الحكومة الأردنية تحارب الفقر بالخدمة العسكرية الإجبارية

10 سبتمبر 2020
قدرت الحكومة نسبة الفقر بحوالي 15.7% (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -

ترمي الحكومة الأردنية بكامل ثقلها للتصدي للفقر الذي تشهد معدلاته ارتفاعاً غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، وتسارع هذا العام بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا وما نتج عنها من فقدان عشرات آلاف الأردنيين لوظائفهم وأعمالهم الخاصة.

وفي هذا السياق كشفت الحكومة عن اعتزامها إعادة الخدمة العسكرية الإجبارية للمواطنين بهدف تدريبهم على سوق العمل للمساهمة في حل أزمة البطالة والحد من الفقر.

وقالت دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، أول من أمس، إن معدل البطالة في الأردن بلغ 23% خلال الربع الثاني من عام 2020، بارتفاع مقداره 3.8 نقاط مئوية عن الربع الثاني من عام 2019، الذي كان يبلغ 19.2%.

وما زاد المخاوف لدى الحكومة بحسب مراقبين أن مؤسسات عالمية، وعلى رأسها البنك الدولي، تقدر أن تتجاوز نسبة الفقر في الأردن هذا العام 27% فيما يقدرها خبير محلي بحوالي 57% ويرجح أن تقفز البطالة إلى أكثر من 25% وخاصة مع عودة آلاف الأردنيين العاملين في الخارج، لا سيما في دول الخليج العربي.

وقد بدا على رئيس الوزراء، عمر الرزاز، المخاوف التي تساور حكومته من ارتفاع نسبة الفقر في الأردن وخاصة مع عدم اتضاح الرؤيا حيال أزمة كورونا.

وقال الرزاز الأحد الماضي في كلمته الأسبوعية المصورة إلى الأردنيين: "سنستمر في جهودنا وبرامجنا الرامية لتحفيز القطاع الخاص وجذب الاستثمار خاصة في القطاعات الواعدة مثل الصناعات الدوائية والغذائية".

وأضاف أن الحكومة وفي إطار سعيها لمواجهة تحديات الفقر والبطالة والاستثمار في قدرات الشباب ستعمل على إعادة تدريجية لخدمة العلم العسكرية (الخدمة العسكرية الإجبارية) بشكل وقالب جديد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

الحكومة أوقفت العمل بخدمة العلم العسكرية حيث كان يلزم كل أردني بالخدمة العسكرية في القوات المسلحة لمدة عامين، وتتجه الحكومة لإعادة النظر بها وتطبيقها على فئات عمرية محددة لتدريبهم لسوق العمل من قبل القوات المسلحة.

تصريحات الرزاز أثارت جدلا واسعا في الشارع والأوساط الاقتصادية رغم حديثه عن أهم المشكلات التي يعاني منها الأردن وهما الفقر والبطالة.

وقال نائب رئيس غرفة صناعة عمان السابق، موسى الساكت، إن معالجة الفقر والبطالة لا تكون إلا من خلال النمو الاقتصادي وتحفيز القطاعات الاقتصادية الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات وغيرها.

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن مشكلتي الفقر والبطالة تفاقمتا بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية وزادت الأمور صعوبة بسبب وباء كورونا، وبالتالي فإن التصدي لهما يحتاج إلى إجراءات غير تقليدية، وذلك بالتركيز على تطوير وتنمية القطاعات ذات القيمة المضافة العالية للاقتصاد واستقطاب الاستثمارات والمساعدات القائمة منها على التوسع وتطوير أعمالها.

وقال إن القطاع الصناعي الذي يعتبر من الروافد الأساسية للاقتصاد الأردني يعاني حتى قبل أزمة كورونا، ويتوجب العمل على معالجة المشكلات التي تعاني منها مختلف القطاعات بما يمكنها من توفير مزيد من فرص العمل وتحريك باقي الأنشطة.

وقدرت الحكومة نسبة الفقر في الأردن العام الماضي بحوالي 15.7% لكنها لم تعلنها رسميا بعد أن شكك خبراء في صحتها وعدم دقة الدراسة التي أجريت من قبل دائرة الإحصاءات العامة الرسمية.

 

وكان الخبير في الدراسات الاجتماعية، حسين الخزاعي، قد قال إن المؤشرات الرقمية تؤكد أن نسبة الفقر في الأردن أعلى بكثير من المستويات المعلنة من قبل الحكومة وهي تتجاوز 57%.

وكان الأردن قد شهد في الثلاث سنوات الماضية احتجاجات غير مسبوقة بسبب ارتفاع الضرائب والأسعار وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة، كما نظم عاطلون اعتصامات متوالية للضغط على الحكومة لتشغيلهم.

وقال الخبير الاقتصادي، منير حمارنة، لـ"العربي الجديد" إن الفقر والبطالة من أخطر المشكلات التي تواجه الأردن مع تراجع قدرة الاقتصاد على توفير فرص العمل وتخفيض التوظيف في القطاع العام.

وأضاف أن التصدي لهاتين المشكلتين يتطلب تحفيز النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات وتشجيع رأس المال المحلي للاستفادة من الفرص المتاحة وضرورة توجيه المدخرات الوطنية الكبيرة المودعة في البنوك لتوظيفها باستثمارات مولدة لفرص العمل وذات مردود ايجابي على الاقتصاد والمالية العامة للدولة.

وفي المقابل، أكد رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد"، أن إعادة الخدمة العسكرية الإجبارية مهمة مع ضرورة ربط عمليات التدريب للمستهدفين بسوق العمل ودراسة احتياجاته حتى يتم تحفيز الشباب للعمل في القطاعات المشغلة للأيدي العاملة كقطاعات الزراعة والإنشاءات وغيرها.

وأكد ضرورة العمل أيضاً بتشاركية مع القطاع الخاص وبيوت الخبرة في مجال العمل لضمان نجاح المبادرات التي تطرح لمحاربة الفقر والبطالة.

المساهمون