الحرائق... وسيلة السلطات العراقية لإخفاء البيانات

26 أكتوبر 2015
تظاهرات في العراق ضد الفساد (حيدر حمداني/ فرنس برس)
+ الخط -
تعتبر الحرائق من أهم الوسائل التي تلجأ إليها المؤسسات الرسمية في العراق منذ العام 2003 لإخفاء البيانات الرسمية، وذلك لتغطية الصفقات المشبوهة، والسرقات التي يقترفها كبار المسؤولين. تصدر وزارة التخطيط تقارير فصلية وسنوية، تتناول حجم البطالة، الفقر، والتضخم، لكن العديد من الخبراء، يشككون في صحة هذه التقارير، لأن غالبية هذه الأرقام بعيدة عن الواقع. والدليل على ذلك أن الحكومة تدعي وجود مليونين ونصف المليون نازح من الحرب الحالية، بينما منظمة الأمم المتحدة تؤكد أن عدد النازحين تخطى أربعة ملايين نازح. 
يقول الخبير الاقتصادي هشام الكناني، لـ"العربي الجديد"، تقوم الإحصاءات في العراق على نشر بيانات ثانوية، فيما لا تعمل على نشر البيانات الرئيسية، وعلى سبيل المثال، ينشر جهاز الإحصاء العراقي تقارير بسيطة جداً عن عدد الطلاب في الكليات الخاصة، ولا ينشر التقارير الخاصة بالمواضيع الاقتصادية، مثل حجم الإنفاق في كل وزارة وعدد موظفي الدولة وعدد المشاريع المنجزة، وهذا يعود إلى القوى السياسية التي تسيطر على مفاصل الدولة، مشيراً إلى أن هناك معلومات محظورة، أو تعتبر من الخطوط الحمراء، قد تودي بحياة الموظفين الذين يجرون المسوحات لأنها ستكشف فساد الطبقة السياسية الحاكمة".

غياب المعلومات

وبحسب الكناني، فإن الحكومة منذ العام 2004، لم تقدم الحسابات الختامية للميزانية المالية، خوفاً من كشف فسادها، "كما أن بعض الوزارات تنشر منجزاتها السنوية على مواقعها الإلكترونية بشكل مخالف لما يجري في الواقع"، مشيراً إلى أن العراق يفتقد للمعلومات الاقتصادية الحقيقية، "وتقف الجهات المختصة عائقاً أمام جميع الباحثين في تزويد أي مؤسسة بحجم الأموال التي تنفق".

اقرأ أيضاً:تزييف معدلات الفقر والبطالة يصنع الأوهام التونسية

كما يلفت الكناني إلى نقطة هامة تتعلق بالموازنات العامة، فيقول" تحذف من الميزانية المالية بعد إقرارها من البرلمان، تخصيصات كل وزارة ومن ثم تنشر في الصحف، وهذا دليل أن الحكومة والبرلمان يرفضان الكشف عن الأموال وطرق صرفها".
إلى ذلك، يؤكد العديد من المختصين أن الأرقام والمعلومات الاقتصادية التي يكشفها جهاز الإحصاء تفتقد للدقة، ويقول نائب رئيس جمعية الاقتصاديين العراقيين باسم جميل أنطوان، لـ "العربي الجديد"، إن الأرقام والإحصائيات المعروضة اليوم غير دقيقة، لأننا نفتقد للإحصاء العلمي الدقيق، مشيراً إلى أن "خط الفقر اليوم يقدر بنحو 23% لكن الواقع هو أكثر من هذا بكثير".
في غضون ذلك، يؤكد عضو لجنة النزاهة النيابية، محمد كون أن هناك العديد من الحرائق طاولت غرف العقود في الوزارات والدوائر الحكومية بالاتفاق مع بعض الجهات، "لتدمير المعلومات حول العقود التي تتضمن شبهات الفساد لمنع أجراء أي تحقيق بهذه الملفات".
وتفتقد البلاد إلى التعداد السكاني الذي يمثل الأساس في المسوحات التي يجريها مركز الإحصاء من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، ويشير الاقتصادي ليث محمد رضا، إلى أن استمرار التأجيل في إجراء مسح سكاني، يعود سببه إلى التحديات الأمنية والخلافات السياسية، لاسيما بخصوص آلية إجراء التعداد في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، ولذا، فإن الأرقام الصادرة تكون عادة مخمنة، أو تقديرية.

اقرأ أيضاً:الإحصاءات السورية "غب الطلب" وتتناقض مع الواقع

أما بالنسبة إلى إخفاء الأرقام، فيقول رضا، "إن الأرقام الاقتصادية في العراق، ليست مخفية، لكن هناك تفاوتاً في تقديم المعلومات بين وزارة وأخرى وربما بين قسم وآخر في الدائرة الصغيرة، وهذا يعود للتقاليد الإدارية القديمة التي لا تدرك أهمية الشفافية".
دلالات
المساهمون