ترسم الانتخابات البرلمانية الجزائرية التي أجريت يوم الخميس (4 مايو/ أيار 2017)، ملامح مرحلة جديدة في الجزائر، ستفرض نفسها على المشهد السياسي في الجزائر بانتظار موعد الانتخابات الرئاسية في 2019.
وبينما لم تظهر النتائج أي مفاجآت غير متوقعة على صعيد كسر احتكار سيطرة أحزاب السلطة على البرلمان (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) أو تحقيق قوى المعارضة أي تقدم استثنائي، فإن سادس انتخابات برلمانية تعددية تشهدها الجزائر، منذ عام 1991، والرابعة في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم تخل من رسائل ودلالات.
أولى الرسائل وجهها الشعب معبراً عن استيائه من العملية السياسية والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي جرت فيها. الأمر الذي تجسد في نسبة العزوف الكبيرة عن المشاركة في هذا الاستحقاق على الرغم من جميع الجهود التي بذلتها السلطات قبل الانتخابات لحثّ الناخبين على المشاركة.
ثاني تحولات الانتخابات يتعلق بمسار العلاقة بين حزبي السلطة خلال المرحلة المقبلة، بعدما فقد حزب "جبهة التحرير الوطني"، والذي يتزعمه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الأغلبية في البرلمان للمرة الأولى منذ 20 سنة. وأتت الخسارة بعد معركة انتخابية داخل "البيت الواحد" شهدت تنافساً شرساً مع حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، والذي يترأسه رئيس الديوان الرئاسي أحمد أويحيى، لتكرّس الانتخابات ونتائجها مشاهد السباق المبكر الذي انطلق بين الأمين العام للجبهة جمال ولد عباس وأويحيي على خلافة بوتفليقة.
كذلك كشفت نتائج الانتخابات عن تمكن "الكارتل المالي" من اختراق المشهد السياسي على نحو غير مسبوق وتمدده في المؤسسة البرلمانية.