الحرب في طرابلس تهدّد تعليم عشرات آلاف التلاميذ

27 مايو 2019
تلاميذ ثانويون يحاولون تعويض ما فاتهم (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أيام قليلة ينتهي شهر رمضان، وتنتهي معه العطلة المدرسية التي كانت قد "فُرِضت" في المناطق الليبية حيث تدور الاشتباكات العسكرية الأخيرة. لكنّ ثمّة مخاوف تُسجّل من عدم إمكانية استئناف التعليم واستكماله

أكثر من 122 ألف تلميذ ليبي ليسوا قادرين على الالتحاق بمدارسهم في طرابلس بسبب المعارك الدائرة في جنوب العاصمة. هذا ما أعلنه مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في ليبيا، في آخر بيان أصدره حول الموضوع، موضحاً أنّ النزاعات المسلحة أدّت إلى وقف العملية التعليمية في تسع بلديات في طرابلس، فيما يتعذّر وصول المدرّسين إلى المؤسسات التعليمية الواقعة في مناطق النزاع. وقد شدّد بيان مكتب المنظمة على وجوب عدم تحمّل الأطفال وطأة النزاعات.




هذا الرقم الذي يعود إلى نحو شهر، لم يعد بالنسبة إلى رئيس جمعية لبدة للدعم الخيري، الطيب قويسم، معبّراً عن الواقع اليوم، ويؤكد أنّ الرقم أكبر بكثير. يشرح قويسم لـ"العربي الجديد" أنّ النزوح تزايد مذ أصدرت يونيسف بيانها الأخير، وثمّة أرقام متداولة تشير إلى "بلوغ عدد النازحين 80 ألفاً، علماً أنّ الأسر النازحة بمعظمها لديها أولاد توقّفت دراستهم".

وكانت وزارة التعليم في حكومة الوفاق الوطني قد أعلنت في منتصف إبريل/ نيسان الماضي عن تعليق الدراسة واعتبار شهر رمضان عطلة مدرسية، مؤجّلة موعد امتحانات نهاية العام إلى يوليو/ تموز المقبل. يُذكر أنّ ثمّة مدارس في بلديات بطرابلس كانت قد توقّفت عن التدريس قبل حلول رمضان. ويوضح قويسم أنّ "تلك المدارس استندت إلى قرار يعطي فيه وزير التعليم سلطات البلديات أمرَ تقدير الوضع الأمني وتقرير الاستمرار في العملية التعليمية من عدمه"، مشيراً إلى أنّ "عدد المدارس التي أقفلت أبوابها تبعاً لهذا القرار بلغ 103 مدارس في طرابلس". ويتحدّث قويسم عن مدارس متضررة، منها "أربع على أقلّ تقدير في قصر بن غشير وعين زاره، لا أظنّ أنّه في إمكان التلاميذ العودة إليها حتى لو توقّفت الحرب". ويشدد قويسم على أنّ "الظروف النفسية مهمّة للتلاميذ عند استعدادهم للامتحانات المقررة في يوليو/ تموز المقبل".

ولعلّ المشكلة الأساسية التي يواجهها تلاميذ المدارس المقفلة تتمثّل في عدم استكمالهم مقرّراتهم الدراسية التي كان من المتوقع الانتهاء منها في نهاية شهر مايو/ أيار الجاري، بحسب الخطة الدراسية المعلنة من قبل وزارة التعليم في بداية العام الدراسي الجاري. وبهدف مواجهة هذه المشكلة، أطلقت منظمة "كنوز المعرفة للتدريب والتطوير" (أهليّة) في العاشر من الشهر الجاري، بالتعاون مع لجنة الأزمة في وزارة التعليم، مبادرة تقضي بتوفير دورات مجانية في المناهج الدراسية للتلاميذ النازحين بهدف استكمالها.

وقد شرحت رئيسة مجلس إدارة "كنوز المعرفة للتدريب والتطوير"، أسماء القماطي، في تصريحات صحافية سابقة، أنّ فكرة الدروس المجانية للتلاميذ النازحين لقيت استحساناً وقبولاً، وقد استفاد منها 85 تلميذاً وتلميذة في مختلف السنوات الدراسية، من الصف الثالث ابتدائي حتى التعليم الثانوي. وتوفرت القرطاسية لهؤلاء التلاميذ إلى جانب الدروس. ولفتت القماطي إلى أنّ مدرستَين فتحتا أبوابهما لاستقبال التلاميذ، في حين تطوّع عدد كبير من المدرّسين في مختلف التخصصات.

وبينما يقرّ قويسم بجهود الجهات الأهلية، إلا أنّه يرى العدد المعلن، وهو 85 تلميذاً، ضئيلاً جداً بالمقارنة مع رقم 122 ألف تلميذ الذي كانت منظمة "يونيسف" قد أشارت إليه. يقول إنّ "آلاف التلاميذ يعانون تلك المشكلة وقد ارتكز كثيرون منهم على الجهد الشخصي أو مدرّسين خصوصيين"، مشدداً على أنّها "جهود خاصة لن توفّر كامل العملية التعليمية التي تتطلب وسائل تدريس ومختبرات وأعمالاً تطبيقية، لا سيّما في التخصصات العلمية".




ويلفت قويسم إلى أنّ "الوزارة ما زالت تتعامل مع الأزمة، على الرغم من تكررها، بعشوائية، لجهة القرارات والإجراءات المتخذة". يضيف أنّه "كان يتوجّب على لجان الأزمة أن تتحلّى بالخبرة الكافية في هذا السياق"، مؤكداً أنّ "الوزارة لم تعلن حتى الآن عن خطة لتوزيع التلاميذ النازحين على المدارس من أجل الخضوع لامتحانات نهاية العام الدراسي في يوليو/ تموز المقبل". ويتابع قويسم أنّ "الوزارة في العام الماضي طلبت من التلاميذ النازحين الالتحاق بأقرب مدرسة في منطقة نزوحهم للخضوع للامتحانات، على خلفية مواجهات كانت تشهدها مدن ليبية"، موضحاً أنّ "هؤلاء التلاميذ ما زالوا يعانون مشكلة في الحصول على شهاداتهم فيما مُنعوا من تقديم طعن قانوني في نتائج تعليمهم بعدما حُرموا من درجات أعمال السنة الدراسية بسبب توقّفهم عن الدراسة والتحاقهم فقط بالامتحانات".
المساهمون