تواصل البورصات وأسواق المال الكبرى نزيفها الحد، في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة اقتصادية تظهر تداعياتها بشكل واضح على أسواق الأسهم الدولية، إذ يفقد الكثير من المستثمرين أموالهم وسط انخفاض لقيمة الشركات ما ينبئ بمشاكل وشيكة.
وشهد أسواق الأسهم العالمية منذ أوائل شهر يونيو/حزيران الماضي رقماً قياسيًا حيث تكبدت أكثر من 13 ترليون دولار، ما يدل على أن الأسواق فقدت أرباحها خلال العامين السابقين.
كما تراجعت القيمة السوقية للأصول دون إلى أقل من 60 ترليون دولار للمرة الأولى منذ شهر فبراير/شباط 2014، في ظل فشل سياسات لتحفيز النمو الاقتصادي.
وكانت الأسواق العالمية قد شهدت مثل هذا التراجع عندما أطلق رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي " المركزي الأميركي" السابق بن برنانكي الجولة الثانية من برامج التيسير الكمي، التي لم تقدم شيئاً يذكر لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام.
وأرجعت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية خسارة الأسواق العالمية إلى هبوط أسعار السلع الأولية مثل النفط الذي انخفض بنحو 60% منذ شهر يونيو/حزيران 2014، عندما بدأ الإنتاج العالمي المرتفع يصطدم بتباطؤ النمو الاقتصادي.
كما أن تنامي مخاوف المستثمرين بشأن النمو الاقتصادي العالمي، وخاصة الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يؤثر سلباً على الأسواق العالمية. ويرى العديد من الخبراء أن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني كان أحد أسباب هبوط أسعار الطاقة والسلع الأولية.
وأظهرت بيانات اقتصادية أن العجز التجاري الصيني في قطاع الخدمات ارتفع في شهر أغسطس/اَب الماضي إلى 22.8 مليار دولار بعدما كان قدره 17.6 مليار دولار في شهر يوليو/تموز الماضي.
ويأتي تراجع الأسواق العالمية بالرغم من اتباع المصارف المركزية العالمية خلال الأشهر الأربعة الماضية سياسات تحفيز لاقتصاداتها كالتيسير الكمي وخفض أسعار الفائدة الرئيسية.
ويرى العديد من المحللين أن المصدر الرئيسي للعديد من الصعوبات الاقتصادية هو السياسة النقدية للاحتياط الفيدرالي الأميركي التي فشلت في دفع الاقتصاد للتعافي القوي كما كان متوقعاً، وذلك بعد ما يقارب سبع سنوات من خفض معدلات الفائدة قرب الصفر، وما زالت معدلات التضخم منخفضة في أميركا، رغم وصول الاقتصاد إلى ما يعتبره الاحتياط الفدرالي مستوى التشغيل الكامل.
وفي هذا الصدد أظهرت بيانات من معهد التمويل الدولي أن المستثمرين العالميين سحبوا ما يقدر بواقع 40 مليار دولار من الأصول في الأسواق الناشئة خلال الربع الثالث من العام الجاري وهو ما يجعله أسوأ ربع لتلك الأسواق منذ نهاية 2008.
وقال المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له في تقرير إن أسواق الأسهم شهدت تخارجات تقدر قيمتها بـ19 مليار دولار، بينما شهدت أسواق السندات نزوح 21 مليار دولار.
ولم تجد تدفقات الأسواق الناشئة سوى دعم قصير الأمد في الإشارات التي بعثها اجتماع لجنة السياسة النقدية بمجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي في سبتمبر/ أيلول الماضي والتي أظهرت ميله إلى التيسير.
وأحجم المركزي الأميركي عن أول رفع لأسعار الفائدة منذ 2006 بسبب مخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي وأزمة الاقتصاد الصيني واضطرابات الأسواق.
وأثار القرار الأميركي موجة صعود محدودة في الأسواق الناشئة، لكن هذا الاتجاه لم يلبث أن تغير في الأسبوع التالي ويتجه المؤشر الرئيسي للأسهم حاليًا إلى إنهاء الربع على خسائر تقارب 19%.
وقال معهد التمويل إن موجة إقبال المستثمرين على البيع تمثل أكبر انتكاسة للأسواق الناسئة منذ الربع الأخير من 2008 ذروة الأزمة المالية حين شهدت تلك الأسواق نزوح 105 مليارات دولار. وتتضمن البيانات الفصلية تعديلا كبيرا على غير المعتاد لتقديرات المعهد بشأن التدفقات الخاصة بالسندات.
اقرأ أيضاً: الصين تكبّد أثرياء العالم 182 مليار دولار في أسبوع