الحراك فاعل جندرياً

03 أكتوبر 2015
الحراك كرّس مواطنة فاعلة للنساء (بلال جاويش/الأناضول)
+ الخط -

بعيداً عن المكتسبات المباشرة التي يسعى الحراك المدني #طلعت_ريحتكم، إلى تكريسها، ثمة مكتسبات جندرية ونسائية يجدر التنبّه إليها في هذا الحراك. منها امسك متحرّش، وهذا ليس شعاراً، إلا أن الحراك نجح في كسر التابو حول أشكال التمييز أو الانتهاك أو التحرّش التي تتعرض لها النساء. استطاع تكريس وعي عام رافض لأشكال الانتهاك أو التمييز أو التحرّش التي لطالما واجهتها النساء، وبقيت ضمن أطر مقفلة خوفاً من العيب أو عدم القدرة على المواجهة.

قال ضابط التحقيق للناشطة نضال أيوب لدى اعتقالها: "بنت حلوة متلك شو عم تعمل بالشارع؟". أما ممثل الرئيس نجيب ميقاتي، النائب أحمد كرامي، فقد قال لمراسلة الـ "إل بي سي": "حكينا في جلسة الحوار عن جمالك". تم تداولها إعلامياً وشعبياً وفضحها. الحراك يحاسب. الحراك فاعل.

هناك أيضاً جندرة اللغة. هذه المسألة لطالما أثارت ردود فعل غير مستحبة من القراء على وسائل التواصل الاجتماعي. اللغة التي تلحظ النساء والرجال في خطابها إنما تكرس اعترافا مباشراً للنساء بحضورهن ومواطنيتهن وأدوارهن. أخيراً، باتت التعليقات والشعارات والتعليقات على "فيسبوك" حساسة جندرياً، من دون أن يأخذ أصحابها بالضرورة دروساً في الجندرة. وهذه إشارة إلى تحول في الوعي الجمعي حيال النساء، واعتراف مباشر بمشاركتهن ودورهن ومكانتهن.

ثالثاً، إدماج المطالب النسائية ضمن سياق المطالب الأخرى. تلحظ بعض المجموعات المنضوية في الحراك الارتباط العضوي بين المكتسبات المباشرة للحراك، كوضع حد للفساد والمحاصصة في ملف النفايات، وبين المكتسبات غير المباشرة على مستوى الحقوق والكرامة الإنسانية وحقوق النساء (كالحق في الجنسية، أو إنهاء العنف، أو ملف أمهات وأهالي المخطوفين والمفقودين، وغيرها من المطالب التي ارتبطت بالحراك). يقدم الحراك المطلبي المدني إذاً، تحت شعار #طلعت_ريحتكم، وما واكبه من تحركات انبثقت عنه نموذجاً لتكريس مفهوم المواطنة الفاعلة.

منذ عشر سنوات تقريباً ومفهوم المواطنة الفاعلة يشغل حيزاً من عمل منظمات المجتمع المدني. لم نستطع ترجمة هذا المصطلح على أرض الواقع. وهذا الحراك نجح في ترجمة الوعي في أشكال تترجم مسؤوليتهم/هن المجتمعية لتكريسها من خلال المحاسبة والمساءلة. ذهب هذا الحراك خطوات أبعد من خطابه. كرّس مواطنة فاعلة لجمهور ليس من المجتمع المدني بالضرورة، ونجح في تحفيزه ليتخذ دور المسؤول في المطالبة والمحاسبة حيال القيمين على السلطة. كما ذهب خطوة أبعد وكرّس مواطنة فاعلة للنساء.
مجدداً، يبعث هذا الحراك الكثير من الأمل، والكثير الكثير من المسؤولية لتصبح المكتسبات الضمنية حقيقة واقعة ومباشرة.
(ناشطة نسوية)

اقرأ أيضاً: هي وهو في حراك بيروت
المساهمون