بهذه الكلمات لخّص يوسف خبابة، من حزب النهضة الجزائري المعارض، المشهد المعقّد ببلاده، فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية باتت صعبة جداً في بلد يعد واحداً من أكبر منتجي الغاز والنفط حول العالم.
والأسعار ملتهبة وتشهد قفزات رغم امتلاك الجزائر ما يقرب من 200 مليار دولار احتياطي من النقد الأجنبي حتى منتصف العام 2014، مودعة في بنوك غربية، خاصة الأوروبية.
وهناك غضب شديد وبطالة متفاقمة بين الشباب قد يقود لثورة، والحكومة تقول إنه لا يوجد لدى الخزانة العامة للدولة ما يكفي لتلبية كل مطالب المواطنين، خاصة مع تهاوي أسعار النفط الذي تمثل إيراداته النسبة الأكبر من إيرادات البلاد.
وتعيش الجزائر هذه الأيام لحظات صعبة، ربما ترجمها وعبّر عنها ما حدث داخل البرلمان خلال الأيام القليلة الماضية، حيث شهدت جلسة البرلمان الأخيرة مشادات كلامية وتشابكاً بالأيدي بين نواب الأحزاب الموالية للحكومة، ونواب آخرين من أحزاب المعارضة، حول موازنة العام 2016 والتي على أثرها تم اتخاذ خطوات تقشفية عنيفة، منها رفع أسعار البنزين والديزل المدعّمة، وزيادة ضريبة القيمة المضافة المفروضة على الكهرباء والغاز وخدمات إنترنت الجيل الثالث، وخفض الإنفاق العام بنسبة 9%، وهو ما قد يؤثر سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل لوّحت الحكومة بالبدء في برنامج خصخصة القطاع العام وبيع عدد من الشركات الحكومية لرجال أعمال ومستثمرين محليين وأجانب، ويتخوّف البعض من أن تكون الشركات التي سيتم بيعها استراتيجية ولها علاقة مباشرة بالمواطنين، مثل شركات الكهرباء والأغذية والمطاحن والإسكان.
وعلى المستوى السياسي، فإن الحديث لا يتوقف عن الحالة الصحية لرئيس البلاد، عبد العزيز بوتفليقة، منذ إصابته بجلطة في العام 2013.
ومن حين لآخر تنتشر شائعات حول وفاة الرجل، خاصة مع ظهوره النادر منذ بدء فترته الرئاسية الرابعة، وهذا الأمر لا يقلق فقط الشارع الجزائري بشعبه وأحزابه وحكومته، ولكن يقلق أيضا المستثمرين الأجانب الذين لديهم استثمارات ضخمة في البلاد، خاصة في قطاع الطاقة والغاز، وربما يقلق أسواق المال الدولية المرتبطة بالبلاد، وكذا الدول التي تستورد الغاز من الجزائر.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن الجزائر دخلت مرحلة حرجة من تاريخها، فاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي فقد نحو 50 مليار دولار منذ يونيو/ حزيران 2014 بسبب تهاوي أسعار النفط، وبات الحديث الآن عن إمكانية تلاشي هذا الاحتياطي خلال فترة زمنية قدّرها البنك الدولي بنحو 19 شهراً، ما لم تحسّن الحكومة مناخ وبيئة الأعمال والاستثمار لجذب استثمارات أجنبية جديدة، خاصة في قطاعات غير نفطية، وتنويع مصادر الدخل من خارج النفط والغاز اللذين يشكلان نحو 95% من دخل البلاد.
وإيرادات البلاد نفسها من الطاقة (النفط والغاز) شهدت ما يشبه الانهيار، حيث تراجعت من 68 مليار دولار في العام الماضي 2014 إلى 34 مليار دولار هذا العام 2015، وهناك توقعات بوصولها إلى 26 مليار دولار في العام القادم 2016، خاصة مع عدم وجود أية مؤشرات لمعاودة تحسّن أسعار النفط في الأسواق الدولية في المستقبل القريب.
الحكومة الجزائرية في مأزق، خاصة عقب إعلانها عن إرجاء تنفيذ بعض مشاريع البنية التحتية التي تهم المواطنين، وتحميل الشعب مسؤولية سوء الأحوال الاقتصادية بالبلاد، رغم أن هذا الشعب لم يستفد كثيراً من زمن الرخاء المالي والطفرة النفطية التي شهدتها البلاد.
الحكومة الجزائرية والوزراء والجنرالات وكبار المسؤولين بالدولة يمتلكون مليارات الدولارات في بنوك سويسرا وبريطانيا وفرنسا، والشعب فقير لا يجد من يحنو عليه ويوفر له فرصة عمل وخبزاً نظيفاً وحياة أدمية كريمة.
اقرأ أيضا: برلمان الجزائر يوافق على رفع أسعار الطاقة