تحرّكت الجبهة الجنوبية السورية في "الجيش السوري الحرّ"، رافعةً من جديد عبارات "الثورة والمساواة والحرية"، بينما الساحة كانت متروكة لجزاري النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وقبل أيام، ظهر المقاتل في "حزب الله"، عماد عيان، في شريط أسره في بلدة عسّال الورد السورية.
وقع الشاب بيد عدوّه، ولم يعد مهماً ما سيقوله، فهو أسير وجريح، وبإمكانه التعبير عن أي شيء بما فيه الخيبة من تعامل قيادته مع مقاتليها. أهم ما جاء في هذا الشريط هو دمغه بشعار "الجيش السوري الحرّ"، ولا دعوات فيه إلى التكفير والقتل والبطش. في زمن تحوّلت فيه الثورة السورية إلى حرب بين فريقين (النظام وحلفاؤه من جهة، وتنظيم داعش وأخواته من جهة أخرى)، عاد "الجيش السوري الحرّ" إلى الظهور والقتال والحركة. خرج إلى أرض المعارك السورية، من يحمل السلاح ويدعو في الوقت عينه إلى "تحرير كل مكونات شعبنا السوري من ربقة الطغيان، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين". أصدرت فصائل الجبهة الجنوبية في "الجيش الحر"، بيان "العهد الوطني" الذي يتضمّن عبارات "الحرية والكرامة والمساواة وإسقاط الديكتاتورية وحماية حقوق السوريين وفقاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان".
تعيد الجبهة الجنوبية القليل من الأمل إلى ثورة يخنقها النظام ويرجمها تكفيريون ويستغلّها تجار أموال وسلاح. تكتفي برفع السلاح والمواجهة لتحرير سورية من دون أن تُسقط على شعبها أي نظام أو مشروع سياسي، فتعلن "دعم جهود السوريين في اختيار نظام الحكم الذي يرتؤونه على أساس التشاركية والتمثيل والشفافية".
تفصل الجبهة الجنوبية في الجيش الحرّ نفسها كلياً عن السياسة. لا تمثّل طرفاً داخلياً ولا خارجياً، وتبقى نقطة انطلاقها الأهم أن لا أسماء فيها تصدّرت الواجهة حتى الساعة. قيادتها غير معروفة ولا تبحث عن كاميرات ولا عن مؤتمرات صحافية، فتعمل في الظلّ من دون أن تربكها النجوم العسكرية على الأكتاف. ويمتد عمل الجبهة من جنوبي مدينة حمص إلى طول الحدود اللبنانية ــ السورية، مروراً بالعاصمة السورية ووصلاً إلى الحدود مع فلسطين المحتلة وجنوباً مع الأردن. ويقول أحد المطلعين على عمل الجبهة الجنوبية لـ"العربي الجديد" إنّ العمل العسكري يتمحور على ثلاثة مستويات رئيسية: في دمشق وغوطتها والقلمون، بالإضافة إلى العمل على تأمين سلامة الجنوب السوري.
شتاء جرديّ
على طول الحدود بين لبنان وسورية، تتحضّر مجموعات "الجيش الحرّ" للبقاء في الجرد، حيث عليها أن تمضي شتاءً قاسياً بعد أسابيع. وعلى عكس ما يتم التداول فيه أو حتى تحاول الفصائل الأخرى القيام به، فإنّ "لا نيّة للجيش الحر أو قرار بإسقاط قرى أو مدن في منطقة القلمون".
تدرك القيادة جيداً أن "لا قدرة على المحافظة على أي قرية تتم السيطرة عليها"، وبالتالي لن يتعدّى العمل العسكري في هذه المرحلة "استهداف مواقع النظام وحزب الله في هذه المنطقة". فيتم البحث عن عمليات نوعية ودقيقة وسريعة، ثمارها واضحة وجليّة.
وقد يكون السيناريو الذي حصل في كل من بلدة بريتال اللبنانية وعسّال الورد السورية أخيراً هو الأمثل بالنسبة للجبهة الجنوبية، أي التسلّل باتجاه مواقع متقدمة للعدو، ضربها والسيطرة عليها وعلى أسلحتها، ومن ثم العودة إلى الجرود حيث يتمّ اليوم "التجهيز اللوجستي للشتاء المقبل". فقضاء فصل مماثل في هذه المنطقة الجغرافية، يعني أن تكون المجموعات قد موّنت غذاءً وسلاحاً يكفيها لأشهر، باعتبار أنّ الطرقات ستُقطع على الجرود والتواصل مع القرى والمدن المحيطة سيكون شبه معدوم. لم يعد يتخطى عديد مقاتلي الجبهة الجنوبية العشرات عند هذه الحدود بفعل صعود نجم المجموعات الإسلامية والمتشدّدة.
كما تغذّى هذا الانتحار بفعل معركة عرسال (بلدة لبنان عند الحدود، وقعت فيها المعركة الأخيرة مطلع أغسطس/آب الماضي)، وعوامل أخرى أهمها ماليّ، بالإضافة إلى منحى التشدّد الذي بدأ يسيطر أخيراً على فصائل المعارضة المسلحة. هكذا باتت جبهة النصرة اليوم هي القوّة العسكرية الكبرى في القلمون، "بعد أن كانت قيادة الجبهة الجنوبية هي التي تمسك الأرض". أما في الداخل السوري، فلا يزال مقاتلو الجبهة موجودين على أبواب دمشق. هم في الغوطة وجوبر يبحثون منذ سنوات عن فتح طريق عسكري إلى العاصمة لربطها بالجنوب السوري. هي مهمة فائقة الصعوبة اليوم، إن لم نقل مستحيلة.
بما تيسّر، يعود "الجيش الحرّ"، بجبهته الجنوبية، إلى صورة المعارك في سورية. ليس بيد الجبهة طائرات تحالف دولي ولا على جدول أعمالها ائتلاف وطني. لا تمسك لغة الجهاد والشريعة وتحكم بها، إذ لا تمتلك إلا القليل للدفاع عن شعار "تحيا سورية الحرة" الذي يذيّل بياناتها.
وقع الشاب بيد عدوّه، ولم يعد مهماً ما سيقوله، فهو أسير وجريح، وبإمكانه التعبير عن أي شيء بما فيه الخيبة من تعامل قيادته مع مقاتليها. أهم ما جاء في هذا الشريط هو دمغه بشعار "الجيش السوري الحرّ"، ولا دعوات فيه إلى التكفير والقتل والبطش. في زمن تحوّلت فيه الثورة السورية إلى حرب بين فريقين (النظام وحلفاؤه من جهة، وتنظيم داعش وأخواته من جهة أخرى)، عاد "الجيش السوري الحرّ" إلى الظهور والقتال والحركة. خرج إلى أرض المعارك السورية، من يحمل السلاح ويدعو في الوقت عينه إلى "تحرير كل مكونات شعبنا السوري من ربقة الطغيان، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين". أصدرت فصائل الجبهة الجنوبية في "الجيش الحر"، بيان "العهد الوطني" الذي يتضمّن عبارات "الحرية والكرامة والمساواة وإسقاط الديكتاتورية وحماية حقوق السوريين وفقاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان".
تعيد الجبهة الجنوبية القليل من الأمل إلى ثورة يخنقها النظام ويرجمها تكفيريون ويستغلّها تجار أموال وسلاح. تكتفي برفع السلاح والمواجهة لتحرير سورية من دون أن تُسقط على شعبها أي نظام أو مشروع سياسي، فتعلن "دعم جهود السوريين في اختيار نظام الحكم الذي يرتؤونه على أساس التشاركية والتمثيل والشفافية".
تفصل الجبهة الجنوبية في الجيش الحرّ نفسها كلياً عن السياسة. لا تمثّل طرفاً داخلياً ولا خارجياً، وتبقى نقطة انطلاقها الأهم أن لا أسماء فيها تصدّرت الواجهة حتى الساعة. قيادتها غير معروفة ولا تبحث عن كاميرات ولا عن مؤتمرات صحافية، فتعمل في الظلّ من دون أن تربكها النجوم العسكرية على الأكتاف. ويمتد عمل الجبهة من جنوبي مدينة حمص إلى طول الحدود اللبنانية ــ السورية، مروراً بالعاصمة السورية ووصلاً إلى الحدود مع فلسطين المحتلة وجنوباً مع الأردن. ويقول أحد المطلعين على عمل الجبهة الجنوبية لـ"العربي الجديد" إنّ العمل العسكري يتمحور على ثلاثة مستويات رئيسية: في دمشق وغوطتها والقلمون، بالإضافة إلى العمل على تأمين سلامة الجنوب السوري.
شتاء جرديّ
على طول الحدود بين لبنان وسورية، تتحضّر مجموعات "الجيش الحرّ" للبقاء في الجرد، حيث عليها أن تمضي شتاءً قاسياً بعد أسابيع. وعلى عكس ما يتم التداول فيه أو حتى تحاول الفصائل الأخرى القيام به، فإنّ "لا نيّة للجيش الحر أو قرار بإسقاط قرى أو مدن في منطقة القلمون".
تدرك القيادة جيداً أن "لا قدرة على المحافظة على أي قرية تتم السيطرة عليها"، وبالتالي لن يتعدّى العمل العسكري في هذه المرحلة "استهداف مواقع النظام وحزب الله في هذه المنطقة". فيتم البحث عن عمليات نوعية ودقيقة وسريعة، ثمارها واضحة وجليّة.
وقد يكون السيناريو الذي حصل في كل من بلدة بريتال اللبنانية وعسّال الورد السورية أخيراً هو الأمثل بالنسبة للجبهة الجنوبية، أي التسلّل باتجاه مواقع متقدمة للعدو، ضربها والسيطرة عليها وعلى أسلحتها، ومن ثم العودة إلى الجرود حيث يتمّ اليوم "التجهيز اللوجستي للشتاء المقبل". فقضاء فصل مماثل في هذه المنطقة الجغرافية، يعني أن تكون المجموعات قد موّنت غذاءً وسلاحاً يكفيها لأشهر، باعتبار أنّ الطرقات ستُقطع على الجرود والتواصل مع القرى والمدن المحيطة سيكون شبه معدوم. لم يعد يتخطى عديد مقاتلي الجبهة الجنوبية العشرات عند هذه الحدود بفعل صعود نجم المجموعات الإسلامية والمتشدّدة.
كما تغذّى هذا الانتحار بفعل معركة عرسال (بلدة لبنان عند الحدود، وقعت فيها المعركة الأخيرة مطلع أغسطس/آب الماضي)، وعوامل أخرى أهمها ماليّ، بالإضافة إلى منحى التشدّد الذي بدأ يسيطر أخيراً على فصائل المعارضة المسلحة. هكذا باتت جبهة النصرة اليوم هي القوّة العسكرية الكبرى في القلمون، "بعد أن كانت قيادة الجبهة الجنوبية هي التي تمسك الأرض". أما في الداخل السوري، فلا يزال مقاتلو الجبهة موجودين على أبواب دمشق. هم في الغوطة وجوبر يبحثون منذ سنوات عن فتح طريق عسكري إلى العاصمة لربطها بالجنوب السوري. هي مهمة فائقة الصعوبة اليوم، إن لم نقل مستحيلة.
بما تيسّر، يعود "الجيش الحرّ"، بجبهته الجنوبية، إلى صورة المعارك في سورية. ليس بيد الجبهة طائرات تحالف دولي ولا على جدول أعمالها ائتلاف وطني. لا تمسك لغة الجهاد والشريعة وتحكم بها، إذ لا تمتلك إلا القليل للدفاع عن شعار "تحيا سورية الحرة" الذي يذيّل بياناتها.