تعقد أحزاب المعارضة الجزائرية، اليوم الثلاثاء، أكبر مؤتمر يجمع الأحزاب والتنظيمات والشخصيات السياسية المعارضة للسلطة وللرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وتشارك في المؤتمر 400 شخصية تمثل أحزاباً سياسية وتنظيمات مدنية وشخصيات سياسية وناشطين حقوقيين، أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، والمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة علي بن فليس.
وأعلن أكبر أحزاب المعارضة في الجزائر "جبهة القوى الاشتراكية "المشاركة في المؤتمر، ووجهت الدعوة الى قيادة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، التي تشارك في أول نشاط سياسي منذ حظر الحزب ومنع نشاط قيادييها عام 1992.
وقال القيادي في الجبهة المحظورة، عبد القادر بو خمخم، إنه "سيشارك في المؤتمر، لطرح موقف الجبهة من القضايا السياسية الراهنة في الجزائر، ولتأكيد أهمية وجودها في المشهد السياسي بعد الظلم الذي وقع عليها في التسعينيات".
ودعا إلى المؤتمر "تكتل تنسيقية الانتقال الديمقراطي" الذي يضم حركة "مجتمع السلم" (اخوان الجزائر) و"حركة النهضة" و"جبهة العدالة والتنمية" (إسلاميون)، و"حزب جيل جديد" (محافظ) و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (علماني).
ويشبّه المراقبون المؤتمر بندوة "سانت ايجيديو" التي عقدتها احزاب وشخصيات معارضة في "كنيسة سانت ايجديو" في العاصمة الإيطالية، روما، في نهاية عام 1994 وبداية 1995.
وتوصّل حينها المجتمعون إلى ما عرف بـ"عقد روما"، وهو وثيقة تنص على آليات الانتقال الديمقراطي في الجزائر بعد وقف المسار الانتخابي من قبل الجيش في العام 1992، ودفع الرئيس الشاذلي بن جديد، إلى الاستقالة من منصبه.
ويعقد المؤتمر بعد صعوبات إدارية نتيجة محاولة السلطة تعطيل تنظيمه. وقال المتحدث باسم "حركة النهضة" محمد حديبي، لـ"العربي الجديد" إن "قوى المعارضة واجهت مماطلة من قبل السلطات في الترخيص بعقد المؤتمر، ثم محاولة الضغط على الفنادق التي حاولنا استئجار قاعات فيها لعقد المؤتمر".
لكن رئيس "أكاديمية المجتمع المدني في الجزائر" أحمد شنة، أوضح بدوره لـ"العربي الجديد" أن "ترخيص السلطات بعقد مؤتمر المعارضة، يُعَدّ مؤشراً ايجابياً على درب التأسيس الفعلي للممارسة الديمقراطية، ورسالة تطمين من السلطة لمختلف أطياف المعارضة، بأن المشهد السياسي الوطني في طريقه الى التغيير على الصعيد الداخلي".
مرحلة انتقالية
وتسعى المعارضة إلى تشكيل تكتل سياسي قوي ومتوافق، تمهيداً لإصدار أرضية سياسية توحد الجهود باتجاه الضغط على السلطة، ودفعها إلى القبول بمطالب المعارضة والإقرار بمرحلة انتقالية تنتهي بصياغة دستور توافقي والتداول السلمي للسلطة.
وفي المؤتمر، سيناقش قادة الأحزاب والتنظيمات والشخصيات المعارضة ديباجة سياسية، تنص على آليات تنظيم مرحلة انتقال ديمقراطي تسمح للجميع بالمساهمة في إنشاء مؤسسات شرعية ذات مصداقية للوصول إلى التسيير الديمقراطي للمؤسسات، والتداول السلمي على السلطة عن طريق الاقتراع الحر".
وتدعو الديباجة إلى "وفاق وطني يؤطر الانتقال الديمقراطي إلى حين، وانتخاب مؤسسات ديمقراطية، وتشكيل حكومة انتقالية توافقية، وتشكيل هيئة مستقلة ودائمة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها".
وتطالب بصياغة "دستور جديد توافقي، يجسد أهداف مسار الانتقال الديمقراطي ويمر عبر استفتاء شعبي، وفتح نقاش مجتمعي واسع وعميق يهدف إلى البحث عن آليات اجتثاث الآفات المهددة للمجتمع كالفساد واللاعقاب".
وتدعو إلى "منع حصول هيمنة من أي جهة عسكرية أو مالية أو دينية أو فئوية أو من مجموعات ضغط خلافاً للمعايير الديمقراطية أو من أي جهة خارجية، وضمان تطور المجتمع المدني والإعلام، وضمان تمتع الأقليات بحقوق معقولة وفق عقد اجتماعي تضمنها التشريعات والممارسات السياسية".
وبرأي الأكاديمي أحمد شنة، "نجاح المؤتمر مرتبط بنجاح قوى وشخصيات المعارضة في الخروج من عقلية الصراع على كراسي الزعامة وتصدر المنابر والواجهات الإعلامية والسياسية، وهو الأمر الذي أضر كثيراً بالمعارضة، وجعلها تبدو هزيلة أمام السلطة وغير قادرة على التغيير وتقديم البدائل بعيداً عن الشخصنة وعبادة الذات"، على حد تعبيره.