الحَجَر الفلسطيني.. مصدر رزق لمئات العمال ويُصدّر لـ62 دولة

04 مارس 2015
المحاجر لقمة عيش الكثير من الفلسطينيين (أرشيف/getty)
+ الخط -


في الطريق إلى جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، تنتشر عشرات المحاجر التي يدقّ عمالها الحجر من دون توقف، وعلى طول الشارع ترن الأزاميل تحت المطارق، ويتفنن العمال في نحت وتشكيل الصخر الفلسطيني ذي الألوان الزاهية والمرغوب فيه عالمياً.

ينفض محمد أبوطالب، من بلدة قباطية جنوب جنين، يديه من الغبار، ويقول لمراسل "العربي الجديد"، "فلسطين تجلس على صخرة، من الجليل إلى الخليل، حتى البحر فيه حجر، وصحراء

النقب أيضا فيها حجر، هذه ثروة طبيعية".

ويضيف أبوطالب، الذي يملك محجراً يعمل فيه عشرون عاملاً، "هنا في قباطية ومنطقة جنين يوجد 93 محجراً، فيها مئات العمال، وهذا الإنتاج الذي تراه هائلاً لا يذكر مقارنة بما تنتجه مناطق جنوب الضفة، في الخليل وبيت لحم".

وحسب إحصائيات رسمية، تصدّر فلسطين الحجر إلى 62 دولة عربية وأجنبية حول العالم. وبلغت صادرات الحجر والرخام الفلسطيني في عام 2014 ما يقارب 29% من مجموع المواد المصدرة للخارج، وهذا يعني أن الحجر يشكل ثلث الصادرات الفلسطينية، ولكن بصعوبات بالغة.

المدير التنفيذي لاتحاد صناعة الحجر والرخام في فلسطين، ماهر حشيش، ينقلنا إلى نقطة أخرى، حيث أشار، في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى "أن المعابر الإسرائيلية تعيق تصدير الحجر والرخام، فكل الشحنات المصدرة إلى أوروبا وأميركا، يتم شحنها عن طريق البحر، وتمر قبل ذلك عبر المعابر الإسرائيلية، أما المصدّر إلى الخليج والدول العربية فيمر عن طريق الأردن".

ويضيف "تخيل أن شاحنة الحجر الفلسطيني التي تخرج من الخليل، يفرغ الاحتلال حمولتها عند وصولها إلى المعابر الإسرائيلية للتفتيش، ثم نضعها مرة أخرى في شاحنة إسرائيلية تقوم بإيصالها إلى الميناء، وهذا يؤدي إلى تكسير جزء منها، ناهيك عن زيادة تكلفة النقل والتحميل، وبالتالي التأخر الذي لا مبرر له".

ونجح محمد أبوطالب، الذي ورث العمل في الحجارة عن أبيه، في تصدير شحنات من محجره إلى البحرين، وشارك في معرض أزمير بتركيا في العام الماضي، لكنه لا ينوي السفر هذه السنة.

يقول محمد لـ"العربي الجديد"، "أبي عمره 80 عاما، كان من أوائل الناس الذين اشتغلوا في تصنيع الحجارة يدويا بالمطرقة والأزميل، بنى بيوتا في حلب والزرقاء وحيفا، هذه البلاد عمل أهلها في الحجر منذ زمن، حتى سيدنا إبراهيم عليه السلام كان حجارا في الخليل".

وفي فلسطين 13 نوعا من الحجر، كلها تمتاز بمواصفات عالمية، ويصدر الفلسطينيون 20% فقط من إنتاجهم إلى الخارج، فيما تستهلك السوق المحلية 15% فقط، أما النسبة الأكبر من الإنتاج، ما يقارب 65%، فتباع في إسرائيل التي لا تسمح بالتنقيب عن الحجر في المناطق التي احتلتها عام 1948.

ويقول رئيس اتحاد صناعة الحجر والرخام في فلسطين، صبحي ثوابتة، لـ"العربي الجديد"، "رغم مواصفات الحجر الفلسطيني، إلا أن أكثر ما يساعد في تسويقه بالخارج، هو أنه من الأرض المقدسة، حتى إننا نسميه في الدول الأجنبية بحجر القدس، إنه الحجر الذي بنيت به كنيسة المهد والمسجد الأقصى".

ويمنع الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من التنقيب عن الحجر في مناطق (ج) التي يسيطر عليها، وفقا لاتفاق أوسلو، ولا يستطيع الفلسطينيون العمل فيها إلا بترخيص من الاحتلال، مع العلم أن أغلب الصخر الفلسطيني موجود في مناطق (ج).

في زاوية محجر أبوطالب، يجلس النحات وفني تشكيل الحجر، ساري أبومخ، خلف مكعب من الحجر المقصوص، ويرسم أشكالا جميلة، ويقوم بأشياء غريبة، كسكب الشاي على الحجر، نفهم فيما بعد أنه سر من أسرار المهنة.

يقول أبومخ "يُستخدم الشاي ومواد أخرى في تعتيق الحجر، يمكنني أن أعطيك حجراً يظهر

كأن عمره مئات السنين، وهذا عادة يستخدم في ترميم المباني القديمة، أو بناء بيت جديد بحجر يظهره كأنه من عصر غير عصره".

ولا يخلو محجر من عمال يحملون شهادات جامعية لم يجدوا فرصة للعمل بها، فصاروا من رفاق الكدح في المحجر، تجد المحامي والمهندس والمحاسب والأستاذ، يدقون مع عمال آخرين الحجر.

وأظهرت بيانات إحصائية رسمية حديثة، أن نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية بلغت 26.5% نهاية العام الماضي، مقارنة مع 25% في عام 2013. وتعكس الأرقام واقعا صعبا يعيشه الفلسطينيون في سوق عمل بات عاجزاً عن استيعاب أيد عاملة جديدة في السنوات الأخيرة، بحسب محللين اقتصاديين.


اقرأ أيضاً: الحجر الفلسطيني.. من الانتفاضة إلى لقمة عيش العاطلين

المساهمون