انتقدت منظمات وناشطون حقوقيون في الجزائر إصدار السلطات لتعميم يلزم أصحاب حافلات وسيارات الأجرة للنقل العام، بمنع نقل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في رحلات ما بين الولايات.
وقال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، صالح بودبوز، إنّ هذا التعميم ليس منافياً فقط للقانون المحلي والدولي الذي يسمح بحق الحرية في التنقل بالنسبة لكل من يعيش داخل الجزائر، ولكنه منافٍ للأخلاق العامة أيضاً، ومؤشر على ضعف الدولة.
وتساءل بودبوز "كيف يمكن تطبيق هذه التعليمة ذات الطابع العنصري؟ كيف يمكن لأصحاب الحافلات التأكد من هوية المسافرين وإذا كانوا مهاجرين غير شرعيين أم لا؟ هل سيطلب من كل مسافر تقديم بطاقة هويته قبل صعود الحافلة؟"، وأضاف "وإذا كان الأمر يتعلق بالمهاجرين الأفارقة على أساس تمييزهم باللون، فهناك ملايين الجزائريين من مناطق الصحراء بشرتهم سمراء أو سوداء، هل سيطلب منهم أيضا إثبات هويتهم قبل السماح لهم بصعود الحافلات أو سيارات الأجرة؟".
وكانت السلطات المسؤولة عن قطاع النقل البري بولاية مستغانم (غربي الجزائر)، قد أصدرت تعميماً موجهاً لسائقي الحافلات وسيارات الأجرة يقضي بمنع نقل المهاجرين غير الشرعيين
في وسائل النقل العمومية والخاصة، ويستند في ذلك إلى تعميم وزاري. ويحذر التعميم الحكومي الناقلين الذين يخالفون مضمونها بعقوبات صارمة بينها سحب رخصة النقل.
وقال دبوز "هل أصبحت الحكومة الجزائرية عنصرية تحارب ظاهرة اللجوء لأسباب أمنية اقتصادية أو سياسية خارج إطار القانون الدولي الذي يلزمها بالاتفاقيات؟".
بدوره، قال ممثل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الجزائر، عبد السلام عليلي، إنّ هذه التعليمات "إجحاف في حق المهاجرين ومؤشر على تجاوز عدم استقرار مؤسسات الدولة، والاعتداء على اللوائح والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر".
ويأتي هذا في سياق جدل سياسي وإعلامي كبير مستمر في الجزائر، بسبب تزايد تدفق المهاجرين الأفارقة على المدن الجزائرية وإقامتهم لمخيمات عشوائية في كل مكان، بعد التسلل عبر الحدود الجنوبية للجزائر مع كل من مالي والنيجر.
ويقطع المهاجرون الأفارقة أكثر من ألفي كيلومتر للوصول إلى مدينة الخليل شمال مالي نقطة تجميع المهاجرين الأفارقة قبل التسلل إلى الجزائر، والدخول إلى تمنراست أول مدينة يصل إليها المهاجرون الأفارقة قبل الانطلاق لمدن الشمال، وتقوم شبكات بتهريب المهاجرين إلى الجزائر عبر ممرات صحراوية.
وفي الفترة الأخيرة أبدت الحكومة الجزائرية وأوساط مدنية وسياسية حالة من القلق في الجزائر من موجة تدفق المهاجرين الأفارقة، وقبل شهرين عبر وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، عن مخاوف أمنية من تدفق المهاجرين الأفارقة، واتهم شبكات تهريب مرتبطة بجماعات "إرهابية" بتهريب المهاجرين الأفارقة، وأعلن أن الجزائر تخطط لترحيل آلاف المهاجرين الأفارقة المقيمين بطريقة غير قانونية إلى بلدانهم. كما قال وزير الداخلية نور الدين بدوي إن الجزائر تحولت من بلد عبور إلى بلد إقامة دائمة لآلاف المهاجرين الذين يصلون إليها عبر الصحراء بحسب مسؤول حكومي.
وتقدر منظمات حقوقية عدد المهاجرين الأفارقة في الجزائر 100 ألف مهاجر، أغلبهم من دولة النيجر ومالي ومن 16 دولة أفريقية.