أولهما حركة "النهضة" التي فوجئت بمنحها ثلاث وزارات على مستوى مساعدي وزراء (كتاب دولة) أي إبعادها عن الصف الأول من الفريق الحكومي، وهو ما اعتبره مدير مكتب رئيس الحركة، زبير الشهودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، لا يحقق التوازن ولا يعكس ميزان القوى.
وعلى هذا الأساس أعلن رئيس "النهضة" راشد الغنوشي، أنه "لم يحصل توافق حتى الآن وقد لا يحصل". وفي ذلك تعبير عن عدم رضا الحركة بما عُرض عليها من قبل الصيد، وذلك على الرغم من المرونة التي أبدتها أثناء المفاوضات. لكن يبدو أن ضغوط حزب "نداء تونس" من أجل التقليل من دور "النهضة" في الحكومة لا يزال مستمراً.
أما الطرف الثاني الذي أصيب بخيبة أمل كبيرة فهو حزب "الاتحاد الوطني الحر"، إذ لم يتم إدراج اسم رئيسه في التشكيلة الحكومية، ولم يُعطَ أيّاً من الوزارات السيادية، كما لم تتم الاستجابة لرغبته في الحصول على حقيبة المالية.
وهذا ما دفعه إلى تعليق المفاوضات مع رئيس الحكومة المكلف، واللجوء إلى رئيس الدولة، الباجي قايد السبسي، إذ استقبل الأخير رئيس الحزب، سليم الرياحي، الذي احتج على منح حزبه وزارة واحدة ويتيمة بدل الحصول على ست حقائب كما كان يطمح.
ويعود ذلك إلى شبهات لا تزال تخيم على أجواء هذا الحزب، إذ اضطر جزء من المشاركين في حملته الانتخابية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بدفع أجورهم، إضافة إلى ملفات أخرى يعتبرها الكثيرون "مشبوهة".
والواضح في هذا السياق أن حزب "نداء تونس" حريص على تقليص مشاركة "الاتحاد الوطني الحر" إلى أقصى حد ممكن، وذلك على الرغم من وقوف رئيس الحزب إلى جانب السبسي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
أما الطرف المستفيد حتى الآن في التشكيلة الحكومية، فهو حزب "آفاق تونس" الذي تم إعطاءه ثلاث وزارات أساسية، من بينها وزارة التربية التي ستكون من نصيب رئيس الحزب ياسين إبراهيم، مع احتمال حصوله على وزارة رابعة.
كما تأكد وجود الطيب البكوش على رأس وزارة الخارجية، ورفيق الشلي كوزير للداخلية، وهو سبق له أن تحمّل مسؤولية وزارة الدولة للأمن الوطني. وتتّجه الأمور كذلك نحو تعيين قياديين رئيسيين في حزب "نداء تونس"، وهما لزهر العكرمي في منصب وزير النقل، وسعيد العايدي على رأس وزارة التكنولوجيا، مع استمرار الضغط من "النداء" للحصول على نصف الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة.
من جهتها، اعترضت رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة، وداد بوشماوي، على احتمال الإبقاء على الوزير الحالي للشؤون الاجتماعية، عمار الينباعي، بحجة أنه "لا يتوافر فيه الحياد السياسي تجاه جميع الأحزاب"، وفق قولها.
هذه المعطيات تؤكد أن مخاض تشكيل الحكومة المقبلة مرشح لكي يستمر في التفاعل، كما أنها تطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل الحكومة الجديدة في حال عدم التوصل إلى توافق مع حركة "النهضة"، باعتبارها القوة الثانية في البلاد. ولكن بعض التقديرات تتوقع استمرار المفاوضات رغبة في التوصل إلى وفاق أوسع، مع بقاء جميع الاحتمالات مفتوحة، فقد يُحسم الأمر نهاية الأسبوع الحالي، أو ربما يُضطر رئيس الحكومة المكلف إلى تأجيل الإعلان عن التشكيلة الجديدة إلى مطلع الأسبوع المقبل.