التهجير يصل إلى وسط سيناء المصرية

06 مارس 2017
بدأ التهجير قبل أيام من مدينة العريش (العربي الجديد)
+ الخط -

وصل التهجير في سيناء المصرية إلى منطقة الوسط أخيراً، بعد عمليات قصف جوي ومدفعي عشوائية خلال الأيام القليلة الماضية. وقررت أسر عدة في منطقة الجايفة التابعة لمركز الحسنة في وسط سيناء، مغادرة منازلها، الأربعاء الماضي، بعد اشتداد أعمال القصف من قوات الجيش. وكانت مدفعية الجيش قد بدأت عمليات قصف على مناطق عدة في وسط سيناء خلال الأسابيع الماضية، بدعوى وجود تمركزات لتنظيم "ولاية سيناء"، التابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هناك.
وقررت عشرات الأسر المسيحية الهجرة الجماعية من مدينة العريش، الخميس الماضي، بعد تصاعد عمليات قتل عناصر مسلحة للمسيحيين وصل عددهم إلى سبعة خلال شهر فبراير/شباط الماضي، فيما اعتبر مراقبون للوضع أن التحركات الأمنية المصرية، للتعامل مع "ملف الإرهاب" في سيناء، تنذر بوجود "مخطط ممنهج" لإجبار الأهالي على إخلاء المحافظة.
وقال شيخ قبلي إنه "لا يمكن تفسير استراتيجية الجيش في محاربة الإرهاب، إلا في إطار أن هناك مخططاً ممنهجاً لإخلاء سيناء من السكان، وهذا السيناريو حدث في مدينتي رفح والشيخ زويد منذ انطلاق العمليات العسكرية قبل ما يزيد عن ثلاثة أعوام ونصف العام". وأضاف الشيخ القبلي لـ"العربي الجديد" أن أهالي سيناء مهددون في أي لحظة بالقتل والتعرض لإصابات خطيرة جراء القصف من الجيش المصري، فضلاً عن الاعتقالات العشوائية، متسائلاً: "ما الهدف من القصف الجوي والمدفعي بشكل مكثف؟". ولفت إلى أن الجيش اتّبع استراتيجية القصف الجوي والمدفعي العشوائي في مدينتي الشيخ زويد ورفح، ولم تكن نتيجتها القضاء على المجموعات المسلحة، بل على العكس استفحلت خطورتها.
واعتبر أن "الجيش يتّبع سيناريو التهجير تحت وطأة القصف في مدينة العريش ومنطقة وسط سيناء، وهذه الاستراتيجية لن تنجح في القضاء على الجماعات المسلحة، بل على العكس هي خدمة للكيان الصهيوني"، مشيراً إلى "وجود طرق أخرى لمواجهة المسلحين من دون التعرض والتنكيل بالمدنيين، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية على مواقع وتمركزات العناصر المسلحة". ورأى أن تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأخيرة حول رفضه خطة تهجير أهالي العريش قبل 40 شهراً، "تنذر بتنفيذ هذا المخطط الآن بشكل علني، بدعوى أنه السيناريو الأفضل لمواجهة الإرهاب".
وحول الحديث عن وجود مسلحين وسط المدنيين، تعجّب الشيخ القبلي من هذه الأقاويل، متسائلاً: "لماذا لا يقصف الجيش المسلحين الذي يتحركون تجاه مدينة العريش لتنفيذ عمليات مسلحة ضد القوات المشتركة، خصوصاً أنهم لا يتواجدون في هذه الحالة وسط المدنيين؟".


وأثارت عملية إخلاء الجيش المصري لعدد من الكمائن في مدينة العريش ومنطقة وسط سيناء قبل يومين، تخوّفات العديد من أهالي سيناء من التوسع في عمليات القصف الجوي والمدفعي خلال الفترة المقبلة. وقلل الجيش المصري عدد قواته وأزال بعض التحصينات من كمائن عدة في طريق وسط سيناء، بعد إخلاء كمينين أمنيين في مدينة العريش، الأول في منطقة المساعد والثاني على الطريق الساحلي. وكانت مصادر قبلية قد كشفت عن محاولات للتواصل مع قيادات في الجيش والأجهزة المعنية لوقف الانتهاكات والقصف الجوي والمدفعي في سيناء، خصوصاً بعد القصف العنيف في مدينة العريش، خوفاً من تكرار سيناريو التهجير في مدينتي الشيخ زويد ورفح.
وقال خبير عسكري، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "كمائن الجيش والشرطة مهمة لعدم إتاحة الفرصة للتنظيم الإرهابي بحرية الحركة في سيناء، وبالتالي فإن إزالة بعض الكمائن أو تقليل أعداد القوات خطأ جسيم". ولفت إلى أنه "على مدار الأعوام الثلاثة الماضية مع بدء العمليات العسكرية في سيناء، تجاهل الجيش والأجهزة المعنية كل المطالبات بضرورة إعادة النظر في استراتيجية مواجهة الإرهاب".
واعتبر الخبير أن الأزمة ليست في الأشخاص مثل تغيير قادة الجيوش ومدير الاستخبارات العسكرية وتخصيص قيادة عسكرية جديدة برئاسة الفريق أسامة عسكر، وكل ذلك لم يأتِ بنتيجة، ولكن الأزمة في الاستراتيجية المتبعة، لافتاً إلى أن "استعداء أهالي سيناء أكبر خطأ ارتكبته القوات المشتركة من الجيش والشرطة، لأن المناطق القبلية لها تعاملات مختلفة تماماً، والأساس في المواجهات هو دعم السكان المحليين، ولذلك لن تحل أزمة سيناء في القريب المنظور".