الجمهوريون يخسرون معركة تعطيل الاتفاق النووي الإيراني

11 سبتمبر 2015
يريد أوباما الانتهاء من الملف النووي سريعاً (تشيب سوموديفييا/Getty)
+ الخط -
خسر الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس الأميركي، أمس الخميس، معركة تعطيل الاتفاق النووي مع إيران، بعدما أدى تصويت إجرائي في الكونغرس إلى عرقلة محاولات الجمهوريين تمرير "قرار عدم التأييد" للاتفاق، إذ صوت 58 عضواً في الكونغرس مع القرار مقابل 42 ضده، في حين كان الانتقال من التصويت الإجرائي إلى التصويت النهائي يتطلب 60 صوتاً. وكان تمريره سيمنع الرئيس الأميركي من رفع العقوبات الأميركية المفروضة على ايران.

وقد سارع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى الإشادة بما سمّاه "نصراً للدبلوماسية وللأمن القومي للولايات المتحدة ولأمن العالم"، داعياً إلى التركيز على تنفيذ الاتفاق النووي بهدف ضمان عدم امتلاك إيران السلاح النووي.
ولم يكن فشل الأعضاء الجمهوريين في محاولتهم تعطيل الاتفاق النووي مع إيران مفاجئاً، إذ رفض الديمقراطيون، منذ البداية، تعرّض رئيسهم لنكسة في مسألة مصيرية في السياسة الخارجية، بينما خسر الجمهوريون آخر أوراقهم لمحاولة وقف مسارٍ محتوم.

وبعد أن كان الرئيس، باراك أوباما، في موقع المُدافع، تغيّرت المعطيات في الأسبوعين الأخيرين مع انتقال القيادات الديمقراطية في الكونغرس من الدفاع إلى الهجوم، في معركة تمرير الاتفاق النووي. وقد حدث هذا بعد تأمين الديمقراطيين 34 صوتاً في مجلس الشيوخ من أصل 100، يضمن عدم "إلغاء الجمهوريين مفاعيل أي فيتو (حق النقض) لأوباما في أي قرار رافض من الكونغرس للاتفاق النووي".

بعدها، انتقل الحزب الديمقراطي إلى محاولة تأمين 41 صوتاً، لمنع انعقاد جلسة التصويت من أساسها. وانضمّ إلى رافضي عقد جلسة للتصويت، أعضاء مجلس الشيوخ، غاري بيترز ورون وإيدن وريتشارد بلومنتال وماريا كانتوال، رداً على موقف السيناتور الديمقراطي، جو مانشين، الذي كان رابع ديمقراطي في مجلس الشيوخ ينشقّ عن الحزب في مسألة الاتفاق النووي، بينما كانت السيناتور المنتمية إلى الحزب الجمهوري، سوزان كولينز، تنضمّ إلى المعسكر المُطالب بعقد الجلسة. وبلغ عدد المؤيدين لجلسة التصويت 58 سيناتوراً، وهم بطبيعة الحال رافضو الاتفاق النووي، في مقابل 42 سيناتوراً رافضين عقد جلسة التصويت، وهم من مؤيدي الاتفاق النووي.

وأمام هذه الحالة، أبلغ البيت الأبيض المعنيين أنه لا يريد إطالة القضية أكثر، لتمرير أسابيع إضافية من الفيتو والتصويت المضاد. وجاء في بيان صادر عن إدارة أوباما، في هذا السياق، أن "رفض الاتفاق من الكونغرس سيتركنا في موقف ضعف وليس قوة". كما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، أن "الإدارة تتوقع من أعضاء الكونغرس، الذين يدعمون الاتفاق، اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الكونغرس من تقويض الاتفاق".

اقرأ أيضاً: كلينتون تدعم الاتفاق النووي بتحفظ ولا تستبعد ضرب إيران

وبعد خمسة أسابيع من عطلة الكونغرس، اقتصرت المعركة حتى الأمس على شد حبال بين زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري، ميتش مكونيل، وزعيم الأقلية، السيناتور الديمقراطي، هاري ريد. وبعد تأمين 42 صوتاً على الأقلّ، لمنع انعقاد الجلسة، اقترح ريد على مكونيل عقد جلسة تصويت على الاتفاق، في حال حصل الجمهوريون على 60 صوتاً من أصل 100 سيناتور، وهو الأمر المتعارف عليه في مجلس الشيوخ.

رفض مكونيل العرض، مشدداً على أن "مجلس الشيوخ في هذه الحالة يحتاج إلى 50 صوتاً وليس 60، لبتّ مصير انعقاد الجلسة". وقال في تصريحات إعلامية إنه "يحقّ لأعضاء مجلس الشيوخ التصويت على قبول الاتفاق أو رفضه، وليس التعطيل أو وضع حدود مصطنعة"، واصفاً محاولات زملائه الديمقراطيين بأنها "حملات تشويش لحماية أوباما".

وقدّم مكونيل اقتراحاً، مساء الأربعاء، لإغلاق النقاش حول الاتفاق، وعقد جلسة تصويت لاختبار مدى تماسك أصوات الديمقراطيين، وكان موقف ريد أكثر حدة بعد اكتسابه ثقة أكثر، وقال: "لدينا 42 سيناتوراً لصالح الاتفاق وسيواصلون التصويت بهذه الطريقة". وفي المقابل تابع الجمهوريون انتقاداتهم وضغوطهم لوقف عرقلة الديمقراطيين، فقد صرح أحد أبرز القياديين الجمهوريين في الكونغرس، السيناتور جون كورنين، أن "المرشد الإيراني علي خامنئي قال، إن البرلمان الإيراني يجب أن يصوّت على الاتفاق. بالتالي سيكون الأمر غير مسؤول إذا منع الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عملية التصويت من خلال تعطيل انعقاد الجلسة". 

وكان التقارب، بداية الأسبوع، بين مكونيل وريد قد أزعج القاعدة المحافظة في مجلس النواب، وفور العودة من العطلة، يوم الثلاثاء، بدأ النواب المحافظون انتفاضة على قياداتهم، لا سيما رئيس المجلس، جون بونر. ورفض النواب المحافظون محاولات بونر طرح الاتفاق على التصويت، وأصروا على فكرة اقتراح مشروع قانون يشير إلى أن فترة الـ60 يوماً للمراجعة لم تبدأ بعد، ولن تبدأ، قبل أن يُسلّم البيت الأبيض المعلومات حول "الاتفاقات الجانبية" مع طهران حول الاتفاق النووي. ووصفت زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، هذه المحاولة بـ"الظريفة"، مؤكدة أن الاتفاق النووي سيدخل حيز التنفيذ في 17 سبتمبر/أيلول، علماً بأن بونر لمّح إلى أنه تلقّى رسالة من 15 حاكماً جمهورياً، يعربون فيها عن نيتهم الإبقاء على العقوبات على إيران على مستوى ولاياتهم".

كما عمل جزء كبير من الجمهوريين، بتشجيع من لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، لاستغلال فرصة التصويت، لزيادة الضغوط على أوباما في هذا الشأن، وتصوير الاتفاق على أنه معادٍ لإسرائيل ويضعف الأمن القومي الأميركي، حتى لو لم يكن هناك فرص نجاح عملية لإجهاض الاتفاق، وفي حسم الكونغرس موقفه قبل نهاية مهلة 17 سبتمبر/أيلول الحالي، لكن النقاش حول هذه القضية لن يتوقف في واشنطن في المدى المنظور.

اقرأ أيضاً: نتنياهو يفقد سحر فهم أميركا واللوبي الصهيوني يتهمه بالفشل