عندما تخطر على بال الغزيين خيالات أزمنة اقتصادية أفضل، تتراءى لهم صور الفخار الطيني والأواني الزجاجية الملونة والأثاث المصنوع من الخيزران ونسج السجاد وحياكة الحصير.
وعلى مدى عقود، حددت الحرف التقليدية الفلسطينية اقتصاد القطاع الساحلي، حيث توظف الآلاف وتصدر إلى جميع أنحاء المنطقة، لكن اليوم، هذه الحرف تكاد تكون معدومة.
مع تقلص هذه المهن في جميع أنحاء العالم بسبب العولمة والإنتاج الصيني الضخم، يقول أصحاب الأعمال في غزة إن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 12 عاما سرع في هذا الاتجاه.
قال عبد أبو سيدو، أحد آخر صانعي الزجاج في غزة: "لقد تضررنا اقتصاديا. لكنْ نحن باقون، مع أن الأحوال صعبة". وفي ورشة العمل الهادئة الخاصة به، غطت طبقات الغبار بعض القطع الأثرية الزجاجية القليلة المتبقية، مما تطلب منه تنظيفها لكشف ألوانها. كانت صناديق الكرتون من المنتجات والمواد غير المكتملة مكدسة من الأرض إلى السقف.
بدأ أبو سيدو تجارته في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان يبيع بضاعته في سوق البلدة القديمة في القدس، تغير الحال ذلك بعد عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على غزة، وردت إسرائيل ومصر على ذلك بإغلاق الحدود مع القطاع.
سرح أبو سيدو 15 عاملا، وتوقف عن العمل تماما في العام التالي، وفرضت إسرائيل قيودا كبيرة على صادرات وواردات المواد الخام إلى غزة.
ومع ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 50 بالمائة، بات الطلب من السوق المحلية ضعيفا.
يقول أصحاب الشركات إنه بعد سنوات من عدم تمكنهم من التصدير، فقدوا شركاءهم التجاريين السابقين، ولا يمكنهم إعادة العمل كما كان عليه في السابق حتى بعد السماح الجزئي من الاحتلال لبعض صناعات الأثاث بالتصدير.
ليس بعيدًا عن ورشة أبو سيدو، توجد ورشة نجارة خلف الشهيرة بصنع العصي وأثاث الخيزران، في السابق، كانت غرف المعيشة وكراسي وطاولات الطعام تشحن إلى الأسواق في الضفة الغربية وإسرائيل والخليج العربي والولايات المتحدة.
ازدهرت الأعمال من عام 1975 حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وساءت الأمور بعد الحصار، وقال مالك الورشة طارق خلف إنه بدأ تسريح عماله الثلاثين المتفرغين. الآن لديه خمسة بدوام جزئي فقط.
يقول خلف إن سنوات حظر التصدير والحصار أدت إلى انتقال عملائه إلى موردين آخرين منذ فترة طويلة، مضيفا أن الضرائب التي تفرضها حماس على المواد الخام مثلت عقبة أخرى.
وفي هذا السياق، قال خلف: "هذه مهنة فلسطينية تقليدية. يتعين على السلطات الرسمية أن تجعلها أولوية.. عليهم دعم هذه الصناعة". الآلاف من الأواني الفخارية غير المبيعة والأواني والمزهريات والأباريق موجودة في ساحة ورشة عطا الله للفخار.
اقــرأ أيضاً
يقوم ثلاثة عمال بتشكيل الصلصال باستخدام عجلة، في حين خلط اثنان آخران الطين، ويقول عنهم خيري عطا الله، صانع الفخار، إن هذا هو كل ما تبقى من العمال الخمسين الذين كانوا أشبه بخلية نحل في السابق.
قال عطا الله إنه لا يستطيع التصدير إلى الضفة الغربية وإسرائيل التي كان تستوعب ما يصل إلى 90 بالمائة من فخاره قبل الحصار، مضيفا أن "الدخل لم يعد كافيا "، مشيرا إلى أنه يواصل العمل لأن والده لا يريد إغلاق هذه الأعمال المستمرة منذ سنوات طويلة خلال حياته.
محمود الصواف، 73 عاماً، يعتقد أنه آخر حائك في غزة، ومع إغلاق المنطقة أمام السياح، فإن عمال الإغاثة الدوليين هم الوحيدون الذين يبقونه واقفا على قدميه.
غمر حصير القش الأرخص غزة، ولا يستطيع السكان المحليون تحمل أسعار السجاد اليدوي. لكن الأجانب ما زالوا يشترونها. وقال: "حتى في هذا السن (الكبير)، ما زلت أعمل.. لن أستسلم أو أستقيل".
(أسوشييتد برس)
مع تقلص هذه المهن في جميع أنحاء العالم بسبب العولمة والإنتاج الصيني الضخم، يقول أصحاب الأعمال في غزة إن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 12 عاما سرع في هذا الاتجاه.
قال عبد أبو سيدو، أحد آخر صانعي الزجاج في غزة: "لقد تضررنا اقتصاديا. لكنْ نحن باقون، مع أن الأحوال صعبة". وفي ورشة العمل الهادئة الخاصة به، غطت طبقات الغبار بعض القطع الأثرية الزجاجية القليلة المتبقية، مما تطلب منه تنظيفها لكشف ألوانها. كانت صناديق الكرتون من المنتجات والمواد غير المكتملة مكدسة من الأرض إلى السقف.
بدأ أبو سيدو تجارته في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان يبيع بضاعته في سوق البلدة القديمة في القدس، تغير الحال ذلك بعد عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على غزة، وردت إسرائيل ومصر على ذلك بإغلاق الحدود مع القطاع.
سرح أبو سيدو 15 عاملا، وتوقف عن العمل تماما في العام التالي، وفرضت إسرائيل قيودا كبيرة على صادرات وواردات المواد الخام إلى غزة.
ومع ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 50 بالمائة، بات الطلب من السوق المحلية ضعيفا.
يقول أصحاب الشركات إنه بعد سنوات من عدم تمكنهم من التصدير، فقدوا شركاءهم التجاريين السابقين، ولا يمكنهم إعادة العمل كما كان عليه في السابق حتى بعد السماح الجزئي من الاحتلال لبعض صناعات الأثاث بالتصدير.
ليس بعيدًا عن ورشة أبو سيدو، توجد ورشة نجارة خلف الشهيرة بصنع العصي وأثاث الخيزران، في السابق، كانت غرف المعيشة وكراسي وطاولات الطعام تشحن إلى الأسواق في الضفة الغربية وإسرائيل والخليج العربي والولايات المتحدة.
ازدهرت الأعمال من عام 1975 حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وساءت الأمور بعد الحصار، وقال مالك الورشة طارق خلف إنه بدأ تسريح عماله الثلاثين المتفرغين. الآن لديه خمسة بدوام جزئي فقط.
يقول خلف إن سنوات حظر التصدير والحصار أدت إلى انتقال عملائه إلى موردين آخرين منذ فترة طويلة، مضيفا أن الضرائب التي تفرضها حماس على المواد الخام مثلت عقبة أخرى.
وفي هذا السياق، قال خلف: "هذه مهنة فلسطينية تقليدية. يتعين على السلطات الرسمية أن تجعلها أولوية.. عليهم دعم هذه الصناعة". الآلاف من الأواني الفخارية غير المبيعة والأواني والمزهريات والأباريق موجودة في ساحة ورشة عطا الله للفخار.
قال عطا الله إنه لا يستطيع التصدير إلى الضفة الغربية وإسرائيل التي كان تستوعب ما يصل إلى 90 بالمائة من فخاره قبل الحصار، مضيفا أن "الدخل لم يعد كافيا "، مشيرا إلى أنه يواصل العمل لأن والده لا يريد إغلاق هذه الأعمال المستمرة منذ سنوات طويلة خلال حياته.
محمود الصواف، 73 عاماً، يعتقد أنه آخر حائك في غزة، ومع إغلاق المنطقة أمام السياح، فإن عمال الإغاثة الدوليين هم الوحيدون الذين يبقونه واقفا على قدميه.
غمر حصير القش الأرخص غزة، ولا يستطيع السكان المحليون تحمل أسعار السجاد اليدوي. لكن الأجانب ما زالوا يشترونها. وقال: "حتى في هذا السن (الكبير)، ما زلت أعمل.. لن أستسلم أو أستقيل".
(أسوشييتد برس)