الجزائر تلجأ للأجانب بهدف إنعاش الزراعة

07 مايو 2018
عقبات تواجه القطاع الزراعي في الجزائر (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -


قررت الجزائر الاستنجاد بالأجانب لإنقاذ قطاع الزراعة المتعثر منذ عقود، حيث فتحت الحكومة الباب أمام رؤوس الأموال غير الجزائرية للاستثمار في الأراضي العمومية عبر منحها "حق الامتياز" لأول مرة، بعد أن كان للمستثمرين المحليين فقط.
ويسمح النظام الجديد للأجانب بالاستفادة من بعض الامتيازات كالإعفاءات الضريبية والخصم في فواتير الماء والكهرباء.

وحسب ما حملته النسخة النهائية لقانون الموازنة التكميلية لسنة 2018، فقد أقرت حكومة رئيس الوزراء أحمد أويحيى في الفصل الثالث، إعادة تنظيم "نظام الامتياز" للأراضي الزراعية العمومية، حيث تشير المادة الثالثة من مشروع القانون إن "حق الامتياز للأراضي الزراعية ووسائل الاستغلال التابعة للمجال الخاص للدولة، التي وضعت تحت تصرف المزارع النموذجية يتم تحويلها إلى شركات استثمار أنشئت في إطار الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص مع مستثمرين وطنيين أو أجانب".
وحسب المادة الرابعة: "يتم ترسيم تحويل الامتياز من خلال شهادة إدارية يتم إصدارها من قبل إدارة أو مصالح أملاك الدولة المتخصصة إقليميا والتي تلحق بدفتر الشروط والأعباء".

وفي حالة عدم الامتثال بالالتزامات المنصوص عليها في إطار تنفيذ دفتر الشروط والأعباء محل الشراكة فإنه "يتم إلغاء عقد الامتياز بقرار إداري طبقا للتشريعات السارية المفعول في المجال، ويتم تحديد تدابير التنفيذ للتدابير بإجراء تنظيمي".
ولا تزال هذه الخطوة تثير تساؤلات في الأوساط الاقتصادية كون أن الحكومة لفّتها بكثير من الغموض، حيث لم توضح سقف مشاركة الأجانب في الاستثمارات الزراعية التي ستقام فوق مزارع "الدولة".

وحسب الخبير الزراعي عيسى منصور فإن "الشراكة في القطاع الزراعي بين المستثمرين المحليين والمتعاملين الأجانب مجسدة حاليا في الميدان بعديد عن المشاريع الحكومية، وفي هذه الشراكة يكون الجانب المحلي هو صاحب الامتياز والمتعامل الأجنبي شريك حسب قاعدة 51/49".
ويتساءل الخبير الجزائري في حديث مع "العربي الجديد" قائلا: "لكن ما معنى منح حق الامتياز للأجانب؟ هل هذا يتيح للأجنبي أن يتحصل على حق الاستحواذ على الأراضي الزراعية المملوكة للدولة الجزائرية من دون الحاجة إلى الشريك المحلي؟ وهل مشروع القانون يمنح للأجنبي جميع التسهيلات التي تمنح للمستثمر المحلي.
وتابع منصور: "يجب التنويه أن المستثمر المحلي لم تعطَ له الفرصة كاملة لأجل إقامة المشاريع الزراعية، موضحاً أن منح حق الامتياز للمهندسين مثلا، والذين يتمنون الحصول على أراض زراعية هو ضرب من الخيال وتعتبر عملية شبه مستحيلة كما هو الحال أيضا بالنسبة للحصول على التمويل البنكي، لذلك يجب رفع هذه القيود التعجيزية عن الاستثمار الزراعي للمتعامل المحلي قبل التفكير في منح الامتياز للمستثمرين الأجانب". 
ووفق التشريع الجزائري فإن "المزارع النموذجية" قد حددت لها وضعية خاصة، تسمح للدولة بأن تمتلكها وتستغلها لإنتاج البذور والنباتات ومن المفترض أن تضمن هذه المزارع التحكم وتعميم استخدام التقنيات العصرية للإنتاج وأن تتحول إلى قاطرة للتنمية في القطاع الزراعي.

وحسب الأرقام التي تحصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر مطلع، فإن عدد المزارع النموذجية (المملوكة للدولة) الموجهة للخصخصة أمام المستثمرين المحليين والأجانب قدر في المرحلة الأولى بـ 169 مزرعة وتقدر مساحتها الإجمالية بـ 146 ألف هكتار (الهكتار = 2.4 فدان) منها 125 ألف هكتار مساحات زراعية خاصة للحبوب.
ووفقاً لتقارير رسمية، تحوز الجزائر على قرابة 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، استغل منها 3.5 ملايين هكتار فقط، أي قرابة 45 % من إجمالي المساحة.

ورغم الدعم المالي للدولة فإن المزارع النموذجية التي تم إطلاقها في إطار برامج التنمية والتي تهدف إلى استغلال الطاقات وتحريك قاطرة القطاع، ظلت مساهمته في الناتج المحلي الخام ضئيلة في ظل عجز الدولة عن الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية.
وفي المقابل، يرى الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، أن "تنازل الدولة الجزائرية عن الأراضي الزراعية التي تمتلكها لصالح الأجانب يبقى من المنظور الاقتصادي الخيار الأمثل، بدلاً من أن تترك الأراضي دون استغلال".

وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "هذه الخطوة يجب أن تتبعها رقابة صارمة، حتى تتم عملية نقل التكنولوجيا للطرف الجزائري، كما يجب أن تُلزم الدولة المستثمرين بضرورة التوجه نحو التصدير في أقرب الآجال".
غير أنه حسب لالماس تبقى "هذه الخطوة حاملة لبعض السلبيات، منها احتمالات بتضرر صغار المزارعين من هذه التجربة بالنظر إلى ضعف إمكاناتهم".


دلالات
المساهمون