19 نوفمبر 2024
التحولات الأردنية في 2017
يعيد "مطبخ القرار" في عمّان تقييم المشهد الإقليمي في ظل التحولات الإقليمية المحيطة، وما يحدث في سورية والعراق، من تطوراتٍ مهمة، وقدوم الإدارة الأميركية الجديدة، للرئيس المنتخب، دونالد ترامب. وعلى الرغم من استمرار الأوضاع الضبابية وحالة "عدم اليقين" تجاه ما يحدث، ومسارات التطور المحتملة، إلاّ أنّ هنالك إرهاصات لتحولات أردنية قادمة على صعيد السياسة الخارجية، وتخلّيا عن جزء من المنظور السابق.
تشير التطورات أخيراً إلى اتجاهاتٍ يأخذها "مطبخ القرار" في عمّان بالاعتبار، الانتصارات العسكرية للنظام السوري وحلفائه على الأرض، المحور الإيراني- الروسي الجديد، معركة الموصل واحتمال نهاية دولة داعش في العراق في العام الحالي، التحولات التركية والتقارب بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، ونجاح وقف إطلاق النار نسبياً، والتحضير لمفاوضات الآستانة، والتقارب المتوقع بين الروس والأميركيين في إدارة الملف السوري، في المرحلة المقبلة، كما تشي بذلك تصريحات ترامب.
في ضوء ذلك، ينظر الأردن إلى الخلاصات التالية؛ أنّ هنالك نمواً في النفوذ الإيراني في المنطقة، في العراق وسورية، وفشلاً في المقاربات العربية الإقليمية في سورية والعراق، وتحولات تركية، وإدارة أميركية ستدخل في عملية ترتيب الأوضاع الجديدة مع بوتين الذي سيتولى الحديث مع الإدارة الأميركية والإسرائيليين، عملياً، نيابةً عن النظام السوري والإيرانيين فيما يتعلق بسورية.
ليست الأمور محسومةً بطبيعة الحال، وما تزال توجهات الإدارة الأميركية مرتبطةً بالتوقعات، وليس بالواقع الفعلي، لكن هنالك تطورات أصبحت معروفةً ومفروغاً منها؛ في مقدمتها تخلّي العالم تماماً عن مشروع إطاحة الرئيس بشار الأسد، والعمل مع النظام وحلفائه على الوصول إلى "صفقةٍ" أو "وصفةٍ" لمستقبل سورية والمرحلة الانتقالية.
عند هذه النقطة، جرى "تحييد النظام العربي" كاملاً، السعودية والأردن ومصر، إذ تتولّى تركيا، عملياً، الحديث نيابةً عن المعارضة، وتمتلك قدرةً على التأثير عليها، بينما يتحدث الروس نيابةً عن النظام السوري، بانتظار وصول المسؤولين الأميركيين للحاق بطاولة
المفاوضات التي يجري الإعداد لها. لذلك عندما ينظر الأردن إلى مستقبل سورية والعراق على السواء سيأخذ بالاعتبار الدور الإيراني الجديد، النفوذ الروسي في المنطقة، استمرار النظام السوري بصيغةٍ أو بأخرى، بالإضافة إلى وضع أكثر استقراراً نسبياً في العراق، في المقابل بروز الخلافات العربية، المصرية - السعودية.
يُضاف إلى العوامل السابقة جميعاً تراجع كبير في سقف التوقعات الأردنية من حجم الدعم الخليجي المتوقع للأردن، فعلى الرغم من أنّ تسريباتٍ تتحدث عن قرابة مبلغ ثلاثة مليارات دولار ستضعها السعودية قريباً في صندوق الاستثمار السعودي - الأردني الجديد، من أجل الاستثمار في الأردن، فإنّ المخرجات المتوقعة ستكون بطيئة، ومرتبطة بدراسات واقعية للاستثمارات المطلوبة، وستأخذ وقتاً حتى تبدأ بالظهور، قد يستغرق أعواماً.
إذا وضعنا كل ما سبق "مدخلات" متوافرة لـ"مطبخ القرار" في عمّان، فما هي المخرجات المتوقعة بالنسبة للأردن؟
المخرج الأول إعادة تقييم الموقف من النظام السوري، وارتفاع سقف التوقعات من احتمال نجاح الروس في إنجاز اتفاقيات الهدنة، والدخول في المرحلة الانتقالية، وهو السيناريو الأفضل للأردن. لكن، في حال فشلت تلك الجهود، فإنّ الوجهة القادمة للقوات السورية والإيرانيين وحزب الله ستكون ريف دمشق، لإنهاء المعارضة في الغوطة الشرقية، ثم المناطق الجنوبية، أي درعا التي تقع على تماس مع "الخط الأحمر" للأمن الوطني الأردني.
خلال العام الماضي، فرض الأردن على حلفائه من الجيش الحرّ التهدئة والهدنة مع النظام السوري، وتحولت الأهداف الأردنية عملياً نحو مقاتلة "داعش" حصرياً. وعلى هذا الأساس، تمّ تأسيس جيش سورية الجديد الذي خسر معاركه الأولى في مدينة البوكمال مع "داعش". لكن حالياً من غير المتوقع أن يتدخل الأردن لدعم المعارضة المسلحة، بصورة غير مباشرة، كما حدث سابقاً، في حال جرى الهجوم الإيراني - السوري، وسيكتفي الأردن بمحاولة التوصل والتوسط مع الروس، من أجل عقد تفاهمات على الأرض.
مثل هذا السيناريو العسكري، أي اجتياح الجنوب السوري، خطير على الأمن الوطني الأردني، لثلاثة أسباب. أولاً، يدفع أعداداً كبيرة من اللاجئين. ثانياً، انتقال المواجهات إلى الحدود الأردنية. وثالثاً، استثمار "داعش" تلك الظروف والتغذي على أزمة المعارضة "المعتدلة". مع ذلك، لن يدخل الأردن في خيار الرهان على المعارضة المعتدلة عسكرياً، وهو يرى أنّ الميزان يميل لصالح الروس والإيرانيين في سورية، وسيحاول الإزاحة أكثر نحو مربع الحياد والوساطة.
سيعمل الأردن على فتح خطوط مع العراق، وتعزيز العلاقة مع الحكومة العراقية، من أجل تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، في أكثر من قطاع، والعراق سوق مهم في الأردن، إذا تم تجاوز المعضلات الأمنية والسياسية. ويقتضي ذلك تدوير الزوايا الحادة من إيران أولاً، ولعب دور الوساطة الإيجابية مع المعارضة العراقية السنية ثانياً، وتنسيق الجهود لمواجهة مجموعات "داعش" في مناطق الأنبار ثالثاً.
لن تكون "الاستدارة الناعمة" الأردنية المتوقعة من إيران على حساب العلاقات مع السعودية، فسيحاول الأردن "إمساك العصا من المنتصف"، لكنّه سيحاول إظهار رسائل بدور أقرب إلى المنتصف في الأزمة السعودية - الإيرانية، خصوصاً في حال استمرت الصراعات العسكرية، فإنّ هنالك توقعات أردنية غير رسمية، وغير معلنة، بأن يكون الحرس الثوري الإيراني وحزب الله على الحدود الشرقية والشمالية للأردن.
تقوية العلاقة مع الروس خيار استراتيجي أردني، لما يملكه الروس من تأثير ونفوذ في المحور الإيراني - السوري، مع محاولة إيجاد دور للأردن في مشروع إعادة إعمار سورية، في حال دخلنا في المرحلة الانتقالية، كما ذكر البنك الدولي في تقرير له أخيراً.
قد تكون هذه الرهانات الأردنية المحتملة في العام 2017، لكنّها تواجه، هي الأخرى، معضلات ومعوقات كبيرة، من ضمنها الصورة النمطية الإيرانية - السورية عن الأردن، وغياب حبل الود بين الطرفين من عقود، ما قد يضع "فيتو" إيرانيا على أي تقاربٍ اقتصادي أردني - عراقي من جهة، ودور أردني محتمل في إعادة إعمار سورية من جهة ثانية.
تشير التطورات أخيراً إلى اتجاهاتٍ يأخذها "مطبخ القرار" في عمّان بالاعتبار، الانتصارات العسكرية للنظام السوري وحلفائه على الأرض، المحور الإيراني- الروسي الجديد، معركة الموصل واحتمال نهاية دولة داعش في العراق في العام الحالي، التحولات التركية والتقارب بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، ونجاح وقف إطلاق النار نسبياً، والتحضير لمفاوضات الآستانة، والتقارب المتوقع بين الروس والأميركيين في إدارة الملف السوري، في المرحلة المقبلة، كما تشي بذلك تصريحات ترامب.
في ضوء ذلك، ينظر الأردن إلى الخلاصات التالية؛ أنّ هنالك نمواً في النفوذ الإيراني في المنطقة، في العراق وسورية، وفشلاً في المقاربات العربية الإقليمية في سورية والعراق، وتحولات تركية، وإدارة أميركية ستدخل في عملية ترتيب الأوضاع الجديدة مع بوتين الذي سيتولى الحديث مع الإدارة الأميركية والإسرائيليين، عملياً، نيابةً عن النظام السوري والإيرانيين فيما يتعلق بسورية.
ليست الأمور محسومةً بطبيعة الحال، وما تزال توجهات الإدارة الأميركية مرتبطةً بالتوقعات، وليس بالواقع الفعلي، لكن هنالك تطورات أصبحت معروفةً ومفروغاً منها؛ في مقدمتها تخلّي العالم تماماً عن مشروع إطاحة الرئيس بشار الأسد، والعمل مع النظام وحلفائه على الوصول إلى "صفقةٍ" أو "وصفةٍ" لمستقبل سورية والمرحلة الانتقالية.
عند هذه النقطة، جرى "تحييد النظام العربي" كاملاً، السعودية والأردن ومصر، إذ تتولّى تركيا، عملياً، الحديث نيابةً عن المعارضة، وتمتلك قدرةً على التأثير عليها، بينما يتحدث الروس نيابةً عن النظام السوري، بانتظار وصول المسؤولين الأميركيين للحاق بطاولة
يُضاف إلى العوامل السابقة جميعاً تراجع كبير في سقف التوقعات الأردنية من حجم الدعم الخليجي المتوقع للأردن، فعلى الرغم من أنّ تسريباتٍ تتحدث عن قرابة مبلغ ثلاثة مليارات دولار ستضعها السعودية قريباً في صندوق الاستثمار السعودي - الأردني الجديد، من أجل الاستثمار في الأردن، فإنّ المخرجات المتوقعة ستكون بطيئة، ومرتبطة بدراسات واقعية للاستثمارات المطلوبة، وستأخذ وقتاً حتى تبدأ بالظهور، قد يستغرق أعواماً.
إذا وضعنا كل ما سبق "مدخلات" متوافرة لـ"مطبخ القرار" في عمّان، فما هي المخرجات المتوقعة بالنسبة للأردن؟
المخرج الأول إعادة تقييم الموقف من النظام السوري، وارتفاع سقف التوقعات من احتمال نجاح الروس في إنجاز اتفاقيات الهدنة، والدخول في المرحلة الانتقالية، وهو السيناريو الأفضل للأردن. لكن، في حال فشلت تلك الجهود، فإنّ الوجهة القادمة للقوات السورية والإيرانيين وحزب الله ستكون ريف دمشق، لإنهاء المعارضة في الغوطة الشرقية، ثم المناطق الجنوبية، أي درعا التي تقع على تماس مع "الخط الأحمر" للأمن الوطني الأردني.
خلال العام الماضي، فرض الأردن على حلفائه من الجيش الحرّ التهدئة والهدنة مع النظام السوري، وتحولت الأهداف الأردنية عملياً نحو مقاتلة "داعش" حصرياً. وعلى هذا الأساس، تمّ تأسيس جيش سورية الجديد الذي خسر معاركه الأولى في مدينة البوكمال مع "داعش". لكن حالياً من غير المتوقع أن يتدخل الأردن لدعم المعارضة المسلحة، بصورة غير مباشرة، كما حدث سابقاً، في حال جرى الهجوم الإيراني - السوري، وسيكتفي الأردن بمحاولة التوصل والتوسط مع الروس، من أجل عقد تفاهمات على الأرض.
مثل هذا السيناريو العسكري، أي اجتياح الجنوب السوري، خطير على الأمن الوطني الأردني، لثلاثة أسباب. أولاً، يدفع أعداداً كبيرة من اللاجئين. ثانياً، انتقال المواجهات إلى الحدود الأردنية. وثالثاً، استثمار "داعش" تلك الظروف والتغذي على أزمة المعارضة "المعتدلة". مع ذلك، لن يدخل الأردن في خيار الرهان على المعارضة المعتدلة عسكرياً، وهو يرى أنّ الميزان يميل لصالح الروس والإيرانيين في سورية، وسيحاول الإزاحة أكثر نحو مربع الحياد والوساطة.
سيعمل الأردن على فتح خطوط مع العراق، وتعزيز العلاقة مع الحكومة العراقية، من أجل تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، في أكثر من قطاع، والعراق سوق مهم في الأردن، إذا تم تجاوز المعضلات الأمنية والسياسية. ويقتضي ذلك تدوير الزوايا الحادة من إيران أولاً، ولعب دور الوساطة الإيجابية مع المعارضة العراقية السنية ثانياً، وتنسيق الجهود لمواجهة مجموعات "داعش" في مناطق الأنبار ثالثاً.
لن تكون "الاستدارة الناعمة" الأردنية المتوقعة من إيران على حساب العلاقات مع السعودية، فسيحاول الأردن "إمساك العصا من المنتصف"، لكنّه سيحاول إظهار رسائل بدور أقرب إلى المنتصف في الأزمة السعودية - الإيرانية، خصوصاً في حال استمرت الصراعات العسكرية، فإنّ هنالك توقعات أردنية غير رسمية، وغير معلنة، بأن يكون الحرس الثوري الإيراني وحزب الله على الحدود الشرقية والشمالية للأردن.
تقوية العلاقة مع الروس خيار استراتيجي أردني، لما يملكه الروس من تأثير ونفوذ في المحور الإيراني - السوري، مع محاولة إيجاد دور للأردن في مشروع إعادة إعمار سورية، في حال دخلنا في المرحلة الانتقالية، كما ذكر البنك الدولي في تقرير له أخيراً.
قد تكون هذه الرهانات الأردنية المحتملة في العام 2017، لكنّها تواجه، هي الأخرى، معضلات ومعوقات كبيرة، من ضمنها الصورة النمطية الإيرانية - السورية عن الأردن، وغياب حبل الود بين الطرفين من عقود، ما قد يضع "فيتو" إيرانيا على أي تقاربٍ اقتصادي أردني - عراقي من جهة، ودور أردني محتمل في إعادة إعمار سورية من جهة ثانية.