الجزائر تحصي أغنياءها تمهيداً لضريبة الثروة

23 يناير 2020
الضريبة الجديدة تقلق المستثمرين (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -

 

تعتزم حكومة الجزائر إطلاق عملية إحصاء لأصحاب الثروات الكبرى في البلاد، تمهيدا لتطبيق الضريبة على الثروة التي جاءت بها موازنة 2020، وهي عملية ينتظر منها أن تكشف حجم الطبقة الغنية، سواء المحلية أو الأجنبية الموجودة في البلاد.

وحسب المعلومات التي حازت عليها "العربي الجديد"، ينتظر أن تقوم المديرية العامة للضرائب الجزائرية بوضع نظام معلوماتي جديد يتضمن جميع أنواع البيانات حول الأملاك، بغرض الكشف عن الأشخاص الذين سيخضعون للضريبة والخروج لاحقا ببطاقة وطنية للثروات.

وقال مدير التشريع والتنظيم الجبائيين بمديرية الضرائب، كمال تواتي، إن "مصلحة الضرائب أعدت الإطار القانوني لإطلاق عملية إحصاء أصحاب الثروات، تمهيدا لإخضاعها لضريبة الثروة، والعملية مبدئيا تستغرق من 6 إلى 10 أشهر، لأنها مرتبطة بقطاعات عدة، ومن المرتقب أن يتم احتساب الضريبة بأثر رجعي من يناير/كانون الثاني 2020".

وأضاف تواتي لـ "العربي الجديد"، أن "عملية الإحصاء تتم بالتعاون مع وزارة التجارة، من خلال منح معلومات عن السجلات التجارية للشركات، ومديرية أملاك الدولة التي تحوز خريطة العقارات وقطع الأراضي (عقود الملكية)، كما ستتم العملية بالتنسيق مع وزارة الداخلية لأخذ معلومات حول السيارات الفخمة كونها مسجلة على مستوى الدوائر المحلية ووزارة المالية التي سترخص للبنوك منح معلومات حول الأرصدة، في إطار احترام التشريع الجزائري الذي يحمي زبائنها ".

وحددت الحكومة الجزائرية قيمة الضريبة على الأملاك بنسبة تتراوح بين 2 و5 في المائة على الأملاك التي تفوق 100 مليون دينار (800 ألف دولار)، ويجب على الخاضعين لهذه الضريبة أن يكتبوا تصريحا سنويا بأملاكهم لدى مفتشية الضرائب وتسديد المستحقات قبل 31 مارس/آذار من كل سنة.

وتخضع وجوباً لإجراءات التصريح كل الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية، والحقوق العينية العقارية، والأموال المنقولة مثل السيارات الخاصة التي تفوق سعة أسطوانتها 2000 سم3 (بنزين) و2200 سم3 (ديزل)، والدراجات النارية ذات سعة محرك يفوق 250 سم3، واليخوت وسفن النزهة وطائرات النزهة وخيول السباق والتحف واللوحات الفنية التي تفوق قيمتها 500 ألف دينار (4400 دولار).

كما تخضع للضريبة المنقولات المخصصة للتأثيث والمجوهرات والأحجار الكريمة والذهب والمعادن الثمينة، كما تشمل الأملاك المعنية بالتصريح الديون والودائع والكفالات وعقود التأمين في حالة الوفاة، بينما يستثنى من تطبيق هذه الضريبة أملاك التركة الموروثة في حالة التصفية والأملاك التي تشكل السكن الرئيسي.

وستحوّل 60 في المائة من عائدات هذه الضريبة إلى الخزينة العمومية، و20 في المائة إلى الصندوق الوطني للسكن، فيما توجه النسبة المتبقية إلى خزينة البلديات مقر سكن صاحب الثروة. ولم تكشف الحكومة عن حجم الأموال المنتظر تحصيلها بعد تطبيق الضريبة التي ستمس 10 في المائة فقط من الجزائريين، حسب تصريحات سابقة للمسؤولين.

وتسعى الحكومة إلى توفير إيرادات إضافية للحد من الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلاد بسبب تراجع العائدات النفطية.

وأثارت هذه الضريبة الكثير من الجدل في الشارع الجزائري، منذ الإعلان عنها في شهر سبتمبر/أيلول 2019، خاصة بين أصحاب رؤوس الأموال، الذين أعلنوا عن رفضهم لهذه الضريبة، إذ يرونها تخل بمبدأ المساواة المكرس في الدستور، خاصة أنهم يدفعون ضرائب على نشاطاتهم الصناعية والتجارية، وعلى رواتبهم.

وإلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، أن "تطبيق الضريبة على الثروة تقابله 3 عقبات كبيرة، أولاها غياب القانون المنظم لتطبيق هذه الضريبة، أو ما يُعرف بـ "المرسوم التنفيذي" الذي سيستغرق شهورا طويلة رغم بداية عملية إحصاء الأغنياء".

وأضاف نور الدين أن "العقبة الثانية تتمثل في تباين قيمة العقار بين منطقة وأخرى، وبالتالي هناك من يسدّد ضريبة عن منزل بقيمة من يملك قصرًا.

والعقبة الثالثة تتمثل في غياب ثقافة التصريح الضريبي في الجزائر، فمثلا في فرنسا يتم التصريح الكلاسيكي في شهر إبريل/نيسان من كل عام، والتصريح الرقمي يُجرى في الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار، وهذا يعني أن كل شخص يصبح عنده رقم مرجعي، وبناءً على ذلك يعرف كم هو حجم ممتلكات كل فرد؟ وحتى بيانات الزوجات والأبناء تظهر".

وتابع الخبير الجزائري "البلاد تعيش أزمة اقتصادية تحتّم عليها تليين القوانين وخفض الضرائب لجلب الأموال، وفرض ضريبة على الثروة قد تكون له نتائج عكسية، لأنها قد تخيف المستثمرين".

المساهمون