امتصت البحرين في الجمعة الثالثة من رمضان، التهديدات الإرهابية التي أطلقها تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، بعد ساعات من تفجير مسجد الإمام الصادق بمدينة الكويت، يوم الجمعة الماضي، حيث هدّد بأن تكون البحرين هي المحطة التالية هذا الأسبوع.
وتنفست البحرين، التي تعيش أزمة سياسية منذ أكثر من أربع سنوات، الصعداء بعد انتهاء مراسم صلاة الجمعة، اليوم، وعدم وقوع أية حوادث يمكن أن تزيد الوضع إرباكاً.
حيث تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الأمنية صباح اليوم، ونشر نقاط تفتيش بالقرب من المساجد التي يحتمل أن تُستهدف، في العاصمة المنامة أو المناطق الأخرى، كما نشرت دوريات للأمن وبعض رجال شرطة المجتمع، بما فيها بعض العناصر النسائية، بهدف ضمان التفتيش.
إلى جانب ذلك، تواجد عناصر من المتطوّعين أغلبهم من الشباب، للمشاركة في عمليات التفتيش، وذلك بعد معارضة أبدتها وزارة الداخلية في الأسابيع الماضية لقيام بعض الأهالي بتفتيش المصلين قبل دخولهم المساجد واستدعتهم للتحقيق، ما أثار موجة من الانتقادات والمطالبة بتوفير إجراءات جدية لحماية المصلين.
وقد عجّل تفجير الكويت بإعادة الوزارة النظر في قرارها والسماح للمتطوعين بالمشاركة، بل وأعلنت عن فتح الباب في الأيام الماضية لتسجيل الراغبين في هذا المجهود رسمياً، بعد تلقيهم دورات تدريبية سريعة.
وسبق صلاة الجمعة هذا الأسبوع دعوة أطلقتها "المؤسسة الوطنية للمصالحة والحوار الوطني" لصلاة موحدة تجمع الطائفتين السنية والشيعية، واختارت لذلك الجامع الكبير في منطقة عالي التي يقطنها مواطنون من الشيعة، القريبة من منطقة الرفاع، مقر الحكم، وقد حضرها اثنان من الوزراء، ووعدت المؤسسة بالمشاركة في صلاة الأسبوع المقبل في مسجد للسنّة.
وكانت التهديدات التي أطلقها "داعش" موجّهة ضد مساجد الشيعة، في سياق استهدافه النسيج الاجتماعي وضرب الوحدة الوطنية في بلدان الخليج، ومع هذا لم يمنع ذلك أن تشمل الإجراءات التي اتخذتها الداخلية البحرينية مساجد الطائفتين، حيث لم تقتصر على جوامع الصادق والدراز ورأس الرمان، بل شملت جامع الفاتح والمهزع مثلاً، خصوصاً أن البحرين ذات المساحة الجغرافية الصغيرة، تتداخل فيها المكونات الاجتماعية، خصوصاً في المنامة، التي تحتضن مساجد وجوامع للسنّة والشيعة والبهرة الإسماعيليين، فضلاً عن كنائس ومعبدٍ للهندوس.
بل إن أحد القساوسة العرب طالب الداخلية بتوفير حماية للكنائس البالغ عددها 24 في عموم أراضي البحرين، نظراً للمخاوف من احتمال أن تكون ضمن دائرة استهداف "داعش".
وعاش الشارع البحريني الأيام الماضية قلقاً متزايداً، يمكن قراءته من تعليقات الصحف أو ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عمّا يدور من أحاديث ونقاشات في المجالس الرمضانية ومجالس قراءة القرآن الكريم المنتشرة بكثافة.
وقد صدرت دعوات أهلية لعدم مشاركة النساء في صلاة الجمعة، خشية أن يحاول أحد الإرهابيين التسلل بملابس نسائية كما حدث في تفجير مسجد الإمام الحسين بحيّ العنود في الدمام.
وقال خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بمنطقة الدراز (12 كيلومتراً غرب المنامة)، الشيخ محمد صنقور، إن "الرسالة التي أراد الإرهابيون توجيهها لحكومات المنطقة، أنهم قادرون على تنفيذ أي مخطط أرادوه وزعزعة الأمن، والرسالة الموجّهة للطرف المستهدَف هو الانكماش على الذات، وعدم مواصلة النضال من أجل الحصول على حقوق المواطنة كاملة".
وأوضح أن "الإجراءات الأمنية لن تكفي وحدها لمحاصرة هذه الفئة، فثمة قنوات ترعى هذا الفكر وتروّج له، وثمة حواضن تعمل على اجتذاب الشباب للأفكار التي يتبناها أرباب هذا الفكر الهدام، وعلى الحكومات أن تعمل على تنقية المناهج الدراسية، فهي من أهم وسائل تفريخه"، مضيفاً: "لقد أظهر الشعب الكويتي أن لا مكان للإرهابيين في أوطاننا، ولن تتمكنوا من جرّ المنطقة إلى حرب طائفية".
ومع انتهاء مراسم صلاة الجمعة، اليوم، تنفست البحرين الصعداء مؤقتاً، على أمل استمرار الإجراءات الهادفة لتجنيب البحرين ارتدادات العاصفة التي تضرب المنطقة.
اقرأ أيضاً: البحرين ترحب برفع الحظر الأميركي عن المساعدات الأمنية