الحرب خط أوباما الأحمر

04 يونيو 2014

John Coulter

+ الخط -
على الرغم من انتقادات عديدة تُوجّه من الكونجرس إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وسياسته الخارجية، وعلى الرغم من حملات كثيرة تعرّض لها أوباما من الجمهوريين، بكل خطواته، ولا سيما في مواقفه الأخيرة بشأن المفاوضات مع إيران، كما من الكيماوي في سورية، وتراجعه عمّا بات يعرف بالخطوط الحمر، وعدم توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري، إضافة إلى الموقف من أوكرانيا وتطور الأحداث فيها، إلا أن أحداً لم يكن ليتوقع أن يحصل أوباما على إشادة من بعض خصومه السياسيين، لخطوة اعتبرت جديدة ومهمة في ملف الإرهاب، وهي تخصيص خمسة مليارات دولار، لدعم مكافحة الإرهاب، بالتعاون مع الدول الحليفة والصديقة.
هذه الإشادة تبعها هجوم واسع على خطاب الرئيس أوباما الذي أطلقه في وست بوينت أمام العسكريين الجدد، والذي خصصه للحديث عن السياسة الخارجية، لم يتأخر فيه السيناتور الأميركي الجمهوري، جون ماكين، من أن يشنّ هجوماً واسعاً على الخطاب، معتبراً أنه غير كامل، وغير كاف للرد على التحديات والتهديدات التي تأتي من الخارج، كما انتقد ماكين وصف أوباما خصومه السياسيين بأنهم مع الخيار العسكري، مؤكداً أن لا أحد قال ذلك.
خرج أوباما عن صمته في الرد على خصومه، وحدد خياراته، مدافعاً عنها في كل المحطات حتى في سورية وأوكرانيا، وهو بدا واثقاً من طريقة إدارته السياسة الخارجية، ولو أنه يتعرض لحملات عديدة تشن عليه، وتصفه بالقيادي "الضعيف". قرأ أوباما جيداً المزاج الشعبي الأميركي، وقاد حملته المضادة في الرد، من خلال شعاره الأساسي "الأمة الأميركية تعبت من الحرب"، وهو يعلم جيداً أن موقفه الرافض وجود جنود على الأرض في أي مكان في العالم كان من أبرز الأسباب التي أدت الى إعادة انتخابه، في العام 2012، لولاية ثانية، وهو حصل على تصفيق كبير من أهالي التلامذة العسكريين المتخرجين، عندما خاطب العسكريين بقوله "ستكونون الدفعة الأولى منذ سبتمبر/أيلول 2001 الذين لن تغادروا في مهمات عسكرية خارجية".
 
من الواضح أن أوباما كان يتحدث إلى رأي عام تعب من الحرب، وهو يحاول أن يقدم له البدائل عبر استراتيجية المشاركة مع الدول الحليفة والمؤسسات الدولية، ومن خلال اعتماد سياسة خطوات مؤثرة وفاعلة، عبر الضغط والعقوبات والدعم من الدول الصديقة، وهو ما ركز عليه في موضوع أوكرانيا والتنسيق مع أوروبا، وفي الوقت نفسه، وضع عقوبات على روسيا، وهي سياسة يعتبرها أوباما ناجعة، كما حصل مع إيران. أوباما الذي أكد أن هناك فرصة حقيقية من أجل تحقيق ما نريده، من دون استخدام القوة، وهو ما اعتبره مصدر قوة أميركا، إلا أنه قال "أميركا لا تزال تقود العالم، وعليها دائماً أن تقود، وإلا لا أحد سيقود العالم". 
لا شكّ في أن خطابات أوباما جذابة دائماً، ويرتكز جزء كبير من الكاريزما التي يتمتع بها الرئيس الأميركي على قوة أدائه الخطابي المقنع، وهو جزء، أيضاً، من المشكلة، عندما لا يقترن القول بالفعل، كما حصل في سورية، بعد التهديد باستخدام القوة العسكرية، والتراجع عنها، وهو ما قدم لخصومه صك اتهام حول شخصية أوباما المترددة والضعيفة، ولو أنه شرح، فيما بعد، الأسباب الموجبة لهذه الخطوة وانعكاساتها.
في أي حال، أراد أوباما تحديد ملامح معركته الخارجية بالاستمرار بسياسة "عدم خوض الحروب"، ولو أنه أشار، في معرض حديثه عن التهديد الإرهابي، إلى أن أكثر ما يهدد أميركا من الداخل والخارج، وبإمكانية أخذ خطوة مباشرة عند الضرورة، بقوله "نضرب فقط عندما نواجه تهديداً مستمراً وحاصلاً، وفقط عندما نكون أقرب إلى التأكيد من عدم حصول ضحايا مدنيين".   
خصوم أوباما وصفوا الخطاب في وست بوينت بالفارغ الذي لم يقدم جديداً، ومؤيدوه اعتبروه مقنعاً ومحدداً لخطواته، وأبرزها عدم إدخال أميركا في حروب جديدة، وبين الاثنين يقف أوباما محاولاً إنهاء ولايته الثانية، من دون أخطاء جسيمة، يمكن أن تترك تداعيات في السياسة، ليخرج منها، كما دخل حاملاً معه جائزة نوبل للسلام التي نالها في سنته الأولى من ولايته.