الجاليات المسلمة تترقّب الانتخابات الهولنديّة ومخاوف من "اليمين المتطرف"

25 فبراير 2017
يرفع فيلدرز شعار "استعادة هولندا" على غرار ترامب(بريندون ثرون/Getty)
+ الخط -
يبدي عدد من أبناء الجاليات العربية المسلمة في هولندا تخوفهم من وصول اليمين المتطرف، والمتمثل بـ"حزب الحرية" إلى السلطة، فقد استهل رئيس الحزب، خيرت فيلدرز، حملته الانتخابية، الأسبوع الماضي، وقبل استحقاق الخامس عشر من شهر مارس/آذار القادم، متعهداً بحظر هجرة المسلمين إلى هولندا وإغلاق المساجد. كما وصف الجالية المغربية "بالرعاع" وطالب بضرورة التخلص منها.

ويطالب فيلدرز بضرورة استعادة وتحرير هولندا "المختطفة"، بحسب وصفه، إضافة لدعوته إلى حظر حمل القرآن الكريم وإغلاق المساجد في هولندا، حيث تعيد هذه التصريحات إلى الأذهان الوعود التي قطعها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية.

ويمثل "حزب الحرية" المتطرف حالياً في هولندا 12 نائبًا، يشكلون قرابة 8% من أعضاء البرلمان، فيما تفيد استطلاعات للرأي بفوز الحزب بقرابة 20% من أصوات الناخبين، أي ما بين 24 إلى 28 مقعداً، متقدما بمقعدين أو أربعة عن "الحزب الليبرالي" الحاكم.

وترفض معظم الأحزاب الهولندية الكبيرة، كـ"حزب الليبراليين الهولنديين"، و"حزب العمل" و"الخضر" و"الاشتراكيين" و"الحزب المسيحي الديمقراطي" وحزب الـ"دي 66" مشاركة فيلدرز في أي ائتلاف حكومي، وهو ما يضع الأخير أمام مشكلة تشكيل الحكومة، إذ جدد رئيس الوزراء الهولندي، المنبثق عن "الحزب الليبرالي"، مارك روتا، رفض أي تعاون مع النائب اليميني المتشدد. هذا الأمر، دفع فيلدرز إلى الرد في برنامج تلفزيوني، قائلاً إن لا أحد بمقدوره تجاهل مليونين ونصف المليون من الناخبين في انتخابات ديمقراطية.

وفي هذا السياق، يرى الأستاذ المحاضر في كلية التاريخ بجامعة أوتريخت، أوغور أوميت أونغور، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن هولندا ليست مستثناة من صعود الحزب اليميني الشعبوي خلال الـ15 سنة الأخيرة في كامل أوروبا. ويشير إلى أنّ "حزب الحرية" اليميني المتطرف في هولندا ما هو إلا استمرارية للوجود اليميني الأوروبي، ويعود السبب في هذه الاستمرارية إلى أمور عدة، من بينها ازدراء الإصلاح الليبرالي منذ عام 1990 حتى اليوم، ومقاومة العولمة، إضافة إلى كره الأجانب، والخوف من فقدان الهوية الهولندية".





وعن موقف الأحزاب الهولندية الأخرى من "حزب الحرية" المتطرف، استبعد أوغور مشاركة أي من أحزاب الوسط واليسار في تشكيل حكومة مشتركة قادمة مع خيرت فيلدرز، بما فيها "الحزب الليبرالي" برئاسة مارك روتا، إذ سيكون من المستبعد حصوله على حصة كبيرة من مقاعد البرلمان تؤهله لتشكيل حكومة بمفرده.

لذا، وبحسب المتحدث، "لن يتمكن فيلدرز من تنفيذ وعوده بمنع القرآن وإغلاق المساجد، وفي حال تمكن من تشكيل حكومة، فذلك سيقود البلاد إلى أزمة سياسية، وستشهد هولندا مظاهرات شعبية وعصيانًا مدنيًّا على نطاق واسع. إذ تنافي وعود زعيم حزب الحرية مبادئ الدستور الهولندي الذي يحفظ للجميع ممارسة الحرية، كما ستصطدم هذه القرارات بالقضاء والمحاكم العليا في البلاد".

وبناء على ما سبق، يعتقد أوغور أنه من الممكن استمرار الأمور كما هي عليه الآن؛ حكومة ليبرالية ديمقراطية من "الحزب الليبرالي" و"حزب العمل" و"الحزب المسيحي الديمقراطي" و"حزب الخضر" و"الاشتراكيين". وفي المقابل، هناك مجموعة من الشعبويين الذين يكتفون بترديد الكلام عبر وسائل الإعلام، لكن الخطر والقلق الحقيقي بالنسبة له يكمن في وصول اليمين المتطرف في كل من فرنسا وألمانيا.

وتعتبر الجاليات المسلمة في هولندا خطاب "حزب الحرية" خطابًا عنصريًّا بامتياز، فلطالما اعتبر فيلدرز الأيديولوجيا الإسلامية "أخطر من النازية"، كما أظهر عددٌ من اللاجئين المسلمين في البلاد تخوفهم من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة، وذلك بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحق المهاجرين المسلمين.


ويشعر البعض بأن وصول فيلدرز إلى سدة الحكم يعني زيادة مستوى الكراهية والعنصرية إزاء الأجانب واللاجئين، لا سيما أن "حزب الحرية" الهولندي يسعى للقضاء على ما سمّاه "أسلمة هولندا"، وذلك بإغلاق الحدود ومراكز اللجوء أمام طالبي اللجوء القادمين من البلاد المسلمة.

بدوره، تحدث الكاتب والصحافي السوري حسن الخطيب، لـ"العربي الجديد"، معلقاً على تصريحات فيلدرز الأخيرة، والتي يطالب فيها باستعادة هولندا مجدّدًا، بالقول "فيلدرز بتصريحاته هذه يطالب بإعادة هولندا إلى ما قبل الديمقراطية وحقوق الإنسان، فوجود المسلمين في هذه البلاد هو حق قبل كل شيء، فهم مواطنون ويستمدون وجودهم وحقوقهم من الدستور الهولندي الذي ينادي بالمساواة بين جميع أبناء البلد، ولا يمكن فهم هذه التصريحات إلا أنها حرب على الدستور الهولندي وقيم ومبادئ هذا الشعب".

ويضيف أن "الدعاية الشعبوية لليمين الأوروبي، عموماً، والتي تحاول اللعب على مشاعر الناخبين دون تقديم برامج انتخابية واضحة، لا تشبه في مضمونها سوى شعارات المقاومة والممانعة التي يرفعها حزب البعث وحلفائه، أو شعار دولة الخلافة والحرب المقدسة التي يرفعها داعش. لذا فمن الطبيعي أن يرتبط وجود التطرف الغربي وتمدده، بوجود التطرف الديكتاتوري والديني في الشرق، فكلاهما يستمد وجوده من الآخر".

وكانت محكمة هولندية قد أدانت فيلدرز، في التاسع من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالتحريض على كراهية المغاربة في هولندا، حيث سارع النائب إلى تحدي الحكم ووصفه بالمسيّس. وينتظر الهولنديون، عمومًا، الانتخابات البرلمانية في الخامس عشر من شهر مارس/آذار القادم، بينما تترقب الجالية المسلمة في هولندا هذه الانتخابات بحذر وخوف واضحين، لا سيما أن هذه الانتخابات تتزامن مع استحقاقين آخرين في كل من ألمانيا وفرنسا، الأمر الذي يزيد من مخاوف صعود اليمين المتطرف في هذه الدول الأوروبية.