انتشار الاحتيال يخيف الأردنيين من التجارة الإلكترونية.. ومطالب بحماية المستهلكين

27 مايو 2017
قانون حماية المستهلك يركز على التجارة التقليدية (فرانس برس)
+ الخط -
أضحت عمليات التسويق والتجارة عبر قنوات التواصل الاجتماعي في الأردن، تنطوي على عملياتنصب واحتيال كثيرة، وقع ضحيتها عدد كبير من المواطنين، في ظل ضعف الرقابة على هذا النوع من التجارة، وما تحمله من مخاطر على المستهلكين.
وانتشرت في الآونة الأخيرة عمليات الترويج لسلع وخدمات باستخدام شبكة الإنترنت، والاتصال مباشرة مع المواطنين بشكل عشوائي عبر الهواتف النقالة، وإرسال الرسائل النصية للترويج لسلع وخدمات بأسعار منافسة، ضمن مواصفات يدعي القائمون على تلك الحملات بأنها ذات جودة عالية ولا يوجد لها مثيل في السوق.

وتشمل عمليات الترويج مواد مختلفة مثل معدات التجميل وأجهزة كهربائية وغيرها، وخدمات مثل تملك العقارات والمنتجعات السياحية التي وقع في شراكها العديد من المواطنين.
ويقول المواطن عبدالله عفونة لـ" العربي الجديد" إنه وقع ضحية لإحدى الشركات، التي تروج بيع منتجعات سياحية بمساحات صغيرة في بعض الدول العربية بالأقساط، حيث أقنعته أنه يمكن للمشتري استثمار العقار لصالحه وتحقيق عائد مادي جيد، لكنه سرعان ما اكتشف حقيقة عدم صدق هذه الحملة الترويجية، وبشق الأنفس وبمساعدة مسؤول في الدولة استعاد المبلغ الذي دفعه نقداً.
وبحسب المواطنة أم زيد، فإنها تتلقى باستمرار عبر هاتفها الشخصي عروضاً من محلات تجارية وشركات تدعي توفير سلع تطرح لأول مرة في السوق وبأسعار مناسبة وإمكانية إيصال تلك المشتريات إلى منزلها مباشرة والتسديد عند استلام البضاعة.
وتقول أم زيد لـ" العربي الجديد" إنها تخشى من أن تكون تلك السلع مقلدة وغير صالحة، وربما تنطوي على مخاطر أكبر على الصحة والسلامة العامة، وبالتالي فان عائلتها أشارت بعدم الشراء بهذه الطريقة وأهمية الشراء من محلات تجارية معروفة ويمكن محاسبتها إذا اقتضت الحاجة.

تجارة غير مشروعة

ويقول علي الطلافحة، مدير مديرية الرقابة على الأسواق في الأردن، لـ"العربي الجديد" إن التجارة الإلكترونية والترويح من خلال الإنترنت ومختلف قنوات التواصل الاجتماعي تخضع للرقابة قدر المستطاع لاتساع الفضاء الإلكتروني، لكن من الصعوبة السيطرة عليها وملاحقة كافة القائمين على الممارسات غير المشروعة.
ويضيف الطلافحة أن المديرية تتابع حملات الترويج والتسويق من خلال الإنترنت ويتم إحالة المخالفين وغير الحاصلين على التصاريح اللازمة للقضاء، مشيراً إلى أن بعض الشركات تحصل على التراخيص اللازمة، فيما الغالبية تعمل بطرق غير مشروعة.

ويشير إلى أن القانون ألزم أي جهة تريد تسويق وترويج أي سلعة أو خدمة، مراجعة الجهات المختصة للحصول على الموافقات اللازمة، وذلك ضمانة لحق المستهلك في شراء سلعة آمنة وسليمة، وإمكانية الرجوع للبائع في حال وجود خلل.
ويتابع أن وزارة الصناعة والتجارة والتموين تتلقى شكاوى من مواطنين وقعوا ضحية لأعمال تجارية إلكترونية، وتبين أن السلع غير صالحة وربما عدم تسلمها لتلك السلعة أصلاً.
ويقول إن ملاحقة مرتادي التجارة باستخدام الإنترنت والمخالفين للقانون ليست سهلة، الأمر الذي يفرض على المواطنين عدم الشراء إلا من خلال محلات تجارية معروفة وخاضعة للرقابة وتلتزم بالقانون.

تشريعات غير مكتملة

ويقول مسؤول أردني لـ"العربي الجديد" إن البيئة التشريعية التي تنظم عمليات التجارة الإلكترونية غير مكتملة حتى الآن، ومن الضروري إنجاز قانون الدفع الإلكتروني، الذي يتيح دفع الفواتير وقيمة المشتريات بواسطة الإنترنت، فيما لا يوفر الحماية من الممارسات المخلة بأطر التجارة والاحتيال على المواطنين.
ويضيف المسؤول أن حجم التجارة الإلكترونية التي تتم بشكل سليم في الأردن يبلغ حوالى 280 مليون دولار سنوياً، وغالبيتها تنفق على الخدمات مثل الحجوزات الفندقية وتذاكر الطيران وغيرها، مشيراً إلى عدم وجود تقديرات بحجم عمليات شراء السلع محلياً من خلال الإنترنت.

ويتابع: "نأمل أن يتم توفير سبل الحماية للمستهلكين من أعمال التجارة الإلكترونية، التي تستنزف جيوب المواطنين وتعرضهم للنصب والاحتيال وكذلك إتاحة المجال للشخص المتضرر مقاضاة الجهة التي أوقعت به".
ومن المقرر تطبيق قانون جديد لحماية المستهلك في السابع عشر من يونيو/حزيران المقبل، للحد من حالات الغش التجاري، ومساعدة المستهلكين في استعادة حقوقهم المادية، فيما يركز القانون جهوده على العمليات التجارية التي تجري بطرق تقليدية.

مطالب بحماية المستهلكين

وترى جمعية حماية المستهلك أن الانتشار الكبير للتسويق والتجارة الإلكترونية، وارتفاع شكاوى المواطنين، يتطلب تدخلاً قوياً من قبل الحكومة لمواجهة هذه المشكلة، التي تضر بالمستهلكين على اختلاف شرائحهم.
ويقول رئيس الجمعية، محمد عبيدات، لـ"العربي الجديد" إن الفضاء الإلكتروني واسع جداً، لكن ما يعنينا هو السوق الأردني، وما يشهده من عمليات نصب واحتيال على المواطنين بالمتاجرة بالسلع والخدمات والتسويق لها من خلال الإنترنت.

ويضيف عبيدات أن تنامي هذه الظاهرة يتطلب إنشاء وحدة خاصة داخل وزارة الصناعة والتجارة، مهمتها متابعة التجارة المحلية عبر الإنترنت بما في ذلك الترويج والتسويق ومحاسبة كل من يقوم بهذه الأعمال بشكل مخالف للقانون ومحاسبة وفحص السلع المباعة.
ويشير إلى أن الجمعية تصدر باستمرار رسائل تحذير للمواطنين بعدم الشراء من خلال الإنترنت، إلا من جهات معلومة ومرخصة ويمكن الرجوع إليها إذا اقتضت الحاجة.

ويقول سهم العبادي، عضو جمعية حماية المستهلك، لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة التي تستطيع السيطرة على المواقع الإخبارية الإلكترونية والفيسبوك بإمكانها إخضاع الترويج والتسوق الإلكتروني للرقابة، ومحاسبة المخالفين للقانون وحماية حقوق المواطنين".
ويضيف العبادي أن العروض التي تقدم للمواطنين من خلال التسويق عبر الإنترنت مغرية، من حيث انخفاض الأسعار وأصناف السلع، التي لا يوجد لها في الغالب مثيل في السوق كأدوات العناية الشخصية.
وكانت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حذرت المواطنين مؤخراً من التعرض للاحتيال من خلال الإنترنت، بما في ذلك عمليات الدخول في مسابقات مالية وهمية، ما أوقع البعض فيها من خلال الرغبة في الكسب والثراء السريع.

ضبط المعاملات

ويرى حسام عايش الخبير الاقتصادي أنه لابد من إطلاق برامج توعية للمواطنين بكيفية التعامل مع التسويق والترويج الإلكتروني وأهمية الشراء من أماكن معروفة وعدم التعامل مع جهات عارضة تظهر لمرة وتختفي.
ويشير عايش في تصريحات خاصة إلى أهمية الإسراع في إنجاز متطلبات التجارة الإلكترونية بالكامل، حتى توفر مظلة حماية للمواطنين، وبالتالي محاسبة كل من يستخدم الإنترنت للتسويق والتجارة بطرق غير مشروعة وبقصد الإيقاع بالمستهلكين والاحتيال عليهم.

ويلفت إلى أنه لا توجد تقديرات معينة لحجم التجارة عبر الإنترنت داخل الأردن، لكن الظاهر هو عمليات النصب والاحتيال فيما هناك تعاملات صحيحة، لكنها تحتاج لمزيد من الضبط.
وكانت دراسة لمجموعة "المرشدون العرب"، المتخصصة في دراسات أسواق الاتصالات في المنطقة العربية، أظهرت أن ما يقارب 45% من مستخدمي الهواتف الذكية في الأردن يقومون باللجوء إلى التجارة الإلكترونية لشراء حاجياتهم.
وبحسب الدراسة الصادرة منتصف 2015، فإن التجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني في طريقهما للنمو والتوسع خلال المرحلة المقبلة، على ضوء انتشار الإنترنت والهواتف الذكية على نطاق واسع.
وتظهر الدراسة أن 53% ممن يجرون عمليات التجارة الإلكترونية في الأردن من خلال الحواسيب، ويشترون الملابس، كما أن 27.5% منهم يشترون الإلكترونيات، أما من يلجأون إلى التجارة الإلكترونية عبر الهواتف المتنقلة فنسبة 53% منهم يشترون الملابس و23.5 % يشترون الإلكترونيات.


المساهمون