التمييز في نكات عربية

11 نوفمبر 2019
الترويج للتنوع هو الأساس (مصطفى باطيش/ الأناضول)
+ الخط -
النكتة أساسية في المطالبة بالحقوق وتبيان المظالم، خصوصاً إذا ما عجزت سبل التعبير المباشرة في مجتمعات تقمع الرأي وتكمم الأفواه. والنكتة السياسية، بدورها، سريعة جداً وقادرة على هزّ عروش الطغاة وحاشياتهم، أو إزعاجهم في أقلّ تقدير، مهما كانوا قادرين في دورهم على الطغيان.

من الصحيح أنّ النكتة الناجحة ابنة مجتمعها، لكنّها قادرة مع تشابه الظروف على عبور الحدود، والتقولب مع البيئة المستقبلة بظروفها الاجتماعية - الثقافية والسياسية، إذ لها القابلية على تحويل لهجتها بما يتناسب مع البلد الذي وصلت إليه. وفي إمكان النكتة، في هذه الحال، تبديل الأوضاع العامة والأماكن والشخصيات التي تتطرق إليها بحسب كلّ ثقافة، لكنّها إذ تبتعد عن المعارضة، أي عن طبيعتها السياسية، تنحطّ إلى مستوى الفصل والتمييز والاستعلاء وتحقير الآخر. وعدا عن النكات الجنسية، فإنّ هذا النوع من النكات التمييزية هو الأكثر انتشاراً في وطننا العربي، وإن اختلفت البلدان؛ فالصعيدي في مصر مثلاً يتحول إلى بدوي في السعودية، وخليلي في فلسطين، وطفيلي في الأردن، وحمصي في لبنان وسورية، وكردي في العراق. في مثل هذه الحال، تسبغ النكات صفات الغباء عامة على شخصيتها فتسخر منه على هذا الأساس، وتهدف إلى الإضحاك بالتالي.

كثيرة هي النكات التي تسخر من أبناء منطقة بعينها، لكنّ التمييز لا يقتصر على هؤلاء بل يمتد إلى شرائح مجتمعية مهمشة، من قبيل فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، حتى إنّ بعض النكات الموجهة ضدهم أو التي تستخدم صورتهم، والعابرة للحدود بفضل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً، مليء بالإسفاف اللفظي وبالصور النمطية التي تنتهك حقوقهم، بالإضافة إلى استخدامها لغة غير حقوقية في وصفهم. ومن دون الخوض في أمثلة تزيد من احتمالات انتشار مثل هذه النكات بدلاً من محاربتها، فإنّ النكات الموجهة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة تندرج تحت عناوين عديدة، يمكن تعداد أبرزها كالآتي: نكات تتهم الشخص ذا الإعاقة بالغباء. نكات تعاير الشخص ذا الإعاقة بإعاقته. نكات تجعل الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقة موضوعاً للسخرية بصفة عامة. نكات تربط الإعاقة عموماً بصفات سلبية.




في مثل هذه الحال، ومع انتشار النكات شفوياً وتدويناً، عبر الفضاء الإلكتروني، وتحدي التلاميذ في المدارس بعضهم بعضاً في من يحفظ نكاتاً أكثر، وتناقل التمييز من هذا النوع على ألسنتهم، لا بدّ من تحرك على صعيد المناهج قبل أيّ خطوة أخرى، ضدّ هذا التكريس للصور النمطية، سواء تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة أو غيرهم من الفئات التي "تصلح" في مجتمع من المجتمعات كموضوع للنكتة. تحرك يروّج للتنوّع ولاحترام حقوق الإنسان كلّ إنسان، بدلاً من جعله موضوعاً للسخرية.
دلالات
المساهمون