وسمحت السلطات البحرينية لـ365 ألف ناخب بالتسجيل في كشوفات الانتخابات لاختيار 40 نائباً من بين 293 مرشحا في الانتخابات النيابية، فضلاً عن اختيار 30 نائبا بلديا من بين 160 مرشحاً في انتخابات وصفها المعارضون بأنها "مسرحية كبيرة"، بسبب منع عشرات الآلاف من المواطنين البحرينيين المعارضين من التصويت.
واستنفر النظام البحريني قواعده للمشاركة في الانتخابات، إذ أجبر موظفي كافة الوزارات الحكومية على الذهاب للانتخابات والتصويت، وهددهم باتخاذ عقوبات قاسية بحقهم إذا لم يفعلوا ذلك، كما قام بالتلاعب بنسبة المشاركين وفق تقارير من منظمات معارضة، وأجبر آلاف المجنسين الذين يعملون في سلك الشرطة والجيش على التصويت في الانتخابات لمرشحين بعينهم، كما أن العملية الانتخابية التي جرت في الخارج يشوبها التلاعب وشكوك في زيادة الأعداد لرفع نسبة المشاركين.
ولم تشارك في هذه الانتخابات أكبر الأحزاب والكتل السياسية، إما بسبب منعها من المشاركة بعد حلها، أو بسبب مقاطعتها لانتخابات غير نزيهة.
وكان القضاء البحريني قد قام بحل جمعية وعد الإسلامية (أكبر حزب سياسي بحريني في البرلمان)، منهياً بذلك وجود أكبر حاضنة سياسية للأغلبية الشيعية عام 2016، كما قام أيضاً بحل جمعية وعد العلمانية في حكم وصف بأنه "حكم سياسي"، وصادق العاهل البحريني في يونيو/ حزيران الماضي على قانون مقدم من مجلس النواب يمنع الجمعيات المنحلة بأمر قضائي من الترشح مرة أخرى، مما يعني حرمان أكبر حزب سياسي من المشاركة.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها قبل موعد الانتخابات البحرينية بأيام، إن "الانتخابات تجري في بيئة سياسية قمعية لن تُفضي إلى انتخابات حرة".
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "لا تخلق البحرين الظروف اللازمة لإجراء انتخابات حُرة، من خلال سجنها أو إسكاتها للأشخاص الذين يُعارضون الأسرة الحاكمة، وفرضها لحظر على جميع أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة"، مضيفة أنه "على البحرين إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على الفور، ومُراجعة قراراتها بشأن إغلاق وسائل الإعلام المُستقلة وحلّ الجمعيات السياسية المُعارضة".
وقالت جمعية الوفاق الإسلامية، خلال مؤتمر صحافي عقد في بيروت للتعليق على نتائج الانتخابات، إن العملية الانتخابية "فشلت فشلاً ذريعاً"، وإنها شهدت مقاطعة كبيرة من المعارضة والموالاة على حد سواء، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة التي تم رصدها من قبل الجمعية 30% فقط.
وقال نائب الأمين العام للجمعية حسين الديهي: "قام الديوان الملكي بالاتصال بكل الوزراء السابقين، إضافة إلى الوزراء الحاليين، وعدد كبير من المسؤولين، وإبلاغهم بتوجيه كل موظفيهم في المؤسسات الحكومية بضرورة الذهاب للتصويت لحساسية الوضع، فقد كان هناك ضعف في الإقبال على التصويت من قبل غالبية المكونات البحرينية من الطائفتين الكريمتين السنة والشيعة".
وقال الديهي إن "الشعب البحريني وجه صفعة للنظام الحاكم"، وإن "المجتمع الدولي لم يقتنع بجدوى هذه الانتخابات ولا شرعيتها".
ومنذ الاحتجاجات الشعبية عام 2011 ضد العاهل البحريني في دوار اللؤلؤة وسط العاصمة المنامة، ودخول القوات السعودية تحت ستار قوات درع الجزيرة الخليجي لحماية النظام الحاكم في البحرين، اعتقلت السلطات الآلاف من المعارضين وزجت بهم في السجون، كما لاحقت الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، وقامت بسحب جنسيات المئات من المعارضين وترحيلهم خارج البلاد، وتحولت البلاد إلى "سجن كبير"، وفق منظمات حقوقية.
وأدت عمليات القمع هذه إلى احتجاج المنظمات الدولية على الحكومة البحرينية، لكن النظام لجأ إلى الانتخابات عام 2014 في محاولة للحصول على الشرعية الدولية، وبعد فشله في استقطاب الجمعيات السياسية المعارضة قرر حلها عبر القضاء عام 2016، ومحاولة صناعة معارضة ناعمة في الداخل بعد لجوء غالب المعارضين إلى الخارج، إما هرباً من أحكام السجن الصادرة بحقهم، أو بسبب ترحيلهم من قبل النظام جبراً.
ولا يبدو أن العملية الانتخابية التي انتهت بالفشل الذريع ستساهم في وأد حالة الانقسام بين الشعب والنظام في البحرين، بل على العكس أدت عمليات التزوير المتواصلة وقيام النظام البحريني بالاستمرار في حملته الشرسة ضد المعارضة إلى تفاقم هذا الانقسام.