البؤساء: آلاف الفقراء العرب يعيشون ويأكلون من القمامة

03 يونيو 2015
الحروب والفقر يرفعان أعداد "سكان المزابل" (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يعد للفقر في الدول العربية أي حدود، ولم يعد للتعاسة والتشرد والفروقات الاجتماعية أي قواعد منطقية، في حين لا تزال السياسات الاقتصادية والاجتماعية تدور في فلك الأقوياء، تاركة آلاف العرب يعيشون في أماكن مكبات النفايات أو "المزابل".

"نفايات قوم عند قوم فوائد". هذا هو حال الآلاف من المواطنين العرب الذين ترعرعوا وتربّوا وعاشوا على مخلفات نفايات المنازل والمصانع. بعضهم يقتات من الفتات لسدّ الجوع، وبعضهم الآخر يبحث بين القمامة عن مواد ثمينة يعيد تسويقها وبيعها لمن يبحث عن تكرير المخلفات.

اقرأ أيضا: التلوّث البصري السمعي والشمّي ينهك الاقتصادات العربية

مسكن ومتجر
تشير معطيات استقاها ملحق "الاقتصاد الجديد" من شبكة مراسليه، إلى أن أعداد "سكان المزابل" يقدر بالآلاف في العديد من الدول العربية. إذ إن عدد المصريين الذين يعيشون في مكبات النفايات المنتشرة في أرض الكنانة يقدر بنحو 60 ألفاً، يستقبلون يومياً الأطنان من النفايات الصلبة، والتي قدّرها تقرير صادر عن الأمم المتحدة بـ 21.1 مليون طن سنوياً. وذكر التقرير ذاته أن 83.5% من نفايات مصر "ترمى بطرق لا تراعي الشروط البيئة والصحية"، ما يعرض حياة الآلاف من المواطنين المتصلين بها مباشرة للخطر.


في تونس، يطلق التونسيون على هذه الفئة بالعامية وصف "البرياشة"، ويقدر عددهم بالمئات. يتركز نشاطهم بالأساس في مكب "برج شاكير"، والذي ينتشر فيه قرابة 200 مشتغل وقاطن في المزابل ومن بينهم قاصرون، إلا أن الرقم قفز بين عام 2012 وعام 2015 إلى 500 شخص، منهم من يتوفر على رخص استغلال المخلفات، ويبلغ دخلهم اليومي ما بين 7 و10 دولارات.

بالنسبة للمغرب الذي ينتج بحسب آخر تقرير للأمم المتحدة 6.8 ملايين طن من النفايات سنوياً، يعيش كثيرون في أماكن قريبة من حاويات النفايات، للمتاجرة بما يتم رميه فيها، ويطلق على هؤلاء اسم "الميخالة"، ويبيعون العبوات البلاستيكية الكبيرة لإعادة تدويرها، والتي قد توفر أرباحاً تصل في المتوسط إلى 930 درهماً شهرياً (قرابة 96 دولاراً)، بمعدل 15 عبوة في اليوم.

لا يختلف الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقول الاختصاصي الاجتماعي أحمد سكر لـ "العربي الجديد"، إن العمل في فرز النفايات يعد مصدر دخل لآلاف المواطنين الفلسطينيين، إذ إن 10% منهم يعملون في هذا المجال بمحافظة "الخليل" جنوبي الضفة، ويتوزعون ما بين بائعين ومشترين، حيث يقوم التجار المشترون بالتجول في المحافظة لشراء ما يصلح، وإعادة تدويره أو بيعه للمصانع. ويوضح سكر أن مجموعة من المصانع في "الخليل" تستغل ما يتاجر به المنقبون في المزابل، خاصة مصانع الزجاج والحديد. ويقدر دخل الذين يعيشون من المزابل في فلسطين بـ 100 دولار أسبوعياً، يستغلون المخلفات البلاستيكية والحديد والألمنيوم والإطارات التي تحوي معدن النحاس.

مخلفات الحروب
ويعرف العراق منذ الغزو الأميركي انتشار ظاهرة المتاجرة بمخلفات الأسلحة والمواد الكيماوية، حيث أعلن الجيش الأميركي أنه تخلص في عام 2011 من نحو 10 آلاف طن من المخلفات العسكرية فوق الأراضي العراقية، يحولها "العاملون" إلى سلع للبيع.

اقرأ أيضا: كلفة التلوث في العراق: 6% من الناتج المحلي

ويعلق الخبير الاقتصادي العراقي ماجد الصوري على وضعية سكان المزابل والمنقبين فيها بالقول: "الحروب التي عرفتها البلاد، وسياسات الحكومات الفاشلة، أفرزت فئات هشة وفقيرة واسعة، فرض عليها القيام بممارسة أعمال تضرب بعرض الحائط كل المفاهيم الإنسانية".

ويضيف الصوري لـ "العربي الجديد"، أن الأعداد الهائلة من النازحين داخل العراق بسبب الحرب التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العديد من المناطق، خلق للعراقيين أزمات إضافية، وأصبح العديد منهم يبحث عن لقمة عيش وسط مكبات النفايات.

ويذهب الخبير الاقتصادي العراقي حد القول بوجود "مافيات منظمة" تستغل القاصرين للتنقيب عن المخلفات، خاصة العسكرية منها، مقابل تعويضات هزيلة، ويوجه ما يجمعونه إلى مصانع إعادة التكرير والتصنيع.


وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة خلال العام الحالي، قد ذكر أن نسبة معالجة النفايات الصلبة في معظم دول العالم العربي لا تتجاوز في أحسن الأحوال الـ 8%، ما يوفر بيئة حاضنة لتقليبها من طرف مواطنين يعيشون عليها. إذ لا تتجاوز نسبة التدوير والمعالجة في بلد مثل الجزائر 4.5%، في حين يرمى ما نسبته 80% بطرق لا تراعي الشروط البيئة والصحية.

ورصد تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة خلال العام الماضي أن 33.3% من السوريين يعيشون فوق أراضٍ متدهورة بيئياً، أمّا في مصر فيعيش ما نسبته 25.3% من السكان في مناطق مشابهة. ويقطن 32.4% من اليمنيين بحسب التقرير ذاته فوق أراضٍ متضررة بيئياً وتعاني من تلوث الهواء والماء. ويعاني 39.9% من المواطنين في السودان من الوضع نفسه. وتقدر نسبة السكان الذين يلجأون للمساحات الملوثة بيئياً في لبنان من أجل العيش بـ 1.2% حتى عام 2010.
دلالات
المساهمون