التنسيق الأمني: خطّ الدفاع الأول عن إسرائيل

12 ديسمبر 2014
يتوقّع محللون اسرائيليون استمرار التنسيق الأمني برغم التصعيد(فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن من باب الصدفة أن تسارع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس، إلى إعلان موافقتها على إجراء تحقيق مشترك في ملابسات استشهاد رئيس هيئة "مقاومة الاستيطان والجدار"، الوزير الفلسطيني، زياد أبو عين، باعتبار أنّ من شأن مقتل وزير في حكومة السلطة الفلسطينية، أن يقضي كلياً على خطّ الدفاع الأول الإسرائيلي في مواجهة حماس في الضفّة الغربيّة، ومنع أي انتفاضة فلسطينية ثالثة.
ويبدو أنّ الموقف الإسرائيلي مدفوعٌ بالأساس من خوف شديد بفقدان هذا التنسيق الذي حال، حتّى الآن، باعتراف جهات إسرائيليّة مختلفة، من امتداد ألسنة لهب انتفاضة القدس إلى باقي أراضي الضفّة الغربيّة المحتلّة.

وفي هذا السياق، يعتبر محلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنّ "التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينيّة هو ضرورة وشرط أساسي لمنع اندلاع مواجهات في الضفّة الغربيّة"، مشيراً إلى أنّ "حجم ونطاق تأثير حادثة مقتل الوزير الفلسطيني زياد أبو عين، على مسألة التنسيق الأمني، لم يتضح بعد، وهناك حاجة لأنّ تمر عدّة أيام قبل معرفة ذلك".
ومن المتوقّع، بحسب هرئيل، أن تعقب جنازة أبو عين، موجة تظاهرات احتجاجيّة، بعد صلاة يوم الجمعة، بتنسيق وتنظيم من حركة فتح والسلطة الفلسطينية، لافتاً إلى أنّ "زخم المواجهات في نهاية الأسبوع وعدد الذين سيصابون خلالها، سيشكّل مؤشراً لمعرفة ما إذا سيكون بالإمكان التغلب عليها، وكبح جماحها، عبر جهد مشترك من الطرفين، أم أننا أمام نقطة تحوّل ستفضي إلى تصعيد في الوضع في الضفّة الغربيّة".

وستكون تهدئة الأوضاع، وفق هرئيل، مرهونة ومنوطة باستمرار التنسيق الأمني بين الطرفين. ومن المحتمل أن يلجأ الفلسطينيون إلى خطوات حادة، ولو على صعيد التصريحات والبيانات لمواجهة توقّعات الجمهور الفلسطيني في الضفّة الغربيّة. لكنه يوضح أنّه على الرغم من ذلك، سيستمرّ التعاون الأمني من خلال اتصالات غير رسميّة، لضمان عدم فقدان السيطرة كلياً على الضفّة الغربيّة.

وتولي إسرائيل أهميّة كبيرة لضمان التنسيق الأمني، الذي كان عاملاً مهماً حتى خلال الحرب على غزة، وفي أوج حملة "عودة الأخوة"، التي سبقت العدوان مع اختطاف المستوطنين الثلاثة، لمساهمته في كبح وضبط الأوضاع في الضفّة الغربيّة، وضمان عدم انتقال المواجهات التي سادت خلال العدوان على غزة، في منطقة القدس المحتلة ومحيطها، والتي أطلقت عليها الصحافة الإسرائيلية أسماء عدّة، بدءاً من الانتفاضة الهادئة والانتفاضة الشعبية وانتفاضة الأطفال. وكان للتنسيق الأمني اليد الطولى في تمكّن الاحتلال من شنّ حملات اعتقال مختلفة لعناصر "حماس"، بالمئات في الضفّة الغربيّة، وسط ادعاء الاحتلال بأنه كشف خلال ذلك، خلايا مسلحة لحماس خطّطت بتنسيق ووفق أوامر قيادة حماس في تركيا، عبر القيادي صالح العاروري، ما وصفته إسرائيل بمحاولة للانقلاب على سلطة الرئيس محمود عباس وإسقاطه.

ويذهب عاموس إلى حدّ القول إنّ "التنسيق الأمني ضروري لمنع تدهور الأوضاع، إذ أنّ التواصل اليومي بين الجيش الإسرائيلي والشاباك من جهة، وبين أجهزة الأمن الفلسطينيّة، شكل أحد العوائق الرئيسة والمركزيّة أمام اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفّة الغربيّة". ويوضح أنّه "بموجب هذا التنسيق، تتبادل إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة المعلومات الاستخباراتيّة عن خلايا حماس الإرهابية والمنظمات الأخرى"، وتتقاسم إسرائيل والسلطة بموجب "عقيدة التنسيق الأمني"، العمل والأدوار في معالجة الأحداث الجنائية، وفي تنسيق أدوات العمل عند التظاهرات والمواجهات، لضمان مواصلة سيطرتها على الأوضاع.

وتنقذ أجهزة الأمن الفلسطينيّة، بموجب التنسيق الأمني، وفق هرئيل، "عشرات الإسرائيليين (وهم بشكل عام من المستوطنين) أسبوعياً، ممن يدخلون بطريق الخطأ إلى مناطق تحت السيطرة الفلسطينية". ويبدو كلّ ذلك معرضاً للخطر، في حال قررت السلطة الفلسطينية تغيير سياسة التنسيق الأمني.
ويرى هرئيل أن حادثة قتل أبو عين قد تجرّ تداعيات خطيرة للغاية، وخصوصاً بفعل هويته وكونه وزيراً وناشطاً من حركة فتح وأسيراً أمنياً. كما تؤشّر الحادثة إلى نوع ونمط الأحداث، التي من شأنها أن تقع وتتكرّر في الأشهر القريبة في ساحات وميادين مختلفة. ومن شأن المعركة الانتخابية في إسرائيل أن تدور في ظلّ توتر أمني في الضفّة الغربيّة المحتلّة وعلى الحدود المختلفة. وقد توفّر الانتخابات وتغري خصوم مختلفين لإسرائيل، لناحية تشديد حدّة التوتر الأمني على الساحة الفلسطينيّة، بهدف فرض التحدّيات أمام حكومة نتنياهو، وربّما التأثير من خلال ذلك على نتائج الانتخابات.

المساهمون