الاشتراكي اليمني في السعودية: تحريك للمياه الراكدة

03 مايو 2016
يصبّ دخول الاشتراكي بخانة دفع مشاورات الكويت (فرانس برس)
+ الخط -
التحقت قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، أخيراً، بقطار قيادات الأحزاب والقوى المؤيدة للشرعية والمتواجدة أغلبها في العاصمة السعودية الرياض، بعدما كان الحزب حالة استثنائية بين الأحزاب، بفعل إعلانه موقفاً من تدخل التحالف العربي ومن حرب الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله في آن.

في هذا السياق، أفادت مصادر سياسية يمنية بأن الأمين العام للحزب، عبدالرحمن عمر السقاف، وصل، يوم الأحد، إلى العاصمة السعودية على رأس وفد يضم قيادات في الحزب. ولم يتم نشر أي تفاصيل رسمية حول الزيارة حتى مساء الإثنين، غير أن مصادر قريبة من الرئاسة اليمنية أظهرت اهتماماً وترحيباً بهذه الخطوة، لما يمثله الحزب الاشتراكي من ثقل سياسي، ظل منقسماً في المواقف خلال الفترة الماضية.

مع العلم أن أكثر من مصدر قيادي في الحزب تواصلت معه "العربي الجديد"، رفض التصريح حول هذه الخطوة وطبيعة الزيارة، بل ربط محللون بينها وبين التطورات السياسية والعسكرية على الساحة اليمنية، وفي مقدمتها أن الاشتراكي الذي يُعدّ ثالث أهم وأكبر الأحزاب في البلاد، ومع انطلاق محادثات الكويت بين وفدي الحكومة والانقلابيين، وجد نفسه خارج المحادثات المنوط بها أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة، وهو ما تطلب من قيادته أن يتوجه نحو طرف الشرعية ليأخذ موقعه معها في أي تسوية مقبلة.

إلى ذلك، جاء توجه السقاف إلى الرياض، في وقت لم يعد فيه الاتجاه مرتبطاً ارتباطاً محدداً بالحرب وتأييد العمليات العسكرية، بل دخلت البلاد عملياً مرحلة هدنة، الأمر الذي يجعل الحزب متخوفاً من اعتبار هذا التحول "انقلابا" على موقفه الذي أعلنه العام الماضي برفض التدخل العسكري الخارجي، ورفض الحرب التي شنها الحوثيون وحلفاؤهم الموالون لصالح، وانقلابهم على العملية السياسية.

من زاوية أخرى، لا يمكن قراءة تحرّكات ومواقف الحزب الاشتراكي وعلاقته بالرئيس عبدربه منصور هادي، بعيداً عن نقطة مركزية يعتبرها الحزب "خطاً أحمر"، وهي التقسيم الفيدرالي، إذ يرفض الحزب التقسيم الذي أقره مؤتمر الحوار الوطني إلى ستة أقاليم، على الرغم من كونه أول حزب يمني رفع صوته بالدعوة إلى الفيدرالية، غير أنه يطالب بفيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي.


وفي هذا الإطار، يرفض الحزب أي صيغة من شأنها تقسيم الجنوب إلى إقليمين، لأن ذلك يعتبر إنهاءً للقضية التي تبنّاها الحزب إبان حكمه، بتوحيد المناطق الجنوبية، وأي تقسيم إلى حضرموت وعدن، يهدد وحدة الجنوب، برأي الحزب.

من هذا المنطلق، تمسك الحزب الاشتراكي في مختلف بياناته خلال العام الماضي، بـ"اتفاق السلم والشراكة" الذي ترفضه القوى المناهضة للحوثيين، وكان السبب في تمسك الاشتراكي بهذا الاتفاق، هو أنه حمل بنداً يتضمن إعادة النظر بتقسيم الأقاليم، وكان الرئيس عبدربه منصور هادي في مقابلة منذ أشهر مع صحيفة "عكاظ" السعودية، أظهر ما يمكن اعتباره تلميحاً باحتمال التراجع عن فكرة "الأقاليم الستة" إلى خمسة أو ثلاثة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كان الاشتراكي الذي غادر نحو الرياض، قد تلقى إشارات إيجابية في هذا الجانب.

وكحزب مهم يعتبر نفسه الممثل للجنوب قبل الوحدة وأبرز من يرفع مطالب "القضية الجنوبية" بعدها، لا يمكن تفسير تحركات الاشتراكي وقادته بعيداً عن التحولات المهمة التي تشهدها المحافظات الجنوبية، إذ باتت عدن ومحيطها تحت إدارة قيادات محلية أغلبها كانت محسوبة على الاشتراكي والحراك الجنوبي.

كما تشهد حضرموت تحولاً مهماً ببروز قوة عسكرية من أبناء المحافظة، تمكنت من تحرير مدينة المكلا مركز المحافظة، وهو تطور قد يراه الاشتراكي سلاحاً ذا حدين، إما أن يساهم بترسيخ وحدة الجنوب أو بترسيخ حضرموت كإقليم بعيداً عن عدن.

يشار إلى أن الاشتراكي الذي يمتلك ثقلاً وتأثيراً سياسياً في الساحة اليمنية، لم يكن بعيداً عن الرئيس هادي تماماً خلال أكثر من عام مضى، بل كان منقسماً بعض الشيء، إذ تواجد الأمين العام السابق، ياسين سعيد نعمان، في الرياض، في الأشهر الأولى لـ"عاصفة الحزم"، قبل أن يتم تعيينه سفيراً لليمن في لندن، وكذلك تواجد الاشتراكي بصفة غير رسمية في العديد من المناسبات إلى جانب الرئيس.

وخلال محادثات "جنيف 1" التي رعتها الأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2015 وفشلت فشلاً ذريعاً، كان الاشتراكي حاضراً من خلال أمينه العام السقاف، الذي حضر من صنعاء بدعوة رسمية من الأمم المتحدة باعتباره حزباً سياسياً ناشطاً في اليمن. غير أن هناك من اعتبر هذا الحضور وتلبية الدعوة أمراً جعله أقرب إلى مشارك مع الوفد الحوثي، حين كانت الحكومة قد اشترطت أن يكون الحوار بين وفد حكومي ووفد عن الانقلابيين وليس بين قوى سياسية حول طاولة مستديرة.

ومع بداية الحرب العام الماضي، أعلن الاشتراكي مبادرة لإيقافها، يمكن الإشارة إلى أبرز ما ورد فيها بالتزامن مع الرؤى المطروحة على طاولة محادثات الكويت، وتضمنت المبادرة "الإيقاف الفوري للحرب على الجنوب (من قبل الانقلابيين)، وسحب القوات العسكرية والأمنية والمليشيات واللجان الشعبية المسلحة فورا من مدينة عدن ومختلف مناطق الصراع والاقتتال، وإيقاف الضربات الجوية والعمليات العسكرية للتحالف، والعودة للحوار الوطني الهادف إلى إنجاز تسوية سياسية مستديمة تجدد الثقة بالمشروعية السياسية التوافقية للشراكة في أجهزة السلطة المعنية بتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وفقا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وقرارات المجتمع الدولي ذات الصلة".