الثقافة في الجزائر.. اهتزازات بين زمنين

06 يونيو 2018
(من قصر الثقافة مفدي زكرياء في الجزائر العاصمة)
+ الخط -

هناك الكثير من الأحداث الثقافية البارزة التي طبعت المشهد في الجزائر منذ سنوات، حتى أنها بثّت شيئاً من التفاؤل وصل إلى حدّ التبشير بـ"ثورة ثقافية" تعيد إلى البلاد حيويتها وموقعها في محيطها. غير أن عدداً من المطبات والعراقيل وإشكاليات تسيير الشأن الثقافي جعل الجزائر تراوح مكانها، لتظلّ أبرز تجلّيات الحياة الثقافية فيها مجموعةً من الجدالات والسجالات التي تلي كل فعل أو مبادرة ثقافية.

هذه الوضعية، وإن كانت دائرتها في عالم الثقافة، فهي ليست بعيدة عن السياسة ومن ورائها المال، وقد رُصد للعديد من التظاهرات الثقافية اعتمادات مالية ضخمة، وأمرٌ كهذا لم يكن ليمرّ دون أن يثير حملات هنا وهناك، ودون أن تتحرّك المصالح في مختلف المواقع، فاندلعت "حروب خفية" حول مشاريع عديدة.

فجأة تراجعت الميزانيات المرصودة للثقافة في الجزائر، منذ سنوات قليلة، فبدت مشلولة بين ليلة وضحاها. بالكاد يتواصل الدعم الخاص بالكتاب بعدما عرف هذا المجال قفزة مهولة في عدد الإصدارات، وإن جرّ ذلك بعض السجالات أيضاً حول اختيار العناوين وغيرها من الإشكاليات. وما يقال عن الكتاب يقال أيضاً عن مجالات أخرى، بعضها بدا كأنه اختنق وهو في المهد، مثلما هو الحال مع المسرح.

هكذا أخذت وزارة الثقافة دوراً تنفيذياً لسياسات عامة، فالتقشف قد تحوّل إلى منهجية عمل حتى أن المسؤولين عن الثقافة من مستشارين ولجان وشخصيات موكلة إليهم مهمة الإشراف على بعض ما تبقى من فعاليات ثقافية، يبدو أن جهدهم الرئيسي ينصب بالأساس في هذا الإطار، تمرير سياسة التقشف، ليصلوا في الغالب إلى نتائج ضد قناعاتهم الفكرية والسياسية كمثقفين.

ينعكس كل ذلك على الساحة الثقافية، حيث يسود إحساس لدى الفاعلين فيها بعدم وجود سياسة واضحة الرؤية للثقافة رغم تعاقب الوزراء، وهذا التداول لم يكن يؤدّي إلى تغيير السلوكيات البيروقراطية، كما تجري الإشارة كثيراً إلى تحويل الثقافة إلى ضجيج فولكلوري.

هكذا تسير الثقافة في الجزائر، خطوات متعثرة ومبعثرة، ومناخ يسوده تذمّر كبير في الوسط الثقافي والفني والإعلامي، وليس نادراً أن يدقّ بعضهم صفارات الإنذار وهم يتحدّثون عن تغييب الثقافة، بل وصف بعضهم وضعها بالتراجيدي والكارثي.

إلى جانب هذا لم يلعب الإعلام المحلي أي دور فاعل، فهناك صحافة عربية تتابع المشهد بشكل متفاوت من صحيفة إلى أخرى، وهناك صحافة ناطقة باللغة الفرنسية يكاد يحصر اهتمامها بالترويج للثقافة الأجنبية. أما الشارع الجزائري فلا تمثل الثقافة عنده أولوية أو أهمية، فهو مشغول بحاجاته اليومية، ولا تستطيع الثقافة أن تفتك مساحات تشغلها مجالات أخرى، أوّلها كرة القدم، وربما السياسة وملفات الفساد بدرجة أقل أو التفكير في الهجرة.

دلالات
المساهمون