التعويضات المالية تهدّد صندوق التأمينات الاجتماعي الجزائري

26 يوليو 2018
التلاعب بالأدوية يكبد صندوق التأمينات خسائر باهظة (فرانس برس)
+ الخط -

يعيش صندوق التأمينات الاجتماعية في الجزائر حالياً، أسوأ أيامه منذ تأسيسه غداة استقلال البلاد سنة 1975، إذ بات يتخبط في عجز بالميزانية ويواجه أزمة مالية خانقة جراء تراجع اشتراكات العمال، وارتفاع التعويضات التي يشوبها الكثير من الشكوك في صحتها. 

وبدأت متاعب صندوق التأمينات الاجتماعية مع إطلاق "بطاقة الشفاء" التي تسمح للعمال الأجراء وغير الأجراء كالحرفيين وأصحاب المهن الحرة والأطباء والمحامين، أن يقتنوا الأدوية مجانا أو بدفع 10 % من الوصفة الطبية من الصيدليات، على أن يتكفل الصندوق بتعويض الصيدليات مباشرة، وهي الخطوة التي فتحت أبواب الاحتيال، حيث بات الكثير يستعمل البطاقة لاقتناء الأدوية مجانا بالتلاعب في الوصفة الطبية.

وكشف مدير وكالة الجزائر العاصمة للتأمينات الاجتماعية محفوظ إدريس أن "الوكالة سجلت خسارة قدرت بـ 17 مليون دينار (150 ألف دولار) في السداسي الأول من السنة الحالية بسبب الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء، تضاف إلى قرابة 10 ملايين دينار (95 ألف دولار) أخرى سجلت كخسارة بسبب الاستعمال المفرط للبطاقة".

وأوضح الرجل الأول في وكالة العاصمة لصندوق التأمينات الاجتماعية التي تعد الأكبر من حيث الاشتراكات في حديث لـ "العربي الجديد" أن "مظاهر الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء تتعدد منها ما يجلب أدوية عادية لأهله أو جيرانه في أوقات متباعدة وهي حالات يصعب التأكد منها، لكن الأخطر هو استعمال البطاقة لاستخراج أدوية ليعاد بيعها بطرق غير رسمية كما يحدث مع الأدوية المسكنة للآلام وأدوية الأعصاب".

وتحاول وكالة العاصمة للتأمينات استرجاع ما خسرته جراء الاستعمال غير الشرعي لبطاقة الشفاء عن طريق القضاء، حيث تمكنت من تحصيل 50 % من قيمة الخسارة وتوقيف 1500 بطاقة شفاء وإحالة أصحابها إلى العدالة بتهمة النصب والاحتيال.

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر مسؤول داخل الصندوق الجزائري للتأمينات الاجتماعية أن "الصندوق وضع 90 ألف بطاقة شفاء في القائمة السوداء وحوّل ملفات أصحابها على القضاء وذلك لكبح نزيف الأموال".




وأضاف المصدر نفسه، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "صندوق التأمينات الاجتماعية وضع أيضا قائمة سوداء لصيدليات وأطباء سيحولها لوزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات المناسبة والتي قد تصل إلى سحب الاعتماد ورخص النشاط".

وحسب تقارير رسمية، يؤمّن الصندوق الجزائري للتأمينات الاجتماعية قرابة 39 مليون مواطن، إذ يحق وفقا للقانون أن يؤمن الزوج العامل أبنائه حتى سن 18 سنة وزوجته الماكثة في البيت في بطاقة شفاء واحدة، يستعملها بسقف تعويض لا يتعدى 3000 دينار شهريا (28 دولارا)، إلا إذا كان يعاني من مرض مزمن أو أحد أفراد عائلته فيحق له اخذ الدواء مجانا من الصيدليات حتى وفاة صاحب البطاقة التي يمكن استعمالها في حالة تقاعد العامل نهائيا.

وتعاقب الشركات والمصانع التي تشغل عمال دون التأمين عليهم بالصندوق بغرامات مالية والتوقيف عن النشاط لفترات تصل إلى مدى الحياة في بعض الحالات.

ولا تعد عمليات الاحتيال المالي باستعمال بطاقة الشفاء وحدها ما يؤرق مسؤولو صندوق الضمان الاجتماعي الجزائري، بل تعدتها لتشمل العطل المرضية المفتعلة التي تشكل أكثر من ثلث العطل المرضية المصرح بها، وكلّفت خزينة الصندوق تعويضات بملايين الدولارات.

وبحسب مسؤول مركزي في الصندوق الجزائري للتأمينات الاجتماعية، معمر حميدو، فقد "سجلت الجزائر السنة الماضية قرابة 1.4 مليون يوم كعطل مرضية معوضة أي ما يقارب 2770 سنة عمل، وبلغت فاتورة تعويضها 13 مليون دولار".
دلالات
المساهمون