أشعلت موجة الحر التي ضربت مصر ضمن عدة دول عربية، أسعار الغذاء لاسيما الخضروات والدواجن بعد أن أضرت الحرارة المرتفعة بالمحاصيل الزراعية ومزارع الدواجن، فيما زاد الإقبال على العصائر والمياه الغازية، ودفع شرائح من المصريين إلى المناطق الساحلية هرباً من الموجة المتواصلة منذ نحو أسبوعين ويتوقع استمرارها لأيام.
وقال رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بالغرفة التجارية في القاهرة، يحيي السني، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الخضروات ارتفعت لأنها سريعة التلف، مشيراً إلى أن هناك زيادة تتجاوز 100% في بعض السلع مثل الطماطم، بينما ييتراوح في سلع أخرى بين 40% 80% مثل البطاطس والبصل، كما اتفعت أسعار الفواكه بنسب تصل إلى 50%.
وامتدت القفزات في الأسعار إلى الدواجن، التي تضررت مزارعها بفعل موجة الحر، التي وصلت درجة الحرارة خلالها إلى 50 درجة مئوية في بعض الأيام.
وقال رئيس شعبة الدواجن في اتحاد الغرف التجارية، عبد العزيز السيد، إن الموجة الحارة تسببت في نفوق أكثر من 30% من حجم الدواجن بالمزارع، مشيرا إلى أن 80% من المزارع الموجودة في مصر مملوكة لصغار المنتجين وتعمل بالنظام المفتوح، وبالتالي تتأثر كثيراً بانخفاض أو ارتفاع درجة الحرارة، بينما يعمل نحو 20% من المزارع بالنظام المغلق، الذي يوفر درجة حرارة معينة صيفاً وشتاءً.
وأضاف السيد في تصريح خاص، أن أسعار الدوجن بالمزرعة ارتفعت بنسبة 20% خلال أيام قليلة ليصل سعر الكيلوغرام إلى 18 جنيها (2.2 دولار) بدلا من 15 جنيها (1.9 دولار)، بينما تزيد الأسعار عن هذه المستويات في الأسواق، متوقعا مواصلتها الارتفاع خلال الفترة المقبلة في ظل انخفاض المعروض.
ويشكو المصريون من ارتفاع الأسعار بشكل متواصل. وكانت أسعار الخضروات والفاكهة قد قفزت بمعدلات قياسية بالأساس قبل موجة الحر الحالية، تزامنا مع دخول عيد الفطر منتصف يوليو/تموز الماضي بنسب وصلت في بعض السلع إلى 100%، وسط غياب الرقابة من قبل الحكومة، في حين أرجع تجار آنذاك هذه الزيادة إلى قلة المعروض وإغلاق معظم محلات الخضروات، وذلك مع بدء إجازة العيد.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي في مصر، ذكر الأسبوع الماضي، أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن بلغ 8.4% على أساس سنوي في يوليو/تموز، بينما سجل 11.4% في يونيو/حزيران، فيما يؤكد خبراء اقتصاد أن هذه النسب تفوق ما تعلنه الأجهزة الحكومية بنحو كبير.
وبحسب صابر سيد، مزارع، فإن درجة الحرارة المرتفعة تسببت في تلف محاصيل الخضروات بالوجه القبلي (جنوب مصر)، حيث أدت إلى حرق النباتات الصغيرة المزروعة حديثا، وأتلفت المحاصيل القريبة من الحصاد، رغم أن الفلاحين حرصوا علي ري الأرض يومياً، بدلا من كل خمسة أيام في الأوقات العادية.
اقرأ أيضاً: المصريون يشْكون استمرار ارتفاع أسعار الخضار والفواكه
وذكر أن مزارع الدواجن الصغيرة التي يملكها المزارعون تضررت بشكل بالغ أيضا، مضيفا " المزرعة التي يوجود بها 3 آلاف دجاجة مثلا ينفق منها يومياً علي الأقل 200 دجاجة".
وفي مقابل الخسائر التي طالت المزارعين ومربي الدواجن، استفادت قطاعات أخرى من موجة الحر التي تضرب البلاد. وقال رئيس شعبة المواد الغذائية في غرفة تجارة القاهرة، أحمد يحيي، إن مبيعات المياه الغازية والمعدنية والعصائر قفزت بنسبة 200%.
وأكد يحيي في تصريح خاص، أن مبيعات هذه السلع ترتفع كل صيف بنسبة 50%، لكن شدة الحرارة رفعتها هذا العام لأربعة أضعاف الزيادة المعهودة، نتيجة إقبال المستهلكين على المثلجات والعصائر والمياه.
وأرجع وكيل اتحاد الصناعات المصرية، طارق توفيق لـ"العربي الجديد" الزيادة في الأسعار إلى ارتفاع التكاليف، مشيراً إلى أن الصناعات المرتبطة بإنتاج سلع سريعة التلف تعمل بأنظمة تبريد متواصلة لا تتوقف، خاصة صناعة الأغذية والدواء.
ولفت إلي أن الذي يعيق عمل المصانع هي الكهرباء، لكن هذا الصيف لم تشهد المصانع أزمة انقطاعات، كما حدث في الصيف الماضي.
كما ارتفعت مبيعات أجهزة التكييف والمراوح، وفق رئيس شعبة الأدوات الكهربائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أشرف هلال، موضحا أن مبيعات هذه الأجهزة زادت بنسبة 50%، مقارنة بالصيف الماضي.
وأشار هلال إلى أن أسعار الأجهزة ارتفعت أيضا بنسبة تترواح بين 20% و30%، بسبب الإقبال عليها وصعود سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري في الفترة الأخيرة، مضيفا أن هناك توقعات بزيادة مبيعات أجهزة التكييف بشكل خاص هذا العام، لتصل مبيعاته إلى أكثر من 800 ألف جهاز.
وفي ظل هذه الموجة اضطرت شرائح من المصريين لقضاء هذه الفترة في الأماكن الساحلية، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الوحدات العقارية في هذه الأماكن ولاسيما الإسكندرية شمال مصر.
وقال طارق فتحي رزق، سمسار بالإسكندرية لـ"العربي الجديد"، إن الارتفاع الشديد في درجة الحرارة أدي إلى هروب معظم المواطنين إلي المصايف، وبالتالي ارتفع الإقبال كثيراً وزاد الطلب علي الوحدات السكنية المجهزة، ما انعكس علي أسعار الشقق المفروشة، خاصة القريبة من الشواطيء.
وأوضح رزق، أن أسعار الشقق ارتفعت بنسبة 100% كما أدى زيادة الإقبال إلى انتعاش مبيعات المقاهى والكافتيريات والمطاعم الموجودة بطول ساحل البحر، التي يتواجد عدداً كبيراً من المقاهى التاريخية والسياحية بها.
ووصلت أسعار الإيجار للوحدات المفروشة البعيدة عن الشواطىء إلى 400 جنيه لليلة (51 دولار)، بدلا من 150 جنيها (19.2 دولار) في نفس الفترة من العام الماضى، فيما ارتفعت أسعار الوحدات المطلة على البحر مباشرة إلى 600 جنيه لليلة (76.6 دولار) في بعض المناطق، بدلا 300 جنيه (38.3 دولار).
ولفت إلي أن ارتفاع أسعار الإيجارات يرتبط بأماكن وجود الوحدة، فدائما ما تكون أسعار الوحدات المصيفية بالمناطق الراقية مرتفعة، مقارنة بالمناطق الشعبية، خاصة إذا وجدت على البحر مباشرة، لكن هذا العام شهد زيادة ملحوظة، ربما لتزايد أعداد المصطافين نتيجة لموجة الحر الشديدة.
اقرأ أيضاً: العيد يرفع أسعار الخضروات والفواكه في مصر 100%