التصعيد الإماراتي بسقطرى وشبوة: خدمة لمعارك الحوثيين بمأرب والجوف

05 فبراير 2020
الحكومة تتهم الانتقالي بتهريب السلاح من عدن (فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور 90 يوماً على اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الحكومة اليمنية وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، ما تزال العقبات في طريق التنفيذ الحاضر الأبرز في المشهد اليمني جنوباً، في وقتٍ عاد فيه التصعيد الإماراتي ضدّ الحكومة اليمنية في كلٍ من محافظتي شبوة وسقطرى، إلى واجهة الأحداث، فيما يبدو محاولةً لاستغلال الضغوط التي تواجهها الشرعية، في أعقاب تقدّم مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، على أطراف العاصمة صنعاء - مأرب وحتى الجوف. 

وبالتزامن مع إكمال الاتفاق الموقع في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ثلاثة أشهر، أفادت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد" بأن تعزيزات جديدة مؤلفة من عربات وآليات متنوعة وصلت في الأيام الأخيرة إلى القوات السعودية المرابطة في مدينة عدن، والتي تسلمت قيادة التحالف في المدينة من الإماراتيين منذ شهور، وتشرف على مجمل الترتيبات الأمنية والعسكرية، المفترض أن تهيئ الظروف لتنفيذ البنود الأمنية والسياسية المتعثرة، لكنها في المقابل، تقف على تركة ثقيلة لحليفتها التي رعت انقلاباً متكامل الأركان ضد الحكومة في المدينة. 

وجاء وصول التعزيزات السعودية إلى عدن، بعد العراقيل، التي واجهتها، المصفوفة الموقعة من قبل فريقي الحكومة و"الانتقالي" في الثامن من يناير/ كانون الثاني المنصرم، للشروع في خطوات تنفيذ الاتفاق، عسكرياً وأمنياً، بمهلة زمنية 20 يوماً، وكان من المفترض أن تشمل تجميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في عدن تحت إشراف سعودي، وتعيين محافظ ومدير لأمن المدينة، إلا أن الحكومة عادت لتعلن في الـ20 من الشهر نفسه، عن تحميل الانتقالي مسؤولية عرقلة التنفيذ.
واتهمت الحكومة، في بيان رسمي، المجلس بتهريب الكثير من العتاد والأسلحة إلى خارج عدن، وصولاً إلى منع اللجان العسكرية والأمنية من دخول معسكرات خاضعة للتشكيلات التابعة للمجلس. 


وتأتي العراقيل التي يضعها الإماراتيون عبر حلفائهم في الجنوب اليمني، لإفشال الاتفاق بعد أن كان التحول المحوري، الذي مهد للتوقيع، بمثابة "كرت أحمر"، بالنسبة إليها، أجبرها على مغادرة عدن، إلا أنها تراهن على ما يبدو، على إيصال الرياض إلى مرحلة ترخص فيها لمطالب "الانتقالي"، من دون التقليل من حقيقة أن التحديات لا تنفصل عن مجمل التعقيدات المرتبطة بالأزمة بعموم الوضع في اليمن، بما في ذلك الإخفاقات من جانب الشرعية. 

في غضون ذلك، جاء التصعيد الإماراتي في كلٍ من شبوة وسقطرى، عبر تحريك مجاميع مسلحة في الأولى ضد القوات الحكومية وتبني حملات تحريض ضد الشرعية، وكذلك الترتيب لإعلان أفراد كتيبة عسكرية في اللواء الأول مشاة بحري في سقطرى الولاء لـ"الانتقالي"، ليضيف المزيد من العقبات في طريق تنفيذ مقتضيات اتفاق الرياض، المفترض أن يفضي إلى نزع فتيل الأزمة وإشراك "الانتقالي" في حكومة مقبلة. 

وكان لافتاً أن التصعيد جاء مترافقاً مع هجوم الحوثيين على مواقع قوات الشرعية في أطراف صنعاء ومأرب ومحافظة الجوف، بما مثله ذلك من تحدٍ كبيرٍ لـ"الشرعية"، حيث تتواصل المعارك، منذ ما يزيد من أسبوعين، على امتداد أكثر من جبهة في المحافظات الثلاث، وخصوصاً في محافظة الجوف، التي قطع الحوثيون عنها خدمات الإنترنت يوم الثلاثاء الماضي، في إطار استراتيجيتهم التي استغلت سيطرة الجماعة على قطاع الإنترنت منذ بدء التصعيد الأخير. 

وقالت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد" إن حالة الاستنفار في أوساط قوات الشرعية بمأرب وغيرها مستمرة، مع تواصل المعارك، وهجمات الحوثيين، بما في ذلك الصاروخ الباليستي الذي أصاب مخزناً للأسلحة في أحد المعسكرات بالمدينة منذ يومين، وجاء ليعزز مستوى الخطر الذي تتعرض له الشرعية، في مركز شوكتها بمحافظة مأرب، وسط غياب الدفاعات الجوية المفترض أن تعمل على اعتراض الصواريخ، وذلك منذ سحب الإمارات قواتها من المحافظة أواخر العام الماضي. 

ومنذ الأيام الأولى، لتطورات مأرب - شرق صنعاء، سعى حلفاء أبوظبي لتوظيف تقدم الحوثيين بمهاجمة الشرعية والحديث عن الإخفاق من منطلق وجود قوات موالية لها في شبوة، توجهت وحدات فيها من مأرب إلى المحافظة، خلال أحداث أغسطس/ آب العام الماضي، والتي انتهت بهزيمة المدعومين من الإمارات في ما يُعرف بـ"النخبة الشبوانية". 

ودفع تزامن التصعيد الإماراتي الأخير في شبوة وحتى سقطرى يمنيين إلى اعتبار التوقيت مؤشراً على عملية تخادم بين الإمارات والحوثيين، أو محاولة من الأخيرة إلى استغلال تصعيد الجماعة، وما تكشف على إثره من ثغرات دفاعية بالنسبة للحكومة، بعد أن لعبت أبوظبي العام الماضي دوراً بحرف المعركة المفترضة للشرعية والتحالف ضد انقلاب الحوثيين إلى تمرد على الحكومة متكامل الأركان جنوباً، الأمر الذي استثمرته الجماعة في معاركها شمالاً.