فبعد استدعاء متبادل للسفراء خلال اليومين الأخيرين، وتصريحات وتهديدات متبادلة، أقدم صباح اليوم الثلاثاء 100 مشرع إيراني على طرح مشروع قانون لـ"مجلس الشورى الإسلامي" (البرلمان) بهدف خفض التمثيل الدبلوماسي البريطاني في إيران. ويأتي تقديم هذا المشروع بعد دعوات متزايدة برلمانية وسياسية محافظة، خلال اليومين الأخيرين، لطرد السفير البريطاني.
وقال عضو بهيئة رئاسة البرلمان أحمد أميرآبادي فراهاني، لوكالة "تسنيم"، إن هذا المشروع يهدف إلى خفض العلاقات الدبلوماسية من مستوى السفير إلى المستوى القنصلي. وأوضح فراهاني أن النواب الموقعين على المشروع قدموه لرئاسة البرلمان، وأنه بعد تأكيدها استلام المشروع خلال الأيام القادمة، سيتم تحديد تاريخ لعقد جلسة لمناقشته.
وينص مشروع القانون على أنه في حال إقراره بالبرلمان ومصادقة مجلس صيانة الدستور عليه، فإن "على الحكومة أن تخفض مستوى العلاقات السياسية مع دولة بريطانيا إلى المستوى القنصلي"، مشددا على أن "الرقي مجددا بالعلاقات يجب أن يتم من خلال إقراره بمجلس الشورى". كما يكلف المشروع وزارة الخارجية الإيرانية بـ"اتخاذ تدابير حقوقية وقضائية وسياسية لازمة لاستيفاء حقوق الشعب الإيراني في المحاكم والأوساط الدولية، وتقديم تقرير حول ذلك كل ثلاثة أشهر للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية" البرلمانية.
والسبت الماضي، أعلنت الشرطة الإيرانية أنها اعتقلت السفير البريطاني لدى طهران خلال مشاركته في احتجاجات طلابية أمام جامعة "أمير كبير" الصناعية، وسط العاصمة الإيرانية، إلا أنه تم الإفراج عنه بعد ذلك.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأحد، في تعليقه على الحادث، إن السفير لم يبق قيد الاعتقال سوى 15 دقيقة.
واحتجت طهران رسميا على مشاركة ماكير في الاحتجاجات، من خلال استدعائه الأحد للخارجية، وسط اتهامات لجهات برلمانية وسياسية له بتحريض المتظاهرين والقيام بتسجيل الاحتجاجات، إلا أن السفير البريطاني في تعليقه على الحادث والاتهامات الموجهة إليه نفى، في تغريدة باللغة الفارسية، مشاركته "في أي تظاهرة"، قائلا إنه شارك في حفل تأبين لضحايا الطائرة المنكوبة بجامعة "أمير كبير". وأشار السفير البريطاني إلى أنه غادر المكان بعد 5 دقائق بعدما رفعت هتافات ضد السلطات الإيرانية.
إلى ذلك، علّق وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، على اعتقال سفير بلاده لدى طهران واصفا إياه بأنه "من دون مبرر أو تفسير، وانتهاك سافر للقانون الدولي".
في غضون ذلك، خرجت دعوات من طهران طالبت الخارجية بطرد السفير البريطاني، ليدعو عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية، النائب المحافظ علاء الدين بروجردي، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى اتخاذ قرار بطرد السفير البريطاني من إيران "سريعا"، متهما بريطانيا بـ"لعب دور مهم" في فرض العقوبات الأميركية، و"التسبب بكثير من المشاكل التي يواجهها الشعب الإيراني".
وأضاف بروجردي، في حديث لوكالة "تسنيم"، أن السفير "عليه أن يلتزم بالقوانين والأعراف الدولية للعلاقات والدبلوماسية"، متهما ماكير بـ"تحريض الطلاب بجامعة أمير كبير لإثارة الشغب".
وأمس الإثنين، قامت بريطانيا باستدعاء السفير الإيراني لديها، حميد بعيدي نجاد، احتجاجا على اعتقال سفيرها، كما هاجم وزير الخارجية البريطاني إيران خلال اجتماع للبرلمان، مهددا بفرض عقوبات عليها. وأضاف: "نسقنا مع شركائنا الدوليين وأجريت مشاورات مع الولايات المتحدة وكندا لإنشاء نظام عقوبات مشابهة لنموذج "ماغنيتسكي" (الأميركي)"، معبرا عن قناعته بـ"ضرورة الحفاظ على الاتحاد العابر للأطلسي بشأن إيران".
وقال إن بريطانيا لم تنخرط في استراتيجية "الضغط الأقصى" الأميركية ضد إيران، لكنها ترى أن خطوات طهران من خلال إيقاف تعهداتها النووية "حولت الاتفاق النووي إلى مجرد قشرة". كما دعا روب إلى خفض التوترات في المنطقة، مطالبا إيران بـ"الانخراط في المسار الدبلوماسي".
ولم تمر سويعات على المواقف البريطانية التصعيدية الجديدة حتى ردت الخارجية الإيرانية عليها، في بيان، نشرته وكالة أنباء "إيسنا"، معتبرة أن هذه المواقف والتهديدات بفرض عقوبات إيران تنطلق من "حسابات خاطئة خطيرة وأوهام" ضد الجمهورية الإسلامية، متهمة لندن بـ"السعي لزيادة التوتر في المنطقة وفي علاقاتها مع طهران".
وهددت الخارجية الإيرانية بريطانيا بـ"ردة فعل قوية ومتناسبة في حال ارتكبت خطأ جديدا"، محملا إياها مسؤولية تبعات ذلك. ودعت الخارجية الإيرانية إلى "إنهاء السفارة البريطانية في طهران تدخلاتها الاستفزازية فورا"، محذرة أنه في حال استمرار هذا السلوك "لن نكتفي باستدعاء السفير"، في تلويح باحتمال طرده من إيران.
إلى ذلك، تجمع المئات من الطلاب الإيرانيين، عصر الأحد، أمام السفارة البريطانية، احتجاجا على "مشاركة" ماكير في التظاهرات، داعين إلى إخراجه من إيران، وسط هتافات ضد الحكومة البريطانية وسياساتها تجاه بلدهم.