الحقوق المدنية عربيا

22 مارس 2018
+ الخط -
الحديث عن الحقوق المدنية هو عن حياة المجتمع وقوانينه التي يجب أن تكفل هذه الحقوق، حق الحياة وحق المعتقد وحق التعبير عن الظلم الذي قد يتعرض له شخص أو جماعة أو عرق أو مذهب، وعندما تفتقد هذه الحقوق، فإنها تنتزع من خلال التظاهر أو الاعتصام أو العصيان المدني إن تطلب الأمر ذلك.
وثيقة المدينة التي أرساها المسلمون في العهد النبوي تعبير متقدم في ذلك الوقت للحقوق المدنية، بين المسلم وغير المسلم، فالشريعة الإسلامية النقية، بحسب القرآن والسنة الصحيحة، هي تعبير واضح للحقوق المدنية.
تبدلت التعابير اليوم، فأصبح المسلمون يقفون ضد الحقوق المدنية، لأن هذه الحقوق تعني العدالة والمساواة، وهو ما يرفضه الحاكم ومن حوله من أصحاب النفوذ والمصالح، ومن خلال ما نراه من إكراه الآخرين على الرضوخ لما يعتقده ويراه الطرف الأقوى على الأرض، إذ أصبح الغرب، وعلى الرغم من مساوئه الكثيرة، هو الذي يرعى الحقوق المدنية في مجتمعاته، ويناضل، بحسب ما يقول، من أجل الحقوق المدنية لشعوب بلدان العالم الثالث.
في عالمنا العربي والإسلامي، لا يتم النظر لهذه الحقوق إلا من زاوية يختارها الحكام والإسلاميون، من أن هذه الحقوق في نظرهم تعني حق شرب الخمر والزنا والكفر.. وهذا مفهوم خاطئ، الهدف منه سلب الجماهير حقوقها المدنية التي تستهدف عدم وقوع الظلم والاستبداد، وتنادي بالعدالة والمساواة، إذ انتصر الزعيم الهندي غاندي على الإمبراطورية البريطانية عندما كانت قوةً لا تضاهيها أي قوة بفضل الحق في التظاهر والاعتصام ومقاومة عنف الاحتلال بلا عنف الجماهير، إذ حصل السود في العالم الغربي وفي أميركا على حقهم في أن يكونوا سواسية مع العنصر الأبيض، بفضل كفاحهم السلمي المستمر.
شعوبنا العربية والإسلامية بحاجة إلى استلهام هذه التجارب العريقة، لكي تنال حقوقها، فالعنف والإرهاب ليسا طريقاً لنيل الحقوق أو الصعود إلى السلطة، لكن النضال السلمي المتواصل، حتى لو طال سينتصر، ولنا في غاندي ونضال السود في أميركا مثال جيد.
إننا اليوم في حاجة إلى فهم ديننا الذي جعل من بلال مؤذناً لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتساوياً في الحقوق والواجبات مع عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وكل من كانوا في مقام سادات قريش.
اليوم يوجد في اليمن ودول عربية أخرى تمييز بين الناس على أساس اللون أو الجنس أو العرق، وهذا يتناقض مع مبادئ الإسلام ومبادئ حقوق الإنسان وقيم الدولة المدنية، وهو ما يتطلب نضالاً متواصلاً وكفاحا مستمراً والرهان على اللاعنف، لأن هذا طريق إلى الإنتصار الحقيقي لنيل الحقوق المدنية للجميع بلا استثناء.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)