الجزائر: بدء محاكمة سلال وأويحيى في رابع قضية فساد

06 يوليو 2020
أويحيى يستعطف القضاء "أنا مريض بالسرطان ولم أكمل علاجي"(العربي الجديد)
+ الخط -

للمرة الرابعة في ظرف أقل من أسبوعين يمثل رئيسا الحكومة الجزائرية السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وعدد من الوزراء الموقوفين والملاحقين في قضايا فساد أمام القضاء.

 وتخص المحاكمة الجديدة تورطهم في قضية رجل الأعمال وصاحب مصنع لتركيب السيارات محيي الدين طحكوت (وعدد من أفراد عائلته)، أحد رموز الكارتل المالي في الجزائر في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ووجهت المحكمة لمجموع المتهمين الموقوفين منذ يونيو 2019، تهم فساد تخص منح والحصول على امتيازات ومزايا وصفقات عمومية بطريقة مخالفة للتشريع، حصل بموجبها محيي الدين طحكوت من وزارة النقل على صفقات غامضة لتسيير شبكة حافلات لنقل الطلبة، وعلى تسهيلات من الحكومة ووزارة الصناعة لصالح مصنعه لتهريب السيارات، وكذا التهرب الضريبي.

وإضافة إلى أويحيى وسلال، يحاكم في نفس القضية وزيرا الصناعة السابقان عبد السلام بوشوارب ويوسف يوسفي، ووزيرا النقل السابقان عمار غول وعبد الغني زعلان، وخمس ولاة سابقين، إلى جانب 56 مشتبها فيهم، بينهم مسؤولون بوزارة الصناعة والمناجم ومديران عامان سابقان لديوان الخدمات الجامعية يوجدان رهن الحبس المؤقت، إلى جانب الأمين العام السابق بوزارة النقل، وإطارات ديوان الخدمات الجامعية، وإطارات مصالح أملاك الدولة والضرائب.

رئيس الحكومة الجزائرية السابق عبد المالك سلال(العربي الجديد)

 

أويحيى يستعطف القضاء

وكشف رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، خلال جلسة محاكمته اليوم وللمرة الأولى، أنه مصاب بداء السرطان.

وقال أويحيى، خلال استجوبه في محكمة سيدي امحمد "أنا مريض بالسرطان، ولم أتمكن من إنهاء آخر حصة علاج"، وذكر للقاضي أنه غير نادم على القرارات التي اتخذها وهو رئيس حكومته.

وأضاف في هذا السياق "لو عينت من جديد في الدولة لاتخذت نفس القرارات".

وظهر رئيس الحكومة السابق في المحاكمات الأخيرة متعبا جدا وشاحب الوجه، بخلاف الفترة الأولى من سجنه.

 وكان أويحيى قد فقد قبل أسبوعين شقيقه ومحاميه العيفة، وتمكن من حضور تشييع جنازته، ولا يعرف ما إذا كانت تصريحاته حول إصابته بالسرطان جدية أم أنها بهدف استعطاف القضاء للإفراج عنه، خاصة أنه يحوز حتى الآن ثلاثة أحكام قضائية في حقه بـ12 سنة سجنا مرتين في قضيتين و15 سنة في قضية ثالثة، إضافة إلى القضية الرابعة التي تجري محاكمته بشأنها.

وطالبت هيئة الدفاع عن أغلب المتهمين بوقف إجراءات المحاكمة، لأنه تمت محاكمتهم على أساس نفس التهم في قضايا سابقة، وأنه من غير الجائز قانونا تكرار ومحاكمة الشخص على نفس التهم مرات عديدة.

 كما أثارت هيئة الدفاع قضية عدم صلاحية المحكمة الابتدائية في محاكمة رئيسي الحكومة، لكون القانون ينص على محكمة خاصة، لكن القاضي اعتبر أن المحكمة العليا هي التي قررت وحددت المحكمة التي تختص بمحاكمتهم، وأن عدم تشكيل هذه المحكمة الخاصة يقع على مسؤولية رئيسي الحكومة السابقين اللذين لم يقوما بطلب تشكيلها احتراما للقانون.

وكان القضاء الجزائري قد دان في 30 يونيو الماضي وللمرة الثالثة رئيسي الحكومة ووزراء سابقين في قضية فساد، وأصدرت نفس المحكمة سيدي امحمد حكما بالسجن في حق أويحيى وسلال بـ12 سنة حبسا نافذا، في قضية فساد تخص زعيم الكارتل المالي علي حداد.

يبرز توالي هذه القضايا مجموعة من المؤشرات تتعلق برغبة القضاء الجزائري في إبداء جدية بالغة في معالجة هذه القضايا

 

كما دانت المحكمة عددا من الوزراء المتابعين في قضية اليوم، بعقوبات سجن تتراوح بين 20 سنة سجنا وخمس سنوات في حق وزراء الصناعة الأسبق الفار في الخارج عبد السلام بوشوارب، ووزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول، وثلاث سنوات في حق وزير السكن والنقل السابق عبد الغاني زعلان، وبالحبس عامين في حق وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي.

وقبل ذلك بأسبوع، كانت المحكمة قد أصدرت أحكاما مشابهة في حق مجموع هؤلاء المتهمين بمن فيهم أويحيى وسلال في قضية فساد ثانية تخص مصنع تركيب سيارات لرجل أعمال من الكارتل المالي مراد عولمي. كما صدرت في مارس الماضي أحكام ثالثة ضدهم في قضية تخص التمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ويبرز توالي هذه القضايا مجموعة من المؤشرات تتعلق برغبة القضاء الجزائري في إبداء جدية بالغة في معالجة هذه القضايا واسترجاع صدقيته أمام الرأي العام من جهة، كما أن تفاصيلها توضح مستوى بالغا من نهب المال العام والتلاعب بمقدرات الدولة وسوء التسيير والتداخل بين الكارتل المالي ومؤسسات الحكومة وهيمنته على صناعة القرار في الدولة في العقد الأخير، خاصة منذ مرض الرئيس بوتفليقة عام 2013.