الفن بصورة عامة فعالية عالية الرقي وهي نتاج الوعي الإنساني بالموجودات ومحاولة جمالية للتعبير عنها، والمنجز الفني أياً كان وفي كافة مراحل تطوره حاجة ملحة لدى الإنسان للتعبير عن العلاقة التي تشكلت من خلال الوعي بالواقع، وبالتالي فهو يتطور باستمرار كلّما زاد رقي الوعي عند الإنسان وتجدد شكل صراعه مع الواقع للدفاع عن وجوده واستمرار نوعه.
وفن الرقص الجماعي، أو الفردي، على اعتباره من أقدم الفنون الإنسانية، كان البداية التي شكّلت أولى مراحل التعبير عن تحسس الإنسان لمحيطه وانفعاله به بتأثير الحادث اليومي، سارّاً كان أم مؤلماً.
في الطقوس المتوارثة بين القبائل، كانت تعتمد على الرقص الجماعي، ليس كوسيلة للتعبير فحسب، بل وسيلة مهمة للتأثير أيضاً. في المجتمع الإغريقي، كان الرقص إلى جانب الموسيقى والغناء، أهم اللبنات التي أوجدت فن المسرح، وحين اهتدى الإنسان للزراعة وتطورت قدراته في صراعه مع الطبيعة، (وهي الشكل الأهم في مراحل صراعات الإنسان ونضاله الطويل) ظهرت رقصات الاستسقاء ورقصات الحصاد المتعددة، خاصة حين يفرحون بوفرة المحصول، وهناك رقصات تتعلق بتقليد الحوادث الفلكية، أو حوادث متعلقة بتاريخ القبيلة وأساطيرها، ورقصات أخرى تتعلق بالزواج والخطوبة والدعوة لهما.
في عصر النهضة، بدأ الرقص يأخذ حيزاً أكبر في الحياة الثقافية، خصوصاً حين تقاسم الرقص التعبيري مع الموسيقى بنسب متوازنة وتعاونا على خلق فن الباليه. أما في البلاد العربية، فقد لاقى فن الرقص الكثير من العقبات التي حالت دون تطوره لأسباب كثيرة، أهمها أن مجرد كلمة رقص تقضي على أي مشروع يتناول هذه الفعالية، مثل تشكيل فرقة راقصة أو مدرسة للرقص؛ لأن الرقص كان لا يليق بالرجل ولا حتى بالمرأة.
هذا لا يعني أن فنون الرقص لم تظهر في البلاد العربية، بل شهدت فعاليات راقصة مختلفة مميزة، إذ تلقفتها فرق المؤسسات ذات الطابع الفلكلوري التي تشكلت في جميع البلاد العربية وقامت بتقديمها على كثير من المسارح العالمية من خلال المشاركة في المهرجانات المهتمة بالرقص الشعبي وحصدت الجوائز المهمة، مثل الفرقة العراقية والمصرية وغيرها، لكنها بالرغم من ذلك ظلت أسيرة تلك النظرة المتشددة.
أهم فنون الرقص المنتشرة في العالم العربي هي التي تعرف بالدبكات، والتي يشارك فيها الرجال والنساء من القرية الواحدة أو القبيلة الواحدة، ويمكن أن يصاحبها الغناء، وعادة ما تصاحب هذه الدبكات الآلة المسماة بالزرنة؛ وهي آلة هوائية تصنع من خشب المشمش على الأغلب، وهي ذات لسانين (من فصيلة الأوبو)، وينتهي أنبوبها برأس قمعي يغطى بالمعدن، يراوح عدد ثقوبها بين ستة إلى ثمانية، إضافة إلى ثقب خلفي. وفي العراق، تستخدم في بعض المناطق آلة المطبج ذات الأنبوبين، لكل أنبوب لسان، أمّا الزرنة فهي المستخدمة في أغلب المناطق العراقية والعربية وإن تعددت أشكالها أو طولها. أمّا الإيقاع، فينبعث من الطبل الجلدي الكبير في جميع دبكات البلاد العربية. هنا، نقف عند أبرز الدبكات في العالم العربي.
اقــرأ أيضاً
وفي مصر، حيث عرفتنا فرقة رضا المشهورة على الفعاليات الراقصة في هذا القطر، مثل رقصة البحارة والرقص البلدي ورقص أهالي النوبة، فضلاً عن وجود رائدات الرقص الشرقي، مثل سامية جمال وتحية كاريوكا. وقد اعتبر بعض المثقفين الذين شاهدوا هذا الرقص أنه "صراع بين الروح والجسد".
في لبنان، توجد دبكات مثل الميجنة، ولكنها تختلف عن الميجنة العراقية من ناحية الإيقاع، حيث يكون إيقاعها المقسوم، وتتميز بسرعة الحركات كما في سورية. أما في الأردن، فهناك دبكات تتسم بالطابع البدوي مثل رقصة السيف، ولا يخلو أي بلد عربي من أمثال هذه الدبكات، وإن اختلفت الحركات والأغراض.
استطاعت هذه الدبكات العربية جميعاً أن تحافظ على شكلها واستمرارها رغم قدمها، وهي تمارس إلى اليوم عن طريق الانتقال الشفاهي من جيل إلى جيل بالأداء نفسه تقريباً والآلات المصاحبة والإيقاع، وحتى الأغاني، وإن مستها يد المعاصرة.
بهذا تكون الدبكات خير حافظ لتراثنا الشعبي – الموسيغنائي وآلاته – حتى أنه يستطيع الباحث في الموسيقى والغناء تقصي الممارسات العربية ما دامت أغلب هذه الدبكات لا تزال تمارس في جميع البلاد العربية وبروح شعبية أصيلة ومن قبل أبناء البلدة أو القبيلة، يمارسونها في الاحتفال بمختلف المناسبات، حباً بهذا الفن الذي تتنوع فيه الألحان والإيقاعات الشعبية وفنون الشعر الذي غالباً ما يرتجله الفنان الشعبي.
وفن الرقص الجماعي، أو الفردي، على اعتباره من أقدم الفنون الإنسانية، كان البداية التي شكّلت أولى مراحل التعبير عن تحسس الإنسان لمحيطه وانفعاله به بتأثير الحادث اليومي، سارّاً كان أم مؤلماً.
في الطقوس المتوارثة بين القبائل، كانت تعتمد على الرقص الجماعي، ليس كوسيلة للتعبير فحسب، بل وسيلة مهمة للتأثير أيضاً. في المجتمع الإغريقي، كان الرقص إلى جانب الموسيقى والغناء، أهم اللبنات التي أوجدت فن المسرح، وحين اهتدى الإنسان للزراعة وتطورت قدراته في صراعه مع الطبيعة، (وهي الشكل الأهم في مراحل صراعات الإنسان ونضاله الطويل) ظهرت رقصات الاستسقاء ورقصات الحصاد المتعددة، خاصة حين يفرحون بوفرة المحصول، وهناك رقصات تتعلق بتقليد الحوادث الفلكية، أو حوادث متعلقة بتاريخ القبيلة وأساطيرها، ورقصات أخرى تتعلق بالزواج والخطوبة والدعوة لهما.
في عصر النهضة، بدأ الرقص يأخذ حيزاً أكبر في الحياة الثقافية، خصوصاً حين تقاسم الرقص التعبيري مع الموسيقى بنسب متوازنة وتعاونا على خلق فن الباليه. أما في البلاد العربية، فقد لاقى فن الرقص الكثير من العقبات التي حالت دون تطوره لأسباب كثيرة، أهمها أن مجرد كلمة رقص تقضي على أي مشروع يتناول هذه الفعالية، مثل تشكيل فرقة راقصة أو مدرسة للرقص؛ لأن الرقص كان لا يليق بالرجل ولا حتى بالمرأة.
هذا لا يعني أن فنون الرقص لم تظهر في البلاد العربية، بل شهدت فعاليات راقصة مختلفة مميزة، إذ تلقفتها فرق المؤسسات ذات الطابع الفلكلوري التي تشكلت في جميع البلاد العربية وقامت بتقديمها على كثير من المسارح العالمية من خلال المشاركة في المهرجانات المهتمة بالرقص الشعبي وحصدت الجوائز المهمة، مثل الفرقة العراقية والمصرية وغيرها، لكنها بالرغم من ذلك ظلت أسيرة تلك النظرة المتشددة.
أهم فنون الرقص المنتشرة في العالم العربي هي التي تعرف بالدبكات، والتي يشارك فيها الرجال والنساء من القرية الواحدة أو القبيلة الواحدة، ويمكن أن يصاحبها الغناء، وعادة ما تصاحب هذه الدبكات الآلة المسماة بالزرنة؛ وهي آلة هوائية تصنع من خشب المشمش على الأغلب، وهي ذات لسانين (من فصيلة الأوبو)، وينتهي أنبوبها برأس قمعي يغطى بالمعدن، يراوح عدد ثقوبها بين ستة إلى ثمانية، إضافة إلى ثقب خلفي. وفي العراق، تستخدم في بعض المناطق آلة المطبج ذات الأنبوبين، لكل أنبوب لسان، أمّا الزرنة فهي المستخدمة في أغلب المناطق العراقية والعربية وإن تعددت أشكالها أو طولها. أمّا الإيقاع، فينبعث من الطبل الجلدي الكبير في جميع دبكات البلاد العربية. هنا، نقف عند أبرز الدبكات في العالم العربي.
تنتشر في العراق دبكة الميجنا، وإيقاعها هو الجوبي (التشوبي)، وهناك دبكات عراقية مختلفة من حيث النغم ولكنها جميعاً تستخدم الإيقاع نفسه (الجوبي)، ويقال لراقص الدبكة لاعب الجوبي.
وفي بلدان الخليج العربي، توجد دبكات كثيرة منها تمارس على ساحل البحر، ومنها في الريف، وتشترك فيها النساء مع الرجال على الإيقاعات الخليجية التي تنبعث من مختلف الآلات الإيقاعية، وأهمها السامري الذي يصاحبه الغناء؛ وتشكل النساء والرجال صفين متقابلين ويتبادلان الترديد. لا تختلف رقصة المجيلسي عن السامري إلا بوضع الجلوس أثناء الرقص أو الغناء، وهناك رقصات أخرى كالعيّاله والعرضة الحربية وغيرها. بهذا تكون الدبكات خير حافظ لتراثنا الشعبي – الموسيغنائي وآلاته – حتى أنه يستطيع الباحث في الموسيقى والغناء تقصي الممارسات العربية ما دامت أغلب هذه الدبكات لا تزال تمارس في جميع البلاد العربية وبروح شعبية أصيلة ومن قبل أبناء البلدة أو القبيلة، يمارسونها في الاحتفال بمختلف المناسبات، حباً بهذا الفن الذي تتنوع فيه الألحان والإيقاعات الشعبية وفنون الشعر الذي غالباً ما يرتجله الفنان الشعبي.