التطبيع يغضب اليمنيين: مواقع التواصل ساحة المواقف

18 اغسطس 2020
من احتجاج في تعز على ممارسات المجلس الانتقالي الجنوبي (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

فلسطين والقضية الفلسطينية بالنسبة لأهل اليمن خط أحمر ولا يمكن اللعب عليها، والتلاميذ، منذ نعومة أظافرهم، يتعلمون ذلك من مناهجهم الدراسيّة. وللفلسطيني المُقيم في المدن اليمنية حقوق المواطن اليمني نفسها في التعليم والمشافي والإقامة في كافة المناطق اليمنية، شمالية كانت أم جنوبية، والمرور على اسم إسرائيل بدون ربطه بالاحتلال والعدوان كان يسبب الكثير من المتاعب لقائله. مسائل مثل هذه لم تكن محل نقاش من الأساس لكونها من البديهيات، إلى أن أتى زمن المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إمارتياً.

فور إشهار التحالف الإماراتي – الإسرائيلي، قام هاني بن بريك، وهو نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، بإعلان موقفه المؤيد لذلك التطبيع. فقد جاء في تغريدة له وهو يضع صورة شخصية لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد: "إذا فتحت زيارة الجنوبيين لتل أبيب وتم قبلها توقيع خطة السلام بين الإمارات وإسرائيل سأقوم بزيارة اليهود الجنوبيين في بيوتهم وسأذهب معهم إلى القدس وسأصلي في المسجد الأقصى. صباحكم سلام وتسامح وتعايش وقبول الآخر". 


ولم تكن لمثل هذه التغريدة من قبل بن بريك أن تمر بهدوء، حيث لاقت تعليقات واسعة مُستغربة وساخرة مما جاء فيها، تماماً مثلما حدث قبل أشهر عندما بدأ الترويج للتطبيع. سامي عطا، وهو أكاديمي من جنوب اليمن، رد على تغريدة بن بريك الأخيرة قائلاً "يعني حتى تطبيع الذل والمهانة تربطه بسيدك، طيب رضيت أن تكون عبداً، على الأقل حاول أن ترتفع قليلا في عبوديتك، فلا يستطع عبد العبد أن يقيم دولة يا هذا أو يديرها". في حين كتب عبد السلام اليافعي "كان الأحرى بك أن تتجه لتطبيع السلام الجنوبي - الجنوبي وتدعو لمصالحة وطنية حقيقية لكل أبناء الجنوب وطي صفحة الماضي والبدء بتصالح وتسامح حقيقي لجنوب يتسع لكل أبنائه أفضل وأسمى وأنبل من أن تنشد السلام مع الكيان الصهيوني". أمّا حضرمي جنوبي، وهو اسم مستعار، فقد وجه رسالة لبن بريك جاء فيها أن "إسرائيل عدونا، لا نريد تسامحا وتعايشا معها. قضية القدس وفلسطين قضية كل المسلمين يا شيخ هاني، نريد أخبارا عن الجنوب، عن تحرير شبوة، وادي حضرموت، نريد استعادة دولتنا".

ولعل هرولة أبرز قيادي محسوب على الإمارات في المجلس الانتقالي للترحيب بالتطبيع، وغياب أي موقف منتقد له من داخل المجلس، قد أجاب عن أسئلة كثيرة بخصوص الإصرار الإماراتي على فرض سيطرته على ميناء عدن بالدرجة الأولى وتعطيله تماماً إضافة لسيطرته على جزيرة سُقطرى على الرغم من كون هذه الجزيرة لم تتعرّض لاعتداء أو هجوم من قبل القوّات الحوثية، وهو الهجوم الذي كان مبرراً لنزول القوّات الإماراتية للمناطق الجنوبية. وبربط هذا الأمر بمحاولات الإمارات مجدداً السيطرة على أكثر من ميناء في جيبوتي والصومال. كل هذا يشير إلى أن الأمر لم يكن عبثياً بل تمّ التخطيط له على نحو ينتهي في النهاية لمرحلة التطبيع ومن سيكون المستفيد الأكبر من وراء كل ذلك. بالنسبة ليمنيين كثر، لم تكن مثل هذه المسألة لتمر بهدوء، حيث جاءت ردود الفعل واضحة بلا مواربة ورافضة لما تم الاتفاق عليه، فكتب الناشط الثقافي ومدير مؤسسة السعيد الثقافية أن "فلسطين في القلب منا"، في حين كتب الأستاذ في كلية الآداب جامعة ذمار نجيب الورافي "لم يقتصر قرار الإمارات التطبيع مع إسرائيل على إتمام الصفقة بين الجانبين بصمت بل رافقتها حملة بذاءات لمجموعة مكاسير ناموس (لا يخجلون) إماراتيين وأذنابهم يطعنون في حق الشعب العربي الفلسطيني وصموده البطولي لاستعادة حقوقه المغتصبة.. جوقة أنذال التطبيع الإماراتي يكادون ينكرون واقع الاحتلال الذي تعترف فيه إسرائيل نفسها ليل نهار.. لتكن لهذه الدولة قراراتها كما تشاء بعيدا عن التوهم الجنوني لقادتها أن على الآخرين أن يؤمنوا أن شيطنتهم ملائكية ونجاستهم طهارة". 

 

بعض الأحزاب اليمنية، ومن أبرزها الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام، من جهتها، لم تكن بعيدة عن المشهد، حيث أصدرت بياناً دانت فيه حركات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وأعلنت دعمها الدائم لحق الشعب الفلسطيني بنيل كامل حقوقه. وعلى الرغم من موقفها المنحاز للقضية الفلسطينية وقولها إن هذا التطبيع سيعمل على تشجيع "السياسة العدوانية للكيان الصهيوني وسيخل بأحكام القانون الدولي، ناهيك عن أنه خروج عن قرارات الإجماع العربي وتلك الصادرة عن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ومؤسسات وهيئات الأمم المتحدة، وستكون له تداعياته السلبية على حالة السلام والاستقرار بالمنطقة العربية والشرق الأوسط"، فإنها تجنبت توجيه أي انتقاد للإمارات التي تسيطر عبر وكلائها على مناطق.

الناشط والصحافي اليمني سامي نعمان انتقد هذا الأمر قائلاً "أصدرت الأحزاب اليمنية بيانا مهترئا عجيبا يدين (خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني) دون أن تتجرأ على ذكر دولة الإمارات، بعد ثلاثة أيام من إصدار التنظيم الناصري منفردا بيانا واضحا وقويا علاوة على كونه فوريا.. لا كانت أحزاب سلطة ولا معارضة، ولا إمكانية لإصدار بيان متماسك يتضمن موقفا واضحا وصريحا، إذ اسمه بيان، لا (غمغمة)". وأضاف: "لو انها مجتمعة تملك عقلا - على كثرة قياداتها - لكان أقنعها بفضيلة الصمت، وأنهم لو صمتوا كان أفضل من هذا البيان الهزيل والسخيف.. وذلك أضعف السياسة.. لكن يا للمذلة..".

أمّا وزير الخارجية اليمني محمّد الحضرمي، فقد غرّد عبر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية قائلاً "موقفنا في الجمهورية اليمنية سيظل ثابتا ولن يتغير تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق - غير القابلة للتصرف - وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وسيظل الشعب اليمني داعما للشعب الفلسطيني الشقيق ولحقه في أرضه ودولته، ولن نحيد". 

المساهمون