الاقتصاد المصري يتهاوى بعد 8 أشهر من الانقلاب العسكري

07 ابريل 2014
الاضطرابات الأمنية والسياسية تزيد تأزم الاقتصاد
+ الخط -
أظهرت بيانات حكومية في مصر، تراجع مؤشرات اقتصادية عدة، خلال الأشهر الثمانية الأولى من عهد الانقلاب العسكري، الذي أطاح نظام الرئيس، محمد مرسي، في الثالث من يوليو/تموز الماضي.

وتراجعت معدلات نمو الاقتصاد بشكل ملحوظ، وسط ارتفاع حجم الاقتراض المحلي وانخفاض الإيرادات، ولا سيما السياحية التي تعول عليها مصر في توفير نحو 20% من العملة الأجنبية سنوياً.

وارتفعت أسعار المستهلكين، وسط تزايد معدلات البطالة، الأمر الذي زاد من الضغوط المعيشية على سكان البلاد البالغ عددهم 84 مليون نسمة، فيما يعاني أكثر من 26% منهم من الفقر بالأساس.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة، والإحصاء الحكومي في تقرير له في مارس/أذار الماضي: إن معدلات التضخم، التي ترصد التغير في الأسعار خلال الثمانية أشهر الأولى من عمر الانقلاب العسكري، ما بين شهري يوليو/تموز إلى فبراير/شباط الماضي، بلغت 11.8%، مقابل 6.3% خلال الشهور الثمانية نفسها من ولاية، مرسى.

وتضاعف معدل الزيادة في أسعار مجموعة الطعام والشراب التي تستحوذ على غالب إنفاق المصريين، خلال فترة الانقلاب لتصل إلى 16.6% على مستوى مصر، مقابل 7.8%في الشهور نفسها من ولاية، مرسي.

ووصل مرسي، إلى الحكم في يوليو/تموز 2012، عبر أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ ثورة يناير/كانون الثاني، التي أطاحت نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بعد أكثر من 30 عاماً في الحكم.

وتشير بيانات الجهات المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسب الارتفاعات السعرية للخضروات خلال شهر فبراير/شباط الماضي بلغت 23% عن الشهر نفسه من 2013.

كما زادت أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 15%، والأسماك بنسبة 26%، والألبان والجبن والبيض بنسبة 24%، والحبوب والخبز بنسبة 10%، والزيوت والدهون بنسبة 9%، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 23%، والفاكهة بنسبة 8.5%، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 10.5%، والسجائر المستوردة 17%.

ولم تقتصر الزيادة على السلع الغذائية، حيث كانت نسبة الزيادة السنوية في أسعار الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة 12%، والنقل والمواصلات 6%، والرعاية الصحية 13%.

وقال محللون اقتصاديون: إن الاضطرابات الأمنية التي انعكست على حركة نقل البضائع، وتفضيل بعض عدم السفر ليلاً بسبب المخاطر وتزايد تكلفة النقل، وراء ارتفاع الأسعار، بجانب زيادة أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، ما يزيد من تكلفة السلع المستوردة، التي تشكل النسبة الأكبر من غذاء المصريين.

وزاد ارتفاع الأسعار من الضغوط المعيشية على المصريين، ولا سيما في ظل تزايد معدلات البطالة، التي يقدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي بنحو 13.4% من قوة العمل في ديسمبر 2013، بما يعادل 3.6 مليون عاطل، مقابل 12.7% في الشهر نفسه من 2012.

على جانب آخر، تشير إحصاءات منظمة العمل الدولية إلى بلوغ البطالة في مصر خلال الأشهر الستة الأولى من الانقلاب العسكري 25% من قوة العمل، البالغة نحو 27.3 مليون فرد.

وتأثرت الأنشطة الاقتصادية لرجال الأعمال المعارضين للانقلاب نتيجة التحفظ على أموالهم، فضلاً عن انحسار حركة السياحة الوافدة الى البلاد، بالإضافة الى عدم تنفيذ الاستثمارات الحكومية على الرغم من تصريحات وزراء المالية في حكومتي الانقلاب عن تخصيص نحو 63 مليار جنيه ( 9 مليارات دولار)، ضمن خطتي تحفيز الاقتصاد بدعم إماراتي.

وفقدت الحركة السياحية الوافدة الى مصر خلال الثمانية شهور الماضية من عمر الانقلاب 40.4% مقابل الفترة نفسها خلال حكم، مرسي.

وبلغت الحركة السياحية الوافدة الى مصر خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى نهاية فبراير/ شباط 4.7 مليون سائح، مقابل 8 ملايين سائح خلال الشهور نفسها من حكم، مرسي.

وحسب بيانات وزارة السياحة، بلغت الإيرادات السياحية خلال النصف الأول من العام الماضي 4.4 مليار دولار، بينما بلغت 1.5 مليار دولار في النصف الثاني من العام، أي بعد 6 أشهر من الانقلاب.

وسجل الدخل الإجمالي السياحي لمصر خلال العام الماضي 5.9 مليار دولار، مقابل 10 مليارات دولار خلال 2012، بانخفاض بلغت نسبته 41%.

وقال، ناجى عريان، عضو مجلس الإدارة لغرفة الفنادق المصرية في اتصال هاتفي لـ" العربي الجديد": إن الحركة الوافدة سجلت أدنى مستوياتها في سبتمبر/ أيلول الماضي، بسبب التحذيرات التي أطلقتها دول أوربية عدة لمواطنيها من السفر الى مصر، خاصة عقب فض قوات الأمن بالقوة اعتصامي مؤيدي، مرسي، في ميداني النهضة ورابعة العدوية في الرابع عشر من أغسطس/آب، ما أدى إلى مقتل مئات المعتصمين وإصابة الآلاف.

وتعد الدول الأوربية أكبر مزود للحركة السياحية الوافدة الى مصر، إذ تستحوذ على 72% من إجمالي التوافد سنوياً.

وأصاب الانحسار في الحركة السياحية وايراداتها العديد من الصناعات بالركود، ولا سيما الأغذية والملابس والمفروشات، لتزيد من تراجع معدلات النمو، التي لم يشفع لها تخصيص حزمتي تحفيز اقتصادي.

وبلغ معدل النمو 1.4% خلال الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول 2013، مقابل 2.1% في نهاية يونيو/حزيران من العام نفسه.

وأشارت بيانات صادرة عن وزارة المالية إلى بلوغ قيمة الاستثمارات الحكومية خلال الشهور الثمانية الأولى من عهد الانقلاب، 22.5 مليار جنيه، بينما كان وزير التخطيط في عهد حكومتي الانقلاب قد أكد بلوغ الاستثمارات الحكومية خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي في يونيو/حزيران القادم أكثر من 95 مليار جنيه.

والاستثمارات الحكومية تتجه نفقاتها الى المرافق العامة والخدمات سواء صحية وتعليمية ومشروعات مياه شرب وصرف صحي وطرق وإنارة، وبالتالي عدم إنفاق الاستثمارات الحكومية يعنى تأخير استكمال المشروعات المفتوحة منذ سنوات في تلك المجالات، وصعوبة تمويل مشروعات جديدة في الأنشطة نفسها، حسب المحللين.

وبينما حصلت مصر على مساعدات خليجية تبلغ نحو 73 مليار جنيه (10.5 مليار دولار) عقب الانقلاب العسكري، إلا أن عجز الموازنة العامة، وهو الفارق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها بلغ نحو 124 مليار جنيه في الفترة من يوليو/تموز وحتى نهاية فبراير/شباط، حسب بيانات وزارة المالية، مقابل 146.5 مليار جنيه في الفترة نفسها من ولاية، مرسي.

كما ارتفع حجم الاقتراض المحلي خلال الشهور، من يوليو وحتى مارس 2014 إلى 645 مليار جنيه، مقابل 537 مليار جنيه في الفترة نفسها من ولاية، مرسي.

ومن خلال الارتفاع المطرد في الاقتراض المحلي، فقد استحوذت الحكومة على غالب الائتمان المحلى للبنوك، حيث أشارت بيانات البنك المركزي إلى تفضيل البنوك إقراض الحكومة وشراء ما تصدره من أذون وسندات، بينما تحجم عن إقراض القطاع الخاص، مما يزيد من الصعوبات التي يواجهها هذا القطاع.

كما قفز الدين المحلي إلى 1652 مليار جنيه في نهاية ديسمبر الماضي، بزيادة 124 مليار جنيه عن يونيو، وفق نشرة البنك المركزي لشهر فبراير 2014.

وارتفع الدين الخارجي في نهاية العام الماضي إلى 45.7 مليار دولار، بزيادة 2.5 مليار دولار على الرغم من الإمدادات الخليجية.

وبتقويم الدين الخارجي بالجنيه، وحسب سعر الصرف الرسمي في نهاية العام الماضي، فقد بلغ الدين الخارجي ما يعادل 317.5 مليار جنيه، بزيادة تعادل 17.5 مليار جنيه خلال الشهور الستة الأولى من الانقلاب، ليرتفع إجمالي الدين العام المحلي والخارجي في نهاية العام الماضي إلى 1969 مليار جنيه، بزيادة 141.5 مليار جنيه عن يونيو 2013.

وقال الدكتور، محمد عبد العزيز حجازي، خبير الاقتصاد المصري: يجب أن تضع الحكومة خطة اقتصادية سريعة، وعاجلة لترشيد الدعم والإنفاق، ودفع عجلة الإنتاج للسيطرة على عجز الموازنة وتنشيط المؤشرات الاقتصادية.

واعترفت وزارة المالية المصرية، أن حزم التحفيز الاقتصادي لم تنجح في إحداث أثر مالي على جانب معدلات النمو، وشعور المواطنين بها، بسبب إنفاق أغلبها على الأجور وسداد المديونيات.

وقال حجازي: إن معدلات العجز، والدين العام يقلق كثيراً من الخبراء .. لابد من خفض الدين وتقليل الإصدارات من أدوات الدين.

وتستدين الحكومة محليّاً من خلال سندات وأذون خزانة، على آجال زمنية مختلفة، فيما تعد البنوك الحكومية أكبر مشتر لهذه الديون.

والسنداتن هي أوراق مالية ذات قيمة معينة، يتم إصدارها لآجال زمنية طويلة، ويستحق سدادها بعد فترة تمتد الى سنوات عدة، وتشتريها الجهات الدائنة بغرض الاستثمار، حيث يتم احتساب نسبة فائدة على قيمة هذه الأوراق، فيما تعد أذون الخزانة أوراقاً مالية قصيرة الأجل، بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى 6 أشهر.

وقال أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي: إن ارتفاع إصدارات أدوات الدين المحلية على مدار الفترة من يوليو/تموز 2013، وحتى الآن يرجع إلى تراجع الإيرادات، وتزايد الاحتياجات التمويلية للحكومة، في ظل زيادة مخصصات الأمن لمواجهة التظاهرات المتواصلة الرافضة للانقلاب.

  • جدول يوضح أهم مؤشرات الاقتصاد في الأشهر الثمانية بعد الانقلاب والشهور نفسها من ولاية، مرسي.

 

المؤشر

من يوليو 2013 إلى فبراير 2014

من يوليو 2012 إلى فبراير 2013

 

نسبة ارتفاع الأسعار (التضخم)

11.8%

6.3%

 

معدل النمو

1.4%

2.1%

 

الاقتراض المحلي

645 مليار جنيه

537 مليار جنيه

 

الدين المحلي 

1652 مليار جنيه

1528 مليار جنيه

 

الدين الخارجي

45.7 مليار دولار

43.2 مليار دولار

 

البطالة

13.4%

12.7%

 

أعداد السائحين

4.7 مليون سائح

8 ملايين سائح

 

الدولار = 6.95 جنيه مصري.