنطن آنذاك، بسبب خلافات أميركية داخلية بين الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، وتباين الرؤى داخل إدارة الرئيس باراك أوباما نفسها بشأن طريقة التعامل مع الوضع في أفغانستان، في المرحلة التي تسبق الانسحاب الأميركي المقرّر من هناك في نهاية العام 2014 وفي المرحلة الانتقالية التي ستتلو ذلك.
وكان وزير الخارجية القطري، خالد العطية، قد صرح، أمس، أن وساطة بلاده لإطلاق سراح بيرغدال، في مقابل إطلاق خمسة من قادة طالبان من "غوانتنامو"، جاءت لأسباب إنسانية.
ولم يكشف تفاصيل الصفقة، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينماير، في الدوحة، ما يوحي بأن القصة لم تنته عند هذا الحد، وبأن إطلاق سراح قادة حركة طالبان الخمسة، وهو أحد شروط الحركة للقبول بالتفاوض، هو بداية معركة طويلة من المفاوضات بين واشنطن و"طالبان"، ترعاها الدوحة التي سجلت نجاحاً دبلوماسياً جديداً.

وسيبدأ الفصل الثاني لهذه المفاوضات بعد جلاء نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأفغانية، ومعرفة هوية الرئيس الأفغاني الجديد، بعد قرضاي الذي كان قد اعترض على المشاركة في المفاوضات.
ويخفي تركيز العطية على الجانب الإنساني في المهمة الدبلوماسية القطرية رغبة الدوحة في إضفاء السرية على المرحلة الثانية من المفاوضات بين واشنطن و"طالبان"، والتي ستبحث، بالضرورة، مستقبل أفغانستان، بعد انتهاء الانسحاب الأميركي من هذا البلد نهاية العام الجاري، ودور حركة طالبان الذي لا يمكن تجاهله في ذلك.

ويعتبر نجاح التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين الجانبين، والذي قادته قطر إجراءً مهماً في بناء جدار الثقة بينهما، لكنه جدار يحتاج جهداً ووقتاً طويلاً لإتمامه بعد عقد ونصف تقريباً من الحروب والدماء التي سالت في أفغانستان، والتي كان الخاسر الأكبر فيها الشعب الأفغاني الذي ينتظر أن تؤدي المفاوضات إلى تحقيق ما فشلت فيه الحروب والصراعات، الأمن والاستقرار والتنمية. 

ذات صلة

الصورة

سياسة

رغم أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يداهم فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل رئيس أميركي سابق، إلا أن الرئيس السابق دونالد ترامب ليس أول رئيس أميركي يُحقق معه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
الصورة
أميركا/سياسة

سياسة

تفرض الطرود البريدية المفخخة، التي تواصل إرسالها أمس الخميس لليوم الثاني على التوالي، إلى سياسيين أميركيين تجمعهم مواقف منتقدة أو معارضة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حالة من الاستنفار الأمني، وسط إجماع على أنها "إرهاب محلي" يرجح ارتباط اليمين به.
الصورة
البيت الأبيض/سياسة/غيتي

أخبار

أعلن جهاز الأمن السري الأميركي، اليوم الأربعاء، اعتراض "رزمتين مشبوهتين" قد تكونان تحويان عبوتين ناسفتين، أرسلتا إلى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، فيما تم إخلاء مقر شبكة "سي إن إن" في نيويورك، بسبب رزمة مشبوهة
الصورة
أميركا/سياسة/هيلاري كلينتون/2016/10/29

منوعات

وسط انشغال العالم، تحديداً مواقع التواصل الاجتماعي، بنتائج الانتخابات الرئاسيّة الفرنسيّة، وفوز المرشح الوسطي، إيمانويل ماكرون، استغلّت المرشّحة الأميركيّة الخاسرة للرئاسة، هيلاري كلينتون، الضجة الإعلاميّة، لتردّ على الإعلام والقراصنة.