الخليل.. الشباب في مواجهة الاستيطان

16 فبراير 2017
(من صفحة التجمّع على فيسبوك)
+ الخط -

لعل لمدينة الخليل نصيبًا ووضعًا خاصًا في الاستيطان الإسرائيلي الذي لا يوفر جهدًا في تهويدها وتغيير معالمها؛ فالانتهاكات الإسرائيلية لم تنتهِ بإقامة أكبر مستوطنة في الضفة الغربية على أراضيها، والاستيلاء على شوارع ومنازل عدة في حي تل الرميدة الذي يقع وسط المدينة، وربطها في المستوطنة المقامة على أراضي المدينة، لتطاول الأهالي اعتداءات مباشرة من المستوطنين الذين نهشوا المدينة وسكنوا قلبها. الأمر كان كافيًا لدفع بعض من النشطاء الشباب إلى تأسيس تجمع وطني يسعى إلى مواجهة هذه الجرائم وتوثيقها.

تجمع "المدافعين عن حقوق الإنسان" هو تجمع شبابي غير حزبي تأسس عام 2014، يسعى إلى خلق حراك شعبي ودولي لمواجهة الاستيطان في المدينة، معتمدًا على توثيق الجرائم الصهيونية الاستعمارية عبر الفيديو، والعمل على رفعها إلى المحاكم والجمعيات الحقوقية والدولية لمتابعتها.

استطاع التجمع التشبيك مع عدد من المؤسسات والهيئات المحلية، منها ممثلو العشائر والفصائل الوطنية، وساهم في تنظيم عدد من المظاهر المنددة بالاحتلال الإسرائيلي، ونجح في توثيق عدد من الانتهاكات التي نفذها جنود الاحتلال بحق الأهالي، ولعل أبرزها تسجيل الناشط عماد أبو شمسية لمقطع فيديو التقطه من منزله المحاط بالمستوطنين، ويظهر فيه إعدام الجندي الإسرائيلي أليئور أزريه للشاب عبد الفتاح الشريف، والذي أدى إلى مثول الجندي أمام المحكمة الإسرائيلية، وإن كانت محاكمته صورية.

عن أحد أبرز أهداف التجمّع، يقول مؤسسه والناطق باسمه، بديع دويك، في حديثٍ إلى "جيل": "نحن نسعى إلى توفير رواية فلسطينية عن أي جريمة ترتكبها السلطات الإسرائيلية في المدينة، ونحاول توثيقها بالفيديو لحظة وقوعها، وتزويدها لوسائل الإعلام، في محاولة للتقليل من الاعتماد على الرواية الإسرائيلية التي ينشرها الجيش والمؤسسات الإسرائيلية غالبًا".

أطلق التجمع حملة تحت عنوان "أسر واعتقال الاحتلال بالكاميرا"، في خطوة لحث المواطنين على تصوير الجرائم وبيان أهمية توثيقها، ثم لتتوسع في ما بعد لتشمل طلبة المدارس؛ إذ وُضع برنامج تدريبي يهدف إلى تعليم الطلبة التصوير وتوثيق الاعتداءات بالفيديو، إضافة إلى تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم لهجوم من قبل المستوطنين، ليتم اختيار عدد منهم بعد الانتهاء من النشاط لتزويدهم بالكاميرات والأدوات اللازمة.

كذلك ينظّم التجمع حملة "فككوا الجيتو، أخرجوا المستوطنين من الخليل"، والتي أطلقها خلال وقفة تبعد أمتارًا عن إحدى المستوطنات في البلدة القديمة، وتهدف إلى تفكيك الاستيطان الإسرائيلي وفتح شارع الشهداء المغلق وإخراج المستوطنين من البلدة القديمة وفتح الحواجز المقامة وسط المدينة، عن طريق خلق حراك مندّد ورافض للاستيطان.

في جولة سريعة في صفحة الحملة على الفيسبوك، "Human Rights Defenders تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان"، وفي قناة اليوتيوب الخاصة، نلاحظ الاهتمام في إيصال الرسالة إلى المجتمع الغربي بشكل أساسي من خلال تركيزه على بث الأخبار والنشاطات الخاصة باللغة الإنكليزية.

يعتزم النشطاء القائمون على التجمع إطلاق حملة دولية واسعة لتدويل قضية الأسرى، بالتعاون مع شبكة دولية تهتم بالأسرى السياسيين ومقرها في الأرجنتين، من خلال عرض معاناتهم في الأسر، ضمن مساع لكسب مزيد من الأصوات المنادية بضرورة إطلاق سراحهم.

عن النجاحات الملموسة التي حققها التجمع في المؤسسات الدولية، يقول دويك: "استطعنا تسليط الضوء على قضية الأسيرة المحامية والمهتمة بشؤون الأسرى شرين العيساوي، من خلال حملتنا التي دعت إلى إطلاق سراحها؛ حيث منحت مؤسسة كرامة في جنيف العيساوي جائزة المدافع عن حقوق الإنسان لعام 2014".

يضيف في سياق الحديث عن قراءة نجاحات التجمع: "تمت المطالبة في جلسة مجلس الأمن المنعقدة بتاريخ 17/1/2017 بتوفير الحماية الدولية للناشط عماد أبو سمية، والذي تعرض للتهديد بالقتل من قبل المستوطنين لتصويره فيديو قتل الشريف، ما يدلل على وجود جدية دولية في التعامل مع جهد التجمع".

وعلى الرغم من قلة الدعم ومحدوديته لتوفير كاميرات كافية، إلا أن دويك يؤكد أن أبرز الصعوبات تتمثل في توفير الحماية القانونية في حال تم اعتقال أحد النشطاء، وفي توفير الأموال الكافية لدفع الكفالات التي تفرضها المحاكم الإسرائيلية على المعتقلين منهم.

الآن، يسعى التجمع، بحسب دويك، إلى تعزيز محاسبة المستوطنين وجنود الاحتلال من خلال خلق آلية جديدة تتابع الانتهاكات في المحاكم الدولية بشكل فردي يضمن حق الضحايا، ويوقف الانتهاكات المستمرة بحق الأهالي.

ونظرًا للوضع السياسي الفلسطيني بشكل عام، ومع سقوط خيار المواجهة المباشرة في المرحلة الحالية، اختار الشبان طريقة لخلق ضغط عبر المؤسسات والنشطاء الدوليين والمحليين، للخلاص من الاحتلال، مستغلين تقنية الفيديو لتعزيز روايتهم، وإثباتها.

المساهمون