الانتخابات الإسرائيلية: شبهات التمويل الأجنبي تطال اليمين و"اليسار"

03 فبراير 2015
اتُهم نتنياهو بتلقيه أموالاً خارجية (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
لم تهدأ الانتقادات التي وُجّهت إلى نمط حياة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منذ تولّيه الحكم في المرة الأولى في عام 1996، وظلّت الشبهات تحوم حوله في كل معركة انتخابية. أبرز الشبهات كانت تلك المتعلقة بمسألة جمعه تبرّعات من أثرياء في اليمين الأميركي، وشكّلت مصدر انتقاد دائم له، إلى أن تمّ الكشف عن تفاصيل ونصوص مسودّة لتقرير "مراقب الدولة"، أمس الاثنين، حول قضية "بيبي تورز"، التي تعود إلى أيام تولّي نتنياهو حقيبة المالية في عهد آرييل شارون.

عادت القضية برمتها إلى الأضواء، في ظلّ ردّ الليكود على ذلك، عبر تكرار الاتهامات لليسار في إسرائيل، بـ"تنظيم حملات ممولة من الخارج، بغرض تغيير الحكم في إسرائيل وإسقاط نتنياهو". وكان قد كُشف، نهاية الأسبوع الماضي، عن قيام سارة، زوجة نتنياهو، بإلزام العاملين في المقرّ الرسمي للعائلة، وهم من موظفي الدولة، على استعادة الأموال عن الزجاجات الفارغة في إسرائيل، وقُدّر مجمل المبلغ الذي جمعته بنحو ألف دولار، واضطر الزوجان نتنياهو إلى إعادتها لخزينة الدولة.

إلا أن ذلك لم يكفِ، ففُتحت أبواب "جهنم من جديد" على عائلة نتنياهو، التي قدّرت الصحف المحلية، بأنها اشترت، خلال عامين، مشروبات كحولية، بقيمة أكثر من 25 ألف دولار على حساب الدولة، فضلاً عن وجود شبهات حول استخدام المال العام، لشراء أثاث لبيتهم الخاص في قيسارية المحتلة، جنوب حيفا.

ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، إذ كشفت القناة العاشرة عن مسودة تقرير "مراقب الدولة" بشأن قضية "بيبي تورز"، يشير إلى احتمال خرق نتنياهو القانون، وتلقّي رِشى وأموالاً بشكل غير مشروع، إضافة إلى تمويل رحلات أفراد العائلة، إبان حكومة شارون، عندما كان نتنياهو وزيراً للمالية.

وذكر التقرير بأن "نتنياهو موّل رحلاته على حساب ممولِين ومتبرعين من خارج إسرائيل، خلافاً للقانون، ناهيك عن قيامه (على غرار ما فعله أولمرت، لاحقاً، في فضيحة ريشون تورز)، باسترداد ثمن تذاكر السفر بشكل مضاعف، من أكثر من طرف ومن مؤسسات يهودية في الولايات المتحدة ومراكمة نقاط السفر، من دون الإبلاغ عن ذلك رسميّاً".

وظهر أن أخطر ما كشفه التقرير يتعلق في واقع الحال باعتراف النيابة الإسرائيلية العامة، بـ"تعاملها بحذر شديد وبقفازات حريرية، مع الشبهات التي تدوم حول نتنياهو في هذه القضايا"، فيما ماطل المستشار القانوني للحكومة للتدخل في قضية "الزجاجات الفارغة"، كما أوعز بعدم فتح تحقيق في قضية الرحلات، على الرغم من إشارة "مراقب الدولة".

ولا تُعتبر هذه القضية ولا ردّ الليكود عليها، أمراً جديداً، فقد بدأ كل شيء منذ التسعينيات، مع منافسة نتنياهو لشمعون بيريس، بعد اغتيال رئيس الحكومة إسحاق رابين في عام 1995. وقتها دخل التمويل الأجنبي للانتخابات الإسرائيلية من أوسع أبوابه، وكان نتنياهو يفاخر بقدرته على جمع المال من الخارج، مقابل محاضرات يلقيها وفق النمط الأميركي المعهود، حين يدفع الحضور مبلغاً كبيراً مقابل حضور المحاضرة والاستماع إليها. وحدّد ثمن محاضرات نتنياهو في بداية عهده يومها، بنحو 50 ألف دولار.

وفي مقابل هذه الانتقادات وتركيز الإعلام الإسرائيلي على هذه القضايا، تحديداً فضيحة "الزجاجات الفارغة" وسلوكيات سارة نتنياهو، حاول نتنياهو الادعاء، أن "اليسار، ومعه أطراف خارجية، لا يتورع عن المس بزوجته لإسقاطه في الانتخابات وتغيير الحكومة في إسرائيل".

ومع توالي الشبهات والمعلومات عن ملفات تمويل الحملات الانتخابية، بادر الليكود، يوم الأحد، إلى شنّ حملة مضادة عبر تركيز الهجوم على جمعيات وصناديق دولية، متهماً إياها بـ"السعي إلى تغيير الحكم في إسرائيل".
واستذكر الليكود في هذا السياق أن "زعيم حزب العمل اسحاق هرتسوغ، كان من أبطال الجمعيات التي عملت في عام 1998 على إسقاط نتنياهو لصالح إيهود باراك، في ملف عُرف باسم جمعيات باراك. فهرتسوغ الذي كان يومها محامياً في القطاع الخاص، فضّل التزام الصمت خلال التحقيقات في هذا الملف، وهو ما حال دون تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو أو باراك".

وكان الليكود توجّه للجنة الانتخابات المركزية، مطالباً بوقف حملات دعائية لمنظمات "النصر 2015" و"مشروع الـ61 (61 صوتاً في الكنيست لحكومة بديلة من نتنياهو)"، مدعيّاً بأن "هذه الحملات حزبية وسياسية وتقوم بدعاية انتخابية خفية، مما يعني أنها غير قانونية ومضللة للجمهور".

وذكر الليكود خلال مؤتمر صحافي، قاده أعضاء الكنيست، ميريت ريغف، وتيبي حوتيفيلي، وأوفير أكونيس، ويريف لفين، أمس الاثنين، أن "المعسكر الصهيوني، يحظى بتأييد ودعم مالي من الولايات المتحدة، لصالح حزب العمل وضد حكومة نتنياهو، خلافاً لقانون التمويل الانتخابي في إسرائيل". وادّعى أن "المنظمة، في 15، التي تموّل حملات دعائية لزيادة التصويت في أوساط اليسار وتدعو إلى تغيير الحكومة في إسرائيل، تعتمد على تمويل أجنبي خفيّ، مما يشكل خرقاً للقانون الجنائي الخاص بتمويل الانتخابات والأحزاب في إسرائيل".

وكشف الليكود أن "في 15 وغيرها من جمعيات اليسار، تحصل على تمويل من الثري الأميركي، دانيال أبراهامز، ومن الثري اليهودي البرازيلي، دانيال لوبتسكي، وهما ليسا مواطنين في إسرائيل". ويحاول نتنياهو واليمين الإسرائيلي، اتهام اليسار في إسرائيل بـ"الاعتماد على تمويل أجنبي (معادٍ للصهيونية) وصناديق أميركية مثل "صندوق فورد" وغيرها، للعمل على نزع الشرعية عن إسرائيل"، وذلك في محاولة لنزع الشرعية عن أحزاب اليسار واتهامها بالتواطؤ مع أعداء إسرائيل، خصوصاً في ما يتعلق بالحملات الدولية المناهضة لموضوع "يهودية الدولة".

المساهمون