وقالت وزيرة المالية التونسية، لمياء الزريبي، في تصريحات لإذاعة محلية، يوم الثلاثاء الماضي، إن الحكومة تعتزم زيادة الضرائب ورفع أسعار الكهرباء خلال العام المقبل 2017، ضمن خطط رامية لخفض عجز الميزانية.
وسبق أن تعهد رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، بتدشين إصلاحات اقتصادية يطالب بها المقرضون الدوليون لسد العجز المتنامي في موازنة الدولة، قائلا إنه يتعين على جميع التونسيين أن يتقاسموا التضحيات لإنقاذ اقتصاد البلاد المتعثر.
ويتوقع مسؤولون في شركة الكهرباء والغاز الحكومية، أن تتراوح الزيادة الجديدة في الأسعار بين 10% و15%، لتكون الدولة قد قلصت دعم الكهرباء بنحو الثلث منذ 2014.
وسبق أن رفعت الحكومة أسعار الكهرباء والغاز بنسبة 10% في يناير/كانون الثاني 2014، أعقبها زيادة بنسبة مماثلة في مايو/ أيار من نفس العام.
وقالت شركة الكهرباء، خلال الزيادة الأخيرة لأسعار الكهرباء، إنها حريصة على إضفاء طابع العدالة بين الناس فيما يتعلق بأسعار الكهرباء، والعمل على استهداف الفئات التي تفرط في الاستهلاك، من أجل المحافظة على حق الضعفاء في الدعم المخصص للطاقة والكهرباء.
وقال مسؤولو الشركة إن رفع الأسعار لن يشمل من وصفوهم بـ "شريحة الضعفاء من أصحاب الاستهلاك المنخفض"، غير أن تضخم الفواتير شمل جميع عملاء الشركة الذين يناهز عددهم 3.5 ملايين شخص.
ويقول المواطن لطفي دراوي (56 سنة عاما) من سكان تونس العاصمة، إنه يجد كغيره من التونسيين صعوبة كبيرة في قراءة وفهم فاتورة استهلاك الكهرباء، التي تصله كل شهرين، مشيرا إلى أن طريقة الاحتساب التي تعتمدها شركة الكهرباء غير مفهومة، وتتضمن العديد من الضرائب، فضلا عن أن المبالغ المحددة لا تتماشى وحجم استهلاك عائلته التي تضم 4 أفراد.
ويضيف لطفي لـ"العربي الجديد": "أشك في بعض الأحيان أن الفاتورة التي تصلني تتعلق بوحدة صناعية وليس بمسكن لا يعود سكانه إلى البيت إلا ليلا"، لافتا إلى أن معدل ما يدفعه كل شهرين يتراوح بين 100 و120 دولاراً.
وبجانب ارتفاع أسعار الفواتير المنزلية، يخشى التونسيون من زيادة أسعار المواد الاستهلاكية، إذ يتخذ المنتجون زيادة أسعار الطاقة فرصة لزيادة قيمة مختلف المنتجات.
كما تواجه قطاعات خدمية على غرار السياحة، صعوبات في سداد رسوم الكهرباء، مما دفع المهنيين في أكثر من مناسبة إلى جدولة الديون لصالح شركة الكهرباء، فيما تقول الشركة إن تراكم مستحقاتها تسبب في تأجيل العديد من المشاريع التي تنوي القيام بها.
وتبرر الحكومة اعتزامها رفع أسعار الكهرباء بالسعى إلى خفض عجز الموازنة، فيما تذهب النقابات العمالية ومنظمة الدفاع عن المستهلك إلى أن الحكومة بدأت في تطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي بإلغاء الدعم، دون مراعاة القدرة الشرائية للتونسيين، معتبرين أن هذا الإجراء سيعمق أزمات محدودي الدخل.
لكن الحكومة تشير وفق البيانات الرسمية، إلى أن نسبة "ضعفاء الدخل" المنتفعين بمخصصات الدعم الحكومي لا تتجاوز 20%، بينما تذهب 80% من أموال الدعم إلى الأغنياء والمقيمين الأجانب والشركات العمومية (الكهرباء والغاز وشركات النقل) والفنادق والمطاعم، ومحلات صنع المرطبات.
ويقدر دعم المحروقات والكهرباء العام الحالي بنحو 579 مليون دينار (275 مليون دولار) مقابل 1.28 مليار دينار ( 612 مليون دولار) عام 2015.
وقال معز الجودي، الخبير الاقتصادي، إن رفع أسعار الكهرباء أمر متوقع في ظل الخسائر الكبرى التي تتكبدها الدولة، لكن لابد من حماية الفئات الضعيفة ومحدودي الدخل.
وأضاف الجودي لـ"العربي الجديد" أن 70% من الاعتمادات المخصصة للدعم موجهة إلى مشتقات الوقود، بينما يذهب 30% فقط من الاعتمادات الإجمالية لدعم المواد الاستهلاكية، وهو خلل كبير يستوجب معالجته.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الإمكانات الاقتصادية الحالية لم تعد تسمح للحكومة بضخ مخصصات ضخمة لدعم الكهرباء والطاقة عموما، لافتا إلى أنه في حال إلغاء الدعم نهائيا، فإن الدولة ستجد آلية لتعويض الفئات المستحقة فعلا للدعم. وتشتري تونس من السوق العالمية نحو 98% من الغاز الطبيعي، الذي يتم استعماله في تشغيل محطات إنتاج الكهرباء.